أوراقها متفتحة حد التبعثر، اكتمل نضوجها وزاد جمالها، كما زاد تألق لونها وعبيره، ورغم انها تعرف ان نضوجها يعني اقتراب نهايتها اذ العمر قصير، الا انها قادرة على ان تحتفي بزهوة وجودها وروعة احساسها، فتراها لا تعاند الريح لان طول الوجود لم يعد يشغل بالها، لا يضيرها ان تعرف وتعترف بقانون الطبيعة، حتى تحيا حقها في الحياة دون تفريط في حقيقة وجودها وحقها بالتنفس. صار العمر يمضي بنا مجرد ايام نحسات ثقيله بالهم والعجز وكاننا جميعا مكبلين باحساس نهاية العمر، شبابا وشيبا نتحسر ونتمنى، محرومين من ان نتنفس هواء نقيا بعيون ضاحكة وغير دامعة حتى ندفع من عمرنا ثمن الحرية التي انقلبت الى فوضى وخيم ومخيمات يكابد نتائجها اطفالا فقدوا طفولتهم في بيئة جرداء لا لون فيها للربيع، ماضيا بهم العمر وهم يمارسون عجز الكبار واحلامهم حتى اصبحوا ببغاوات لامانيهم واحلامهم. صعب وغير مقبول ان تتجسد وتختصر احلام الطفولة في اولى ثمار الحرية المغناة، بامنية واحدة تتكرر على السنة الطفولة كما تتكرر على السنة الكبار من النساء والرجال ممن استقر بهم الحال في مخيمات اللجوء بسقوط الزعيم، ما اصعب ان تصبح عبارات الاطفال المرحة واحلامهم الملونة الملتوته بلغتهم الطفولية محمولة على السنتهم بغير وعي منهم يرددونها وكأنهم كبار بثوب الطفولة المنسي في عالمنا الثالث، عالم العوز والطفولة المشردة. عبثا تذهب كل محاولاتنا بالهروب من مستنقع الوجع الذي يأتينا من كل حدب وصوب، نتداول سير الموت وقد صار شأنا عاديا، حتى الوجع يمضي عاديا، نصيبنا من الفرح صار محدودا ما دمنا لا نستطيع التخطيط لانفسنا الا في حدود ايقاع الاذى بانفسنا كفعل عادي. نبحث عن السعادة التي اصبح لها يوما عالميا وفقا لقرار الجمعية العامة للامم المتحدة، حيث صار يحتفى فيها في 20 اذار من كل عام ونعجب من النسب المتقدمة التي نحصدها كعرب عالميا في ترتيبنا كدول عربية تنال حظها من السعادة لكن العجب يختفي اثره حين نعرف ان المفاضلة على السعادة تحسب ما بين السيء والاكثر سوء فيما بينهما. نحدق في الظلام، ربما خاطرا ينقذنا من هذا الوجع الذي يسكن ضمائرنا المتعبة التي ملّت اللون الاحمر واصوات المدافع. ليس لنا الا الرثاء ما دمنا لا نستطيع ان نفهم ماذا يجري من حولنا وهل نحن ضحايا ام جلادين باسم الحرية.