أينما كنت اليوم في لندن وحيثما وجدت، فإنك لن ترى ولن تسمع شيئا آخر سوى الألعاب الأولمبية، التي تم إعلان افتتاحها الرسمي اليوم الجمعة 28 يوليوز الجاري عند حدود الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي (التاسعة بتوقيت باريس). وأينما كنت في بريطانيا، فإنك ستسمع دقات ساعة "بيغ بن" العريقة تضم صوتها ونغمها إلى كل أجراس كنائس البلاد وأجراس الدراجات والأبواب مدة ثلاث دقائق، من الساعة 8.12 إلى 8.15 صباحا، ليستيقظ الجميع على وقع أولمبياد سيشاهد حفل افتتاحها أكثر من مليار متفرج عبر شاشة التلفزيون ونحو 70 ألف شخص في الملعب الأولمبي بمنطقة ستراتفورد، شرقي لندن، بينهم ما لا يقل عن 120 رئيس دولة وحكومة. بريطانيا كالرجل الواحد ولا شك أن بريطانيا ستقف كالرجل الواحد وهي تصفق وتهتف فور دخول السير كريس هوي وهو اسكتلندي وبطل سباقات الدراجات الهوائية وصاحب أربع ميداليات ذهبية في الألعاب الأولمبية، ثلاثة منها في بكين، الملعب حاملا علم بلده. وستهتف ويهتف معها العالم شعارات ورموز "الرياضة والتقارب والأخوة"، كما قال ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني للصحافة. وكانت بعض الجرائد اللندنية وصفت حفل الافتتاح بأنه "أكبر عرض في العالم"، مفتخرة بأن يكون مخرجه ومصممه ومؤلفه المخرج السينمائي داني بويل. ولا بأس إن لم تكن تعرف الكثير عن بويل، فهو ببساطة مخرج فيلم اسمه "سلامدوغ مليونير" (المليونير المتشرد) أنتجه في 2008 بميزانية محدودة مع ممثلين غير معروفين ولم يكن من المقرر عرضه في الصالات، إلا أنه نال إعجاب الجماهير ورضاهم ونال إعجاب هوليود إلى درجة أنه منح للفيلم ثماني جوائز "أوسكار" في فبراير/شباط 2009. ويروي "المليونير المتشرد" قصة يتيم يقيم في مدينة صفيح في بومباي ويفوز ببرنامج مسابقات تلفزيوني، وهذا ما يتماشى مع رسالة الألعاب الأولمبية وتاريخها، أي أنك أيا كنت فبإمكانك أن تصنع بطولتك بنفسك ويمكنك أن تولد في مكان بعيد لا يعرفه أحد أو أن تعيش وسط البؤس والفقر إلا أنك ستصبح إن أردت بطلا مثل غيرك بفضل العمل والإيمان بأن كل شيء ممكن. فصول "عاصفة" شكسبير بدأت في القرن 16 وتستمر في الألفية الثالثة هذه الرسالة وجدها بويل واستلهمها من مسرحية "العاصفة" لمواطنه الشهير وليام شكسبير -المتوفى في 23 نيسان/أبريل 1916- وهي مسرحية من خمسة فصول تعد من آخر أعمال رجل المسرح البريطاني العبقري في 1611 وتدور حول السلطة والحرية. وسيتضمن حفل الافتتاح لوحة للريف البريطاني التقليدي تكون في دور البطولة فيها حيوانات منها خيول ومعز وغنم وبقر. وقد استاء بويل للتسريبات الإعلامية بشأن "حفله"، الذي يشارك فيه عشرة آلاف متطوع. وإن كانت رغبة بريطانيا كغيرها من البلدان التي سبقتها في استضافة الألعاب الأولمبية هي إبراز قدرتها على تنظيم كبرى التظاهرات لتؤكد بأنها لا تزال دولة عظمى، إلا أن مشكلة النقل والمواصلات التي فشلت في احتوائها نالت من سمعتها بعض الشيء، خاصة بعد إعلان تقليص زمن حفل الافتتاح لضمان عودة الحاضرين إلى منازلهم وأماكن إقامتهم باستخدام القطارات والحافلات وقطارات الأنفاق. وقد أفادت هيئة مواصلات لندن بأنها أجرت تغييرات على حركة سير القطارات وعلى مساراتها لتفادي وقوع الازدحام، فيما شجعت المؤسسات والشركات الكبرى موظفيها على استخدام الدراجات أو حتى الأقدام للالتحاق بأماكن عملهم 10500 رياضي يتنافسون في 300 مسابقة ويشارك في ألعاب لندن 2012 تحديدا 10500 متنافس يمثلون 204 وفود يتنافسون من خلال 302 مسابقة في 26 نوعا من الرياضة. وسيسهر على استتباب الأمن خلال هذه التظاهرة 24 ألف شخص بينهم آلاف العسكريين، فيما بلغت ميزانية التظاهرة 9 مليارات جنيه إسترليني، أي نحو 11 مليار يورو. وسيدور التنافس حول صدارة جدول الميداليات بين الصين، التي حلت في المركز الأول قبل أربع سنوات في بكين بحصولها على 100 ميدالية منها 51 ذهبية أمام الولاياتالمتحدة ب110 ميدالية منها 36 ذهبية وروسيا ب 72 ميدالية منها 23 ذهبية، وجاءت بريطانيا رابعة ب 47 ميدالية منها 19 ذهبية. وحفظت تونس ماء وجه البلدان العربية بإحرازها ميدالية ذهبية واحدة نالها السباح أسامة الملولي في سباق 1500 متر سباحة حرة ** المصدر: فرانس 24