رئيس الجماعة يَزُف للجميع خبرا، لم يسبقه إليه أحد من الرؤساء السابقين، سَيُخَلده طويلا في ذاكرة الشغيلة الجماعية بآسفي، التي لن تنساه أبدا ما حييت، مشيرا وبكل أريحية أنه قرر الإقتطاع من أجور الموظفين المضربين، وأن كل موظف حَمَل جواب استفساره عبارة "كنت مضربا " سَيُقْتَطَعُ من أجره، معتبرا جوابا مثل ذلك، هو بمثابة تحدي للجماعة !! وكل من جاء جوابه غير ذلك، لن يُقْتَطَع من أجره، مضيفا أنه ملزم بذلك وإلا تلقى إنذارا أو عزلا من وزارة الداخلية إذا لم ينفذ !! كل من تتبع الجلسة الثانية من دورة أكتوبر للجماعة الحضرية لآسفي المنعقدة بقاعة الإجتماعات بمقر الجهة، يوم 21 نونبر 2012 على الساعة العاشرة صباحا، لابد أن يخرج بخلاصة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الجماعة الحضرية لآسفي تعيش على وقع أزمة خطيرة، ليس فقط بالنظر لحجم الديون المتراكمة منذ سنوات، والتي وصلت حدود 25 مليار وتقلصت هذه السنة إلى 13 مليار، والمصادقة على مشروع ميزانية 2013 بعجز مالي قياسي وصل إلى 08 مليار سنتيم، وهو ما يمكن أن يعيد إلى الواجهة سيناريو السنة الماضية ومسلسل حجز ميزانية الجماعة بوزارة الداخلية مدة ثمانية أشهر ولم يتم الإفراج عنها إلا في غشت 2012، ومطالبة وزارة الداخلية المجلس بأداء مستحقات الديون وإعداد ميزانية متوازنة خلال سنة 2013، ذلك أن دورة أكتوبر كشفت المستور وفضحت من أوكلناهم مسؤولية تسيير جماعتنا وحل مشاكلها المستعصية بدءا بمقاطعة مجموعة من المستشارين للدورة و بالغيابات المتكررة لعناصر من المكتب المسير لم تطأ أقدامهم قصر البلدية منذ سنوات دون أن يستطيع المجلس الحالي أن يفعل أي شيء، اللهم تكرار الأسطوانة التي مَلّ الجميع من سماعها و رمي الكرة في كل مرة في مرمى الأحزاب التي ينتمي إليها هؤلاء، حتى أن مُقَرّرات الدورات يتم التصويت عليها من قبل مجموعة قليلة جدا من المستشارين، علما أن القانون واضح في هذا المجال وضوح الشمس في عز النهار، حيث ينص على أن كل مستشار تغيب بدون عذر ثلاث مرات متوالية يحق للمجلس أن يتخذ في حقه العزل والحرمان من التعويضات التي يتقاضاها دون وجه حق. وقد ووجه رئيس المجلس في هذا الإطار بسيل من الإستفسارات، حيث هدد المستشار أحمد الخصالي بالإنسحاب من الدورة إذا لم يطبق القانون في حق هؤلاء، واصفا ظاهرة غيابهم ب " العبث والضحك على الذقون "، أما المستشارة السعدية عاطف التي غَيّرت حزبها إلى الحركة الشعبية فتساءلت بما يشبه التهكم بالقول "هل الميثاق الجماعي يلزم المستشارين بالحضور أم أنه اختياري في التطبيق؟" وفجر المستشار عبدالله فكار قنبلة من العيار الثقيل حينما أثار مشكل المستشارين الذين يتحايلون على القانون، حيث يوقعون في لوائح حضور الدورة ثم يتبخرون بعدها مثل الهواء، دون المشاركة في أشغالها . وقد أثارت قضية الإستفسارات المفاجئة وغير المسبوقة في تاريخ المجالس المحلية بآسفي نقاشا مستفيضا، والتي لم تفرق بين مضرب عن العمل وأصحاب الإجازات والرخص المرضية ورخص الولادة، والتي وزعت من طرف الرئيس على عجل و بشكل عشوائي، على حوالي 200 موظف مضربين محليا عن العمل، يوم 19 أكتوبر2012 ، اعتبرتهم الإدارة الجماعية " متغيبين بدون مبرر" طالبة من المعنيين تقديم توضيحات عن أسباب الغياب في ظرف 48 ساعة !! علما أن الرئيس يعلم علم اليقين أن أسباب إضراب الموظفين هو فشله في كل مرة في تنفيذ مضامين المحاضر التي وقع عليها بحضور السلطة المحلية، و التي وصلت خلال هذا المجلس إلى مستوى قياسي غير مسبوق، وعددها خمسة محاضر موقعة مع النقابات وفي إطار لجنة المتابعة!!، وتحديده في كل مرة لجدولة زمنية محددة للتنفيذ دون أن يستطيع التنفيذ، علما أن النقابات أعطت للمجلس العديد من الفُرَص والمُهَل الزمنية الكافية للتنفيذ. وقد تساءل المستشار عبد الله فكار قائلا " كيف يمكن أن توجه الإستفسارات للموظفين المضربين عن العمل بشكل قانوني دفاعا عن مطالبهم، ولا توجه الإستفسارات للأشباح من الموظفين الذين ليس أثر في مصالح الجماعة، إلا في آخر الشهر ويوم سحب الأجور أمام الشباك الأوتوماتيكي؟ ". ليقرر بعد ذلك الإنسحاب من الدورة احتجاجا على الغيابات والإنسحابات الكثيرة للمستشارين من الدورة. وحيث أن الرئيس وجد نفسه في مأزق حقيقي هذه المرة، من فرط تكرار نفس الأسئلة في كل دورة و المطالبة بتطبيق القانون في حق المستشارين المتغيبين دون عذر، فقد ضرب للجميع موعدا في دورة استثنائية في دجنبر المقبل، ستخصص للخروج بقرار موحد اتجاه ظاهرة غياب المستشارين، وتلاوة أسماء المستشارين المتغيبين. وفي معرض جواب الرئيس عن خلفيات الإستفسارات غير القانونية التي وجهها الرئيس للموظفين المضربين دفاعا عن مطالبهم العالقة منذ ثلاث سنوات، برر ذلك بالضغوط التي تمارسها وزارة الداخلية، من خلال الدورية التي توصل بها المجلس من وزارة الداخلية ورسالة لوالي الجهة في نفس الموضوع، ليزف للجميع خبرا، لم يَسْبقه إليه أحد من الرؤساء السابقين، سَيُخَلده طويلا في ذاكرة الشغيلة الجماعية، التي لن تنساه أبدا ما حييت، مشيرا وبكل أريحية أنه قرر الإقتطاع من أجور الموظفين المضربين امتثالا للدورية المذكورة، مؤكدا أن كل موظف حمل جواب استفساره عبارة " كنت مضربا " سيقتطع من أجره، معتبرا جوابا مثل ذلك، هو بمثابة تحدي للجماعة !! وكل من جاء جوابه غير ذلك لن يقتطع من أجره، مضيفا أنه ملزم بذلك، وإلا تلقى إنذارا أو عزلا من وزارة الداخلية إذا لم ينفذ !! ، نهمس في أذن الرئيس لنقول له كيف تقتطع من أجور الموظفين وقد وقّعْتَ بالأمس القريب على محضر مع النقابات ينص صراحة على احترام الحريات النقابية؟ ألم تعلم أن وعد الحر دين عليه؟ ثم إننا لم نسمع قط أبدا أن رئيسا أُنْذر أو عُزل لأنه لم ينفذ قرار الداخلية. فَلم العجلة على الإقتطاع من أجور الموظفين الهزيلة ؟ ثم أليس قرار الإقتطاع مسا بالإستقلال المالي والإداري للجماعة ؟ و ألا يعتبر خرقا للدستور الذي يعتبر الإضراب حق مضمون؟ وقد أصدر المكتبان النقابيان بالجماعة الحضرية لآسفي ييانا للرأي العام، حَمَل توقيع كل من الإتحاد الوطني للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل،(قبل سماعهم هدية الإقتطاع) جاء فيه أنه " بالرغم من الطلبات المتتالية من أجل الجلوس إلى طاولة الحوار لحل المشاكل العالقة للشغيلة الجماعية، لازال الرئيس يصر على سد باب الحوار ونهج أساليب التضييق على الحرية النقابية، عندما لجأ في سابقة تاريخية إلى توجيه استفسارات للموظفين الذين يحضرون وباستمرار لمقرات عملهم، يوم إضراب 19 أكتوبر 2012 بسبب عدم تنفيذ الإتفاقات الموقعة من طرف الرئيس، كما سجل المكتبان النقابيان أن الإستفسار في حد ذاته يعتبر شكلا من أشكال التضييق على حرية الممارسة النقابية كحق دستوري، مضيفين أن الإستفسار مبني على لوائح الحضور المطعون في مصداقيتها الإدارية، لكونها غير مُعَمّمَة على جميع المصالح ولا تُعْتَمد في جميع أيام العمل، ناهيك عن تزامنها مع احتجاجات وإضراب الشغيلة ". واستطرد البيان أن" الإستفسارات لم تُوجه قط للأشباح الذين لا تطأ أقدامهم مواقع العمل، كما اعتبروا الإستفسار محاولة للتهرب من تنفيذ المطالب العادلة للشغيلة مثل: صرف ما تبقى من ترقيات 2007 و 2008 و 2009 و 2010 ، وحذف السلاليم الدنيا، والتعويض عن الساعات الإضافية لسنوات 2010 و 2011 و 2012، وتوفير الحماية الأمنية لموظفي الحالة المدنية واحترام الحقوق النقابية وصرف التعويض عن الأقدمية، وتوفير وسائل العمل، وصرف التعويض عن الأشغال الشاقة والملوثة، والتعويض عن الأمر بمهمة ... " ليخلص البيان على أن المكتبين النقابيين سيدخلان ابتداءا من يوم 22 نونبر2012 في اعتصام أمام مكتب الرئيس، ووقفة احتجاجية يوم الأربعاء 28 نونبر 2012 أمام قسم الموارد البشرية. ولعل نقطة الضوء الوحيدة في دورة أكتوبر 2012 والتي لم تثر نقاشا حقيقيا بالمجلس، هو العرض القيم الذي ألقاه رئيس مصلحة الإتصال بالجماعة محمد أنيق، حول ميثاق التواصل بالجماعة الحضرية لآسفي، والذي كان خلاصة عشرات الورشات التي أشرفت عليها usaid منذ سنة 2011 ، بشراكة مع الجماعة الحضرية لآسفي، وبمساهمة فعالة من فريق العمل الجماعي للإتصال، والتي توجت بمشروع الرؤية الإستراتيجية للتواصل، تحت شعار " التنظيم والإنفتاح والتعاون والشفافية والتخليق هي أسس تحسين العمل والأداء الجماعي خدمة لتنمية آسفي " تضمنت محاور تتعلق بالسياق العام للمشروع، ومرجعياته، وعملية التشخيص، ووضعية التواصل، والأهداف الإستراتيجية والإجرائية على المستوى الداخلي والخارجي، والصورة المرتقبة لجماعة آسفي، والمستهدفون من المشروع، ومجالات التواصل بجماعة آسفي، والعمليات ومستويات التدخل، ومبادئ وشروط الفعل التواصلي وقواعد السلوك التواصلي بالجماعة، وخطة العمل التواصلي، ليختم العرض بورقة حول التعريف بالمخطط الجماعي للتنمية 2011 – 2016، ويوجه بعدها الدكتور عبد اللطيف بن صفية أحد الأساتذة المؤطرين للمخطط الإستراتيجي للتواصل للجماعة كلمة موجزة، معتبرا " أن رؤية التواصل للجماعة الحضرية لآسفي تساوي حوالي 30 إلى 50 مليون سنتيم، وقد أنجزها فريق العمل الجماعي بالمجان ". ليبقى السؤال معلقا، هل سيجد هذا المشروع الهام طريقه للتنفيذ، أم أن مصيره سيكون لا محالة مثل مصير غيره من المشاريع التي لازالت حبرا على ورق؟ وللتذكير فقد صادق المجلس خلال هذه دورة اكتوبر 2012 على مشروع الميزانية لسنة 2013، وانتخاب ستة أعضاء ينضاق إليهم الرئيس كممثلي المجلس الجماعي بالمجلس الإداري لشركة المحطة الطرقية، والموافقة على كناش التحملات لاستغلال مطاعم بسيدي بوزيد. وخارج قاعة الإجتماعات التي انعقدت بها الدورة وبحضور قوات الأمن، كانت حناجر اللجنة الموحدة للمعطلين بآسفي، ترفع أصواتها عالية بالشعارات، مستنكرة مسلسل ما أسموه " المماطلة والتسويف وسد باب الحوار في وجه اللجنة الموحدة للمعطلين بآسفي " حيث وزعت اللجنة في هذا الإطار بلاغا " يحمل المسؤولية الكاملة للرئيس والمجلس البلدي في عدم إخراج الوعود الإنتخابية إلى حيز الوجود، وتنفيذ محاضر اللجنة الموحدة للمعطلين، ومحاربة الموظفين الأشباح " وتفعيل ما وصفوه ب " المخطط التنموي الإجتماعي للمدينة " ، كما استنكروا " سياسة الهروب إلى الأمام عبر تفويتات الملك العمومي الجماعي، لمن أسموهم ب "لوبيات الفساد بالإقليم " وكذا " تشبتهم بالملف المطلبي في شموليته مثل الوظيفة العمومية والتعويض عن البطالة( حديقة جمال الذرة ومحلات طهي الأسماك وأراضي الكارتينغ ومحلات تجارية بالسواق البلدية ومواقف السيارات .. ).