لعل هذا الملف الذي أسال الكثير من المداد، يجسد تلك الفوضى في التسيير الإداري داخل مندوبية الصيد بأكادير، وهي الفوضى التي كانت مسنودة من مسؤولين داخل الإدارة المركزية، حيث ظلت مندوبية الصيد بأكادير، تشكل صندوقا أسود، تستفيد منه العديد من الأطراف، سواء جهويا أو مركزيا، ليدفع في النهاية ثمنها أشخاص ليسوا سوى واجهات يبدو أن فضائح مندوبية الصيد الببحري بأكادير، ستنكشف قريبا مع انطلاق مسلسل المحاكمات الأربعاء المقبل؛ بعد الشكايات التي رفعها رئيس مصلحة الصيد بنفس المندوبية، ونائب الكاتب العام النقابة الوطنية لموظفي الوزارة. وتتمثل مطالب رئيس المصلحة المذكورة، صلاح الدين العزوزي، في إيقاف تنفيذ قرار نقله من أكادير إلى مندوبية الجبهة، مع إعفائه من مهامه كرئيس مصلحة، ونقله كإطار عادي، وتتمثل مطلب شكايته الثانية في إلغاء القرارين السابقين، فيما ينتظر أن تنطلق قريبا أطوار شكايات أخرى، والتي سيطالب فيها العزوزي برد الاعتبار. وكان وزير الصيد البحري، قد أصدر قرارا بتاريخ 24 دجنبر الماضي، يقضي، إضافة إلى القرارات التأديبية الصادرة في حق العزوزي، بنقل مندوب أكادير إلى مندوبية طنجة. وإذا كان هذا الأخير رضي بالأمر الواقع، رغم غياب أدلة تدينه، ودفع ثمن إصراره على تطبيق القانون ضدا على رغبة الكاتب العام للوزارة؛ حين منع خروج حاويتين موجهتين إلى مالطا، وعلى متنهما 47 طنا من الأخطبوط الصغير الممنوع الصيد، فإن العزوزي رفض الخضوع والانصياع لقرارات الوزارة؛ باعتباره كان أكبر المتضررين، نتيجة حرمانه من مهامه، ونقله كإطار عادي، من دون احترام المسطرة القانونية التي تقتضي إحالته على المجلس التأديبي، وكذا المصادقة على تقرير المفتشية العامة. ولعل هذا الملف الذي أسال الكثير من المداد، يجسد تلك الفوضى في التسيير الإداري داخل مندوبية الصيد بأكادير، وهي الفوضى التي كانت مسنودة من مسؤولين داخل الإدارة المركزية، حيث ظلت مندوبية الصيد بأكادير، تشكل صندوقا أسود، تستفيد منه العديد من الأطراف، سواء جهويا أو مركزيا، ليدفع في النهاية ثمنها أشخاص ليسوا سوى واجهات، سواء تعلق الأمر بالمندوب الذي كان يعمل مباشرة تحت إمرة الكاتب العام، أو برئيس مصلحة الصيد بنفس المندوبية الذي تحمل وزر تلك الفوضى، عوض أن يتحملها المسؤولون الحقيقيون. وبعيدا عن تفاصيل التقرير التي تبقى مجرد جزئيات، فإن مسؤولية توزيع الوقود المدعم المخصص لقطاع الصيد البحري، ظلت موزعة بين المندوبية المذكورة، والمديرية الجهوية للجمارك، وبالتالي، لا يمكن بأي حال من الأحوال، تعليق كل الأخطاء في حال وجودها على شماعة مسؤول صغير داخل المندوبية، وجعله الشجرة التي تخفي الغابة. كما أن المسؤولية تفترض فتح تحقيق أوسع، ليس فقط داخل المندوبية، بل بين كل المتدخلين في الملف، بداية من السلطات المحلية، وانتهاء بالجمعيات المهنية. هذا، دون العودة إلى الحديث عن الشكوك التي طالت لجنة التفتيش نفسها التي لم تكن تستوفي جميع الشروط؛ علما أن جهاز المفتشية العامة ذاته، وكما سبق أن أشرنا إلى ذلك سابقا، يحتاج إلى عملية تطهير مستعجلة. كما أن انطلاق مسلسل المحاكمات، وانتقال الملف من شقه الإداري إلى شقه القضائي، من شأنه أن يكشف عن العديد من الخروقات، والمشاكل التي يعيشها القطاع، ليس فقط على المستوى الجهوي، بل أيضا على المستوى المركزي. ولعل النقطة المشتركة بين المندوب، ورئيس مصلحة الصيد، تتمثل في أن الأول كان ضحية مسؤولي الوزارة؛ حين أصر على تطبيق القانون، وأن الثاني كان ضحية بعض المسؤولين المركزيين والجهويين، وكذا بعض ممثلي الجمعيات المهنية، نتيجة وقوفه ضد تحقيق مآربهم الشخصية على حساب القطاع.