لطالما اعتبرت القصائد الشعرية على مر العصور ، أداة فعالة لإدراك منازل العلا والحظوة الرفيعة في بلاط الحكماء والتباهي بالأنساب وذكر الأمجاد ،والفخر بين القبائل .والغزل ،والمدح والثناء،إلا أنها لم تخلو أيضا من الهجاء. استخدم كثير من الشعراء ،أبياتهم لتحقيق مآربهم وغاياتهم الشخصية ،ونجحوا في ذلك ،إلا أن الكلمة والقصائد بقدر ما اعتبرت نعمة عند بعض الشعراء ،كانت سبب هلاك بعضهم ،وعلى الرغم من اختلاف دواعي ذلك إلا أن النتيجة واحدة، أريقت دماءهم بسبب قصائدهم . ومن بين هؤلاء الشعراء نذكر : أبو الطيب المتنبي قصة المتنبي الذي قتلته أبيات قالها في رجل من بني الأسد كان يلقب بضبة ،حيث هجاه بقصيدة قال في مستهلها . ما انصف القوم ضبة وأمه الطرطبة فلا بمن كات فخر ولا بمن عاش رغبة فتربص بنو أسد بالمتنبي ليجهزوا عليه ،وعندما فطن لأمرهم ،فرا هاربا منهم فقال ولده :أين قولك : الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم فقال المتنبي :قتلتني يا ابن اللخناء ،فعاد ليقاتل فلقي حتفه على أيدي بني أسد . دعبل الخزاعي دأب على نظم قصائد الهجاء حول كل خليفة عباسي تولى الحكم ،ولما تولى الخليفة العباسي المأمون الخلافة ،قال في حقه شعرا يهجوه به ،فعزم على قتله إلا أنه صفح عنه . ولم يسلم المعتصم "ثامن الخلفاء " أيضا من هجاء دعبل الخزاعي ،حيث قال في حقه : ملوك بني العباس في الكتب سبعة ولم تأتنا في ثامن منهم الكتب كذلك أهل الكهف في الكهف سبعة وثامنهم عندنا كلب وأني لأجزي الكلب عن ذكره بكم لأن لكم ذنب وليس للكلب ذنب وبعدما شاع خبر هذه الأبيات وعلم بها المعتصم ،فر دعبل إلى خرسان ،خوفا من انتقام الخليفة ،وفي طريقه إلى وجهته اعترضه الوزير مالك بن طوق الذي كلف أحدا من أتباعه بقتل الشاعر نصرة للمعتصم . الأعشى الهمداني هجا هذا الشاعر في قصيدته الحجاج ابن يوسف فقال في حقه : بين الأشج وبين قيس باذخ بخ بخ لوالد والمولود كا قصرت بك أن تنال العلا أخلاق مكرمة وارث الجدود وعند سماعه بهذه الأبيات قال الحجاج :والله لا ادعه يبخبخ بعدها ،فطلبه ثم قتله . علي ابن جبلة العكعكوك مدح علي ابن جبلة العكعوك الأمير ابن الدلف بسبعين بيتا أصبحت من عيون الشعر العربي ،وقد جاء في القصيدة قوله : كل من في الأرض من عرب مستعيرا منك مكرمة يكتسبهايوم مفتخره وعندما علم المأمون بأمر هذه الأبيات راودته مشاعر الحسد والغيرة وقال :ماذا تركت لنا يا ابن الفاعلة أن استعرنا منه المكارم ، ولكن المأمون خشي أن يقال أنه قتل الشاعر ظلما وبسبب الحسد ،فطلب رأي من حوله ليقدموا له حيلة يستعين بها للقضاء عليه ،فقالوا له أن العكعوك له قصائد قدح .فاتخذها ذريعة لقتله .