وضاح خنفر: إن الفضائيات لم تصنع الثورات العربية ولم تكن تتوقع اندلاعها (الجزيرة نت) شهد ملتقى المدافعين عن حرية الإعلام في العالم العربي المنعقد بالأردن نقاشا ساخنا حول دور الإعلام في تغطية الثورات العربية، وهل كان دوره ناقلا للأحداث أم محرضا عليها. وشارك في النقاش في اليوم الثاني للملتقى الذي ينظمه مركز حماية وحرية الصحفيين قيادات إعلامية عربية، ناقشوا تعامل الفضائيات العربية مع الربيع العربي. وقال المدير العام السابق لشبكة الجزيرة وضاح خنفر إن الفضائيات لم تصنع الثورات العربية ولم تكن تتوقع اندلاعها، بل إن الثورات اندلعت فيما كانت الفضائيات مشغولة بقضايا ثانية ولم تنتبه لهذه الثورات إلا بعد أن توسعت. وركز على أن الجزيرة طبقت قواعدها المهنية فيما يتعلق بالأخبار، لكنها قررت الانحياز للناس وما يتعرضون له من اضطهاد، معتبرا أن لدى المشاهد العربي "رادارا" يبقيه أمام فضائيات امتهنت الحقيقة، بينما انصرف عن أخرى تزورها. واعتبر خنفر أنه لم يكن للفضائيات التمسك ببعض الشكليات المهنية بعد أن امتنعت الحكومات عن الظهور فيما كانت الصور والشهود من الشعوب التي خرجت للشارع. واعتبر خنفر أنه لا توجد مقاييس كيميائية لطريقة تغطية الأخبار وترتيبها في النشرات، وإنما خضعت التغطيات للوزن الإستراتيجي لمكان الحدث وأهميته وانعكاساته ومآلاته، وأضاف "حضور الإنسان ركيزة أساسية في توجهنا نحو التغطية"، مشيرا إلى أن مصر ثم سوريا حازت على التغطية الأكبر نظرا لوزن هاتين الدولتين الإستراتيجي المهم. وقال إن الجزيرة لم تكن منحازة في تغطياتها إلا للناس ومطالبتهم بالحرية، محذرا الصحفيين من أن "الدول ليست جمعيات خيرية"، ودعا الصحفيين للحذر من أن تكون أقلامهم وكاميراتهم جزءا من وزارات الخارجية للدول. صنع الثورات وبدوره اعتبر الإعلامي في قناة العربية محمد شبارو أن الادعاء بأن الإعلام هو من صنع الثورات العربية "شرف لا أعتقد أن الإعلام العربي أو الدولي يستحقه". وقال شبارو إنه لم يكن لدى أي غرفة أخبار ورقة تفيد بكيفية التعامل مع الثورات التي فاجأت الجميع، وهو ما أدى للارتباك أحيانا نظرا لكون الأحداث كانت متسارعة وفي أكثر من دولة في وقت قصير وغير مسبوق بالنسبة لغياب الصورة والصحفيين المستقلين عن عدد من الدول التي شهدت الثورات. ومن جهته قال رئيس تحرير قناة فرانس 24 أحمد كامل إن الثورات سبقت الجميع في العالم العربي سياسيين وإعلاميين وحتى متنبئين. وتحدث كامل عن المشكلة التي واجهت الإعلام في تغطية الأحداث في سوريا، حيث تغيب وكالات الأنباء المستقلة ولا ينقل المشهد إلا صحفيون وأشخاص يطلق عليهم محللون سياسيون كلهم تابعون للنظام ووظيفتهم إنكار الواقع. وقال "قبل عام كان رصيد سوريا من الصور صفرا، وعندما جئنا لعمل تقرير عن مجازر حماة مطلع الثمانينيات والتي قتل فيها 38 ألف سوري لم نحصل على أي صورة". واعتبر كامل أن الفضائيات تعاملت مع شهود العيان ومع الكم الهائل من الصور، ومع الوقت بات شهود العيان مراسلين لها واضطرت بعض الفضائيات لتعليمهم كيفية التصوير مما ولد سؤالا مهما إن كان دور الفضائيات تعليم المحتجين كيف يلتقطون الصور. معايير المهنة واعتبر الصحفي عادل سليمان من قناة البي بي سي أن اختيار زوايا التصوير والضيوف والمحللين ونوعية السؤال هو موقف وانحياز يجب إخضاعه للمعايير المهنية. وخلال النقاش لم يتوانَ نشطاء عن دعوة الإعلام العربي للانحياز وعدم تطبيق قواعد مهنية في مواجهة بين الضحية والجلاد. غير أن السياسي المصري وحيد عبد المجيد اعتبر أنه من المبكر جدا تقييم أداء الفضائيات والإعلام العربي، وأن هناك فضائيات قدمت تغطية متميزة مقابل أخرى كانت تغطيتها سيئة "فكان هناك جزر قليلة متقدمة في محيط متخلف". وقال عبد المجيد للجزيرة نت "الإعلام العربي في معالجته للثورات العربية كان متناقضا وهذا أمر طبيعي بوجود إعلام عام وخاص، وإعلام ركز على كل الثورات فيما كان هناك إعلام يتجاهل ما يجري عنده ويغطي ثورات في دول أخرى". وبرأيه فإن الثورات العربية تمر الآن بفترة انتقالية بعد مرحلة استثنائية وإن الرهان سيكون على تغطية الإعلام العربي للانتخابات الحرة التي تلي الثورات، وهي تجربة جديدة على الإعلام العربي الذي لم يتعود على تقديم التغطيات للانتخابات التعددية في العالم العربي. وكان لافتا أن مشاركين قدموا من سوريا أحجموا عن الحديث لوسائل الإعلام خوفا من أن يلاقوا مصير المدونة رزان غزاوي التي اعتقلها الأمن السوري على الحدود مع الأردن لحضور هذا المؤتمر. وفي أحاديث خاصة اعتبر بعض المشاركين السوريين أن ما تنقله الفضائيات العربية عن أحداث سوريا هو الحقيقة فيما اعتبروا أن الإعلام السوري بات "متمرسا بالتضليل". ------------- ** المصدر: الجزيرة نت