سباق محموم على رئاسة التجمع الوطني للأحرار الذي انطلق، أخيرا، بإعلان صلاح الدين مزوار ترشحه لولاية ثانية على رأس الحزب، وتداول اسم عضو الهاكا والقيادي في الحزب محمد أوجار، منافسا لمزوار في المؤتمر الوطني المقبل المنتظر عقده نهاية شهر أبريل.في السياق ذاته، ذكرت مصادر قيادية أن علمي ينوي الترشح إلى رئاسة الحزب، ويريد استقطاب الغاضبين في التجمع الوطني للأحرار بالبيضاء من أجل حشد الدعم له. مصدر من داخل اللجنة التحضيرية للمؤتمر، التي يرأسها محمد عبو، كشف أن محمد أوجار عبر هو الآخر، عن نيته المبدئية في الترشح في انتظار الإعلان الرسمي عنها في الأيام القليلة المقبلة. منافسة لا يبدو أنها ستكون من قبيل المشاركة الشكلية، ولا لإضفاء الطابع الديمقراطي على مجريات أشغال المؤتمر الوطني، المقرر عقده أيام 27 و28 و29 أبريل القادم بحضور ينتظر أن يتجاوز 2500 مؤتمر يمثلون مختلف جهات المغرب، على العكس من ذلك الصراع بين المرشحين سيكون على أشده يوضح المصدر نفسه. ما يدفع في اتجاه تساوي الحظوظ بين المتنافسين هو كون «التجمع الوطني للأحرار يسير في اتجاه العودة إلى نظرية الديقراطية المجتعية كما كان الحال في الثمانينيات من القرن الماضي مع البدايات الأولى للحزب والتخلي على مبدأ الليبرالية الإجتماعية التي جاء بها صلاح الدين مزوار عند انتخابه رئيسا قبل أكثر من سنتين » يقول المصدر ذاته كاشفا بأن الحزب دخل مرحلة العد العكسي للمؤتمر ، حيث ينظر أن تتواصل المؤامرات الإقليمية. المؤتمرات الإقليمية، التي سيتم تدشيها من الدارالبيضاء، ستوازيها عملية تعبئة شاملة لكل مناضلي الحزب في جميع جهات المغرب، وذلك من خلال قافلة تحسيسية لخمسين من شباب الحزب يكلفون بشرح أرضية المؤتمر القاضية بالعودة إلى مبدأ الديمقراطية الإجتماعي، المصدر نفسه أوضح بأن الأرضيات جاهزة وكذلك النظام الداخلي في انتظار عرضها على المؤتمر من أجل التصويت عليها. وقال مصدر مقرب من أوجار أن من بين العوامل التي دفعت أوجار إلى الترشح للرئاسة ،"الانحراف" الذي لحق مساره منذ تولي أقطاب الحركة التصحيحية زمام تدبير شأن "الأحرار"، مع ما صاحب ذلك من فقدان الحزب لهويته. وبرأي أوجار، يقول المصدر نفسه، فإن الحزب فوت فرصة تاريخية، كان بإمكانه أن يستغلها في تعزيز رصيده ومكانته في الحقل السياسي باعتباره حزبا قويا، خاصة في ظل ظروف مواتية، مهد لها الربيع العربي، وإقرار دستور جديد للمملكة، وانتخابات تشريعية كان بإمكان الحزب أن يتصدر نتائجها، ويكرس دوره في الإصلاح الذي انخرط فيه المغرب. وأضاف المصدر نفسه أن قيادة الحزب ارتكبت أخطاء من بينها فتح جبهة الصراع مع حزب العدالة والتنمية، وافتعال معارك ضد أحزاب كانت متحالفة معه في الحكومة السابقة، مثل حزب الاستقلال، إلى جانب تبني القيادة لأسلوب الطرد ضد كل من عبر عن توجه معارض لها داخل الحزب. وأشار المصدر، في هذا الصدد، إلى فشل قيادة التجمع الوطني للأحرار في كسب معركتها القضائية ضد عبد الهادي العلمي، الذي طٌرد من الحزب، في وقت سابق. وعاش الحزب، الذي يستعد لعقد مؤتمره الوطني أيام 26 و27 و28 أبريل المقبل، منذ خروجه إلى المعارضة على صفيح ساخن اتسم بتنامي الانتقادات الموجهة إلى القيادة، على خلفية الطريقة التي تدبر بها شؤون الحزب، ما دفع عددا من الأعضاء إلى الاستقالة، أو تجميد عضويتهم. وكان آخر اجتماع للجنة المركزية للحزب تميز بإعلان نجيمة غزالي طاي طاي، عضو اللجنة التنفيذية، استقالتها من موقعها القيادي، احتجاجا ضد الاستفراد بالقرارات، وتجميد الهياكل، وهيمنة دائرة ضيقة من القياديين على قرارات الحزب. وفجر عدد من أعضاء اللجنة المركزية، خلال الاجتماع المذكور، غضبهم في وجه صلاح الدين مزوار، بسبب الوضع التنظيمي وتجميد هياكله ومؤسساته، ما طرح العديد من علامات الاستفهام حول المسار الذي زُج فيه الحزب، والمآل الذي ينتظره. في السياق ذاته، دافع صلاح الدين مزوار، عن أداء الحزب، مشيدا بالحصيلة التي حققها منذ توليه رئاسته، مشيرا بهذا الخصوص، إلى النتائج التي حققها في الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي بوأته المركز الثالث، معتبرا التجمع الوطني للأحرار البديل للعدالة والتنمية، مستقبلا. وانتقد المجموعة التي تثير "الفتنة"، والتي سخرت كل الوسائل للنيل منه، وإيهام الرأي العام الوطني بأنه يمر بأزمة. وكان مزوار أكد، بالمناسبة نفسها، أن من يريد الترشح لرئاسة الحزب عليه أن يقدم برنامجا يضعه رهم إشارة التجمعيين، الذين ستكون لهم الكلمة في انتخاب الرئيس الجديد، أما من يسعى إلى تحديه والإطاحة به، لأنه ضده فقط، فذلك ما اعتبره "لعب أطفال". هذا وطالب قياديون في حزب التجمع الوطني للأحرار، بينهم أعضاء باللجنة المركزية وآخرون بالمجلس الوطني، رئيس الحزب، صلاح الدين مزوار، بتأجيل عقد المؤتمر الوطني الخامس للحزب، المقرر في 27 و28 و29 أبريل المقبل. وراسل هؤلاء الأعضاء، الذين عقدوا ندوة صحافية، السبت الماضي، بالدارالبيضاء، رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، ووزير الداخلية، امحند العنصر، للمطالبة بتأجيل المؤتمر استنادا إلى أن اجتماع اللجنة المركزية، التي حدد فيها تاريخه "انعقدت دون اكتمال النصاب القانوني". وهدد التجمعيون الذين حضروا الندوة باللجوء إلى القضاء، في حالة "عدم عقد لقاء مستعجل للمجلس الوطني الذي يبقى من صلاحياته انتخاب اللجنة التحضيرية، وتحديد تاريخ المؤتمر الوطني الخامس للحزب." وقالت مباركة بوعيدة، عضو المكتب التنفيذي للحزب، إن "تاريخ المؤتمر لم يتغير، وتعقد يوميا مؤتمرات جهوية لانتداب المؤتمرين، وهناك 3 لجان تشتغل على القانون الداخلي والشق السياسي، وأخرى مكلفة باللوجيستيك والاتصالات، وأفرزت مشروعا أوليا بخصوص استراتيجية الحزب، خلال المرحلة المقبلة أرسل إلى الجهات لمناقشته". وأضافت بوعيدة، بخصوص التحركات الداعية إلى تأجيل المؤتمر، أن هذه ا"لأصوات لا صدى لها داخل الحزب لأنها لا تتحدث بشكل رسمي، وتغرد خارج هياكل الحزب". وأشارت عضو المكتب التنفيذي إلى أنها تتوصل برسائل نصية قصيرة مجهولة المصدر لدعوتها إلى حضور لقاءات في سياق الحركة التصحيحية"، معلقة "لا أعرف من يقف وراء التشويش على الحزب، ومن يقودون هذه الحملة ليسوا أعضاء داخل الحزب، لأن وجوه الحزب وقياداته معروفة، وهؤلاء لا وزن لهم ولا يشكلون أغلبية، وجلهم لا تربطه أي علاقة بالحزب، وليسوا من الفعاليات المناضلة والمشاركة والفعالة داخله". وبخصوص تهديد المطالبين بتأجيل المؤتمر باللجوء إلى القضاء أكدت بوعيدة أن الحزب له نوع من الاستقلال الذاتي، وأنه حر في اختياراته الذاتية، وفي تحديد موعد مؤتمره الوطني ولا علاقة لرئيس الحكومة بالأمر، مضيفة أن اللجنة المركزية هي برلمان الحزب حسب القانون الأساسي، وهي "الجهة المخول لها تحديد تاريخ المؤتمر، وهو ما حدث بالفعل". وأبرزت أن التهديد باللجوء إلى القضاء والمطالبة بمجلس وطني لتحديد تاريخ المؤتمر "أشياء غير قانونية لأن متزعمي هذه الدعوات لا صلة لهم بالحزب".وكان حزب التجمع الوطني للأحرار قرر تأجيل مؤتمره الوطني، بعد أن حدد موعده في نهاية يونيو الماضي، لتزامنه مع الانتخابات التشريعية والاستفتاء على الدستور. وسط كل هذه الاحداث،إقليموجدة معقل الحزب ومكان تأسيسه ومدينة مؤسسه،لم تعرف وجهة مناضليه وموقفهم وسط كل هذا الزخم والتضارب في مواقف قيادات الحزب،هذه الاخيرة التي لم تنجب بعد رجلا يخلف سيرة المؤسس الأول ليعيد القيادة لبيتها الأول....