لما قتل يحيى العدام ، ولي الأمر من بعده يحي ابن إدريس ابن عمر ابن إدريس ,فبايعه أهل فاس ,وامتد ملكه لسائر المغرب الأقصى . عرف يحي بأنه واسطة عقد البيت الإدريسي وأعلاهم قدرا وأبعدهم ذكرا وأكثرهم عدلا وأغزرهم فضلا وأوسعهم ملكا وكان فقيها للحديث ذا فصاحة وبيان ،بطلا شجاعا حازما ذا صلاح ودين .قال ابن خلدون "لم يبلغ أحد من الأدارسة مبلغه في الدولة والسلطان إلى أن طما ملكه عباب العبيديين القائمين بإفريقية فأغرقه ". زحف مصالة بن حبوس قائد العبيديين من الشيعة سنة 305 ه إلى المغرب الأقصى وانتهى إلى فاس ، فقاد يحيى ابن إدريس جيشا من العرب والبربر والموالي لمواجهة مصالة ودحره عن المدينة، والتقوا بالقرب من مكناس فانهزم يحيى وعاد إلى فاس ،ثم تقدم مصالة إلى فاس وحاصرها إلى أن صالحه يحيى مقابل مال يؤديه إليه وعلى البيعة لعبيد الله المهدي ،فقبل يحيا الشرط وتم الإبقاء عليه في فاس يقوم على أمرها دون غيرها . أضحت دولة الادارسة تحت رحمة العبيديين الذين ملكوا المغرب الأقصى .وكان يومئذ تحت ولاية موسى ابن العافية ،الذي كان حاقدا على يحيى ابن إدريس لعلمه بحسبه ونسبه وفضله ودينه فتحين الفرصة المناسبة ليوقع بين مصالة وبين يحيى وما إن قدم مصالة إلى المغرب الأقصى قادما من تونس حتى أوغر صدره عليه موقعا بينهما الضغينة . في غضون ذلك خرج يحيى ابن ادريس للقاء مصالة على مشارف فاس للسلام عليه بحضور جماعة من وجهاء دولته ،فقبض عليهم مصالة وقيد يحيى بالحديد وتقدم إلى فاس فدخلها ويحيى بين يديه موثقا على جمل ثم عذبه بأنواع العذاب ،فاستولى على ماله وذخائره ثم نفاه إلى نواحي أصيلا ،وقد ساءت حاله وانفض جمعه فأقام عند بني عمه بالريف ،مدة من الزمن وأعطوه مالا وزودوه بما يحتاج ليعين به حاله ،فلم يرضى ذلك لنفسه وارتحل عنهم قاصدا تونس ،إلا أنه صادف في طريقه موسى ابن العافية وسجنه ما يقرب من 20 سنة ثم أطلق سراحه بعد ذلك . خرج يحيى من سجن موسى ابن العافية وقصد بلاد تونس وهو فقير وقد بلغ منه سوء الحال كل مبلغ ، فوصل مهدية على تلك الحال وما لبث أن توفي فيها جائعا غريبا سنة "332 ه" رحمه الله.ويقال إن والده إدريس ابن عمر دعا عليه أن يميته الله جائعا غريبا . المصدر : الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى .الكاتب :أحمد بن خالد الناصيري تحقيق وتعليق : جعفر الناصيري ،محمد الناصيري ، عن " دار الكتاب" الصفحات : 237.238.239