قامت أجهزة الأمن التونسيّة في الأيام الأخيرة بحملة تهدف إلى ضبط الأمن والحدّ من الانفلات الذي تشهده العديد من مناطق العاصمة، يأتي ذلك في ظل تصاعد ملفت لتذمّر المواطنين من مظاهر السطو والاعتداءات التي يتعرضون لها في مختلف الفضاءات من أسواق وأنهج ومحلات ووسائل نقل..، ما جعل من التدخل الأمني الناجع حاجة ملحّة لوقف هذه التجاوزات الخطيرة والمتكررة. العمليات التي نفّذها العشرات من أعوان الأمن ركّزت خاصّة على محطات المترو الخفيف وحافلات النقل العمومي في محاولة للحدّ من جرائم النشل والسرقة والاعتداء والتصدّي لظاهرة الركوب المجاني التي باتت تهدد شركات النقل بخسائر فادحة، وقد تمّ خلال هذه العملية إلقاء القبض على العديد من المطلوبين والمتلبّسين بالسرقة والاعتداء إضافة إلى حجز كميّات من الزطلة والجعّة وبعض المسروقات. الأمر إلى هذا الحدّ يبدو عاديا يندرج ضمن الحالة الأمنيّة المترددة والتي عادة ما تتلو الثورات أو التغييرات السياسيّة العميقة، إنّما الذي خرج عن المألوف هو ذلك الموقف الغريب الذي صدر من شخصيّة "حداثيّة " مثل رجاء بن سلامة عضو رابطة العقلانيّين العرب والتي عُرفت بدفاعها عن سلة من الحريات الجنسيّة والدينيّة والمثليّة ..، وما لبثت أن ضمّت لهم الدفاع عن الحرية السياسيّة بعد ثورة 14 جانفي ورحيل الجنرال ونزول طائرته في جدة والافصاح عن نيّته في الاستقرار هناك وعزمه عزما أكيدا على أن لا يعود إلى تونس مثلما لا يعود اللبن إلى الضرع، هذه السيّدة اغتاظت وأزبدت لأنّ رجال الأمن صادروا المئات من قوارير الجعّة والخمر التي يحملها البعض إلى منازلهم أين يتاجرون بها وكثيرا ما يستعملون بناتهم وأبناءهم في تسويقها للمدمنين والمنحرفين وما يعنيه ذلك من تعريض الطفولة البريئة لخطر الابتزاز والاستغلال وحتى الاعتداء بشقيه.. رجاء بن سلامة اعتبرت ذلك تدخلا في الحريات ومقدمات لاستهداف الثروة الوطنيّة من المشروبات الروحيّة، كما اعتبرته اعتداءا على تراث البلاد وتقاليد الكثير من الناس في المأكل والمشرب، ثم وبعد أن لوّحت بالتهديد والوعيد ذكّرت الجميع بأنّ من شعارات الثورة التونسية الكرامة والحرية، ولا أدري ولا أظنّ أنّ أحدا يدري بأمر هذه السيّدة التي تنتمي إلى فصيلة العقلانيّين العرب وكيف سوّل لها عقلها فربطت بين الكرامة التي تزيّن الإنسان وتسمو بعقله وبين البيرة والرّوج والشراب الذي يشين صاحبه ويذهب عقله.