"سنة أولى جامعة" جملة سمعتها ربما ليس لأول مرة من أبي وهو يشحذ عزيمتي, وقد فهمت أنني مقبل على مرحلة جديدة في الحياة... مرحلة سأنتقل فيها من الثانوية وأصدقاء الطفولة... إلى الجامعة والاعتماد على النفس في كل شيء وأكثر من ذلك إلى مدينة غير مدينتي وبيئة غير بيئتي... من الحسيمة إلى وجدة... حصلت على الباكالوريا, وهي هنا تتويج لمسار حافل بالاجتهاد والمثابرة... شعبة أدبية جعلتني افتخر بها طيلة ثلاث سنوات وفي كل السنوات... صيف جميل ذاك الذي عشته فيصلا بين مرحلة الثانوية والجامعة، وكيف لا افرح وامرح وقد حصلت في بعض المواد على أعلى النقاط في الجهة أو في الأكاديمية... فعلا لم أكن اعلم حجم المسؤولية التي تنتظرني... تكويني الأدبي لا يخلو من تميز في المواد العلمية كالرياضيات والعلوم الطبيعية, وحصولي على أعلى معدل في مادتي اللغة العربية وآدابها والتاريخ والجغرافيا جعلني في مفترق الطرق, أيهما أتخصص فيه؟... أم القانون الذي طلب مني أبي أن أتخصص فيه لأسباب اجهلها حتى الآن؟... انه الفاتح من يوليو ولم تعد أمامي إلا أيام معدودات للحسم في التوجه. أختي التي سبق لها أن درست بجامعة محمد الأول بوجدة ساعدتني في ذلك لقد حسمت واخترت الشعبة... وكان علي أن أفكر في المسكن وكل ما يتطلبه العيش في مدينة غير الحسيمة التي الفتها, ربما هذا تمرين أولي من أسرتي كي ابدأ في الاعتماد على نفسي... أفضل اختيار آنذاك كان السكن رفقة أصدقاء الثانوية, في منزل قريب من الجامعة... بلغنا شهر شتنبر وبدأنا نسمع في الإذاعة والتلفزيون الحديث عن الدخول المدرسي ونحن متشوقون لسماع "الدخول الجامعي ربما رغبة في العلم او أملا في "التحرر".. حزمنا أمتعتنا وتوجهنا إلى مدينة وجدة غير الساحلية. المدينة الساخنة صيفا الباردة شتاء كما نسمع دائما... أول ما بدا به رفاقي هو البحث عن السجائر... ربما لان لا احد في المحيط سيخبر أهلهم... فيما بحثت أنا عن الأماكن التي الفت السماع عنها... الحي الجامعي... الريسطو أو المطعم الجامعي... المكتبة... المقصف... كلمات أصبحت الآن أماكن أتواجد بها... لم ابحث عن المحرمات ولم أتحرر... فكيف أتحرر وقد تربيت في أسرة كنت فيها حرا من الصغر... العم اختيار من اختياراتي الكبرى... والابتعاد عن كل رذيلة مبدأ لا نقاش فيه... نعم أسرتي تثق بي لأنني انا أثق بنفسي, فلم اقرب أي شيء مما فعله أصدقائي... ثابرت فنجحت... أن لكل من رسم طريقة بوضوح وعلى أسس قويمة هدفها سيصل إليه في يوم من الأيام... -------- ** طالب سنة أولى بالمعهد العالي للصحافة والإعلام بالدار البيضاء