"انتهى الكلام .. وماذا بعد؟"، عبارة تُلخّص الوضع السياسي وحالة الترقّب السائد، بعد بلاغ الديوان الملكي، ليلة الأربعاء، الذي أنهى مهام عبد الإله بنكيران لتشكيل الحكومة، وإعلان الملك عن تعيين شخصية أخرى من حزب العدالة والتنمية دون ذكر إسمها لاستئناف مشاورات جديدة مع الأحزاب، في تأويل انفردت به المؤسسة الملكية للفصل 47 من الدستور، مما يطرح تساؤلات حول دلالات هذا التأويل، وماذا بعده؟ جواباً على ذلك، يرى محمد الغالي، المحلل السياسي، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، أن منذ تكليف عبد الإله بنكيران بتشكيل الحكومة، كان الحديث يتردد حول فصلين من الدستور، الفصل 42 الذي يجعل الملك رئيساً للدولة والضامن لاستمرارها وسير مؤسساتها، والفصل 47 الذي يعطي للملك صلاحية اختيار شخصية من الحزب المتصدر لانتخابات مجلس النواب وبناءً نتائجها. وأضاف الغالي في تصريح ل"نون بريس" أنه عندما تعثر تشكيل الحكومة، أصبح الحديث عن ضرورة إعطاء تأويل للفصل 47 ، كونه لا يحتمل تفسيراً واحداً بأن الحزب الذي يتصدر الانتخابات هو الذي يملك الحق في تشكيل الحكومة بشكل جامع مانع، إذ يمكن المرور إلى الحزب الذي حصل على الرتبة الثانية في حال فشل أو عجز الحزب الأول عن تشكيل الحكومة. لكن الذي ظهر، حسب الدكتور غالي، أن التوجه العام لم يرتح للتأويل الذي يسمح بتكليف الحزب الثاني بتشكيل الحكومة، مع وجود كتلة تعتبر ان منح رئاسة الحكومة للحزب الثاني تمس بالمنهجية الديمقراطية وبالتالي ستكون ردّة على الإصلاحات التي جاء بها دستور 2011، وعليه يقول المحلل السياسي: "فإن تكليف شخصية ثانية من حزب العدالة والتنمية فيه توفيق بين الفصل 42 والفصل 47، فبعد مرور خمسة شهور والدخول في الشهر السادس، لا يمكن لهذا التعثر أن يستمر إلى ما لا نهاية، ولا يمكن لحسن سير المؤسسات أن يبقى مرهونا أمام عجز رئيس الحكومة المكلف بتشكيل أغلبية تساعده على تشكيل الحكومة التي ستعينه على إدارة البلاد، بالتالي فإن تعيين شخصية ثانية من نفس الحزب يوفق بين صلاحيات الملك وأيضا قيامه بمسؤولياته الدستورية التي تضمنها الفصل 42، والمتعلقة بضمان سير الدول والحفاظ على المؤسسات". واعتبر الأستاذ الجامعي أن "الملك تقيد باحترام الخيار الديمقراطي وحصر مبادرته في الحزب الذي تصدر الانتخابات". وعن تعامل حزب العدالة والتنمية مع هذا المستجد، قال الغالي أن "في لحظة ما كان الوقت يعمل لصالح حزب العدالة والتنمية، لكن الآن مع تكليف شخصية ثانية من نفس الحزب أصبح الضغط عليه أكثر وحتى الوقت لم يعد في صالحه"، مضيفاً أن على حزب العدالة والتنمية أن "يخرج من المنطق الصدامي الذي كان سائداً إلى منطق توافقي أكثر برغماتية في تشكيل الحكومة، وعليه فإن الشخصية التي يرتقب تعيينها عليها أن تتميز بالفهم الجيد لموازين القوى الجديدة لأن الوقت والسياق ليسا في صالح الحزب، ولا يمكن أن يستمر تعطيل المؤسسات، في غياب قانون المالية لهذه السنة والذي سيؤثر بشكل كبير على السنة المقبلة 2018".