يكاد يجزم كل المتتبعين للشأن السياسي الوطني والمحلي أن صيف هذه السنة سيكون حارا وساخنا أكثر من المعتاد، فلا المكيفات الهوائية ستكون قادرة على التلطيف من حمى الاستعدادات لضمان تأشيرة المرور إلى قبة البرلمان،ولا فترات الاستجمام بالشواطئ والمسابح المصنفة بتصنيف الفنادق الواقعة بها ستفي بغرضها في التخفيف من حر هذه الفترة . جل السياسيين والمنتخبين والبرلمانيين الذين ألفوا حجز الغرف والشقق المفروشة بالمدن الشاطئية وطنيا أو دوليا، سيجدون أنفسهم مجبرين هذا الصيف على ممارسة مهنة التسكيف السياسي مع كامل الاحترام والتقدير للإسكافيين الحقيقيين الذين دأبوا على ترقيع أحذيتنا البالية وإصلاح المهترئ منها. إن نخبنا السياسية والحزبية في غالبيتهم سيتحولون إلى إسكافيين حزبيين يتقاسمون مع إسكافيي الأحذية جملة من الخصائص والمميزات، فبعضهم سيراهن في المحطات الانتخابية القادمة على الفقراء وضعاف الحال بشراء الأصوات والذمم، كما يراهن إسكافيو الأحذية على البائسين من المجتمع الذين يصلحون أحذيتهم المهترئة باستمرار عكس الميسورين والأغنياء الذين لا يتركون لحذائهم فرصة التقادم والاهتراء، إلا ما كان من بخلاء القوم وأكثرهم شحا، والبعض الآخر سيعمل على تزجية وقت هذا الصيف في اجترار خطاب الشباب وترديد ما حملته حركتهم الربيعية بمختلف تلويناتهم من مطالب وإصلاحات كان من نتاج هذا الحراك ما ننتظره من محطات مهمة كمحطة الاستفتاء على الدستور المعدل، والانتخابات التشريعية… وهذه ميزة أخرى يتقاسمها السياسي والإسكافي إذ هذا الأخير غالبا ما يكون بعيدا عن الخلق والإبداع، بل يقضي جل وقته في إصلاح ما أنتجه غيره بعد أن يكون عاملا المشي والهرولة قد فعلا فعلهما في الحذاء المهترئ البالي. إن الخطاب الجديد الذي ستعمل على اجتراره حتى الوجوه المبتذلة والمتورطة في ملفات فساد وإفساد، سيمتح قاموسه المعجمي من المطالب الإصلاحية التي نادت بها الحركات الشبابية وسيوظف لا محالة مصطلح إسقاط الفساد ومحاربة الرشوة وسيلقي باللائمة على سياسات بعينها وعلى رموز سياسية باسمها، إنها عقلية السوق ورجال الأعمال ومنطق التنافس بين الشركات، فالكل يريد الربح وتعميم الإنتاج، فهو بذلك سباق نحو السلطة بعقلية السوق عبر قنطرة الشباب المقهور الذي ستجند له كل الوسائل اللوجستيكية لإقناعه وخداعه، فالقلم جاهز، واللسان مستعد، والفكر في الخدمة، الحدث سيقع والخطاب سيتلى والتأييد والتصفيق ربما لن يتغيرا، إن الخطاب الكاذب تنقصه دوما المصداقية، وبتكراره لا يصدقه أحد ويصبح مثل الخطابات السياسية لما قبل هذه المحطة التي لم يعد يؤمن بها أحد. ما يخشاه الشرفاء والأحرار أن تمسخ مطالب الحركة الشبابية بواسطة هذه الثقافة الإسكافية التي أضحت ثقافة المجتمع المثلى.