كشفت معطيات حديثة صادرة عن مؤسسة «كلوبال بيترول برايس»، المتخصصة في تحديد معدلات تسويق المحروقات على الصعيد الدولي، عن تراجع كبير للمغرب في لائحة ترتيب الدول الأرخص على مستوى أثمنة المحروقات بالتجزئة، وذلك بعدما سجلت أسعار المحروقات بالمغرب ارتفاعا صاروخيا بلغت نسبته 12 في المائة. وأشار تقرير مؤسسة «كلوبال بيترول برايس» في تصنيفها الخاص بالثلث الأول من الشهر الجاري، أن المغرب تراجع إلى الرتبة ال101 عالميا في لائحة ترتيب الدول الأرخص على مستوى أسعار البنزين بسعر 1.02 دولار للتر الواحد (9,99 دراهم) مقابل 0.99 دولار (9.70 دراهم) على الصعيد العالمي؛ وهو المعدل الذي يهم الدول المنتجة والمستهلكة للمحروقات. كما سجل التقرير ذاته أن المغرب احتل الرتبة ال90 عالميا في اللائحة نفسها الخاصة بأسعار الغازوال، بسعر 0.83 دولار (8,13 دراهم) للتر الواحد، مشيرا في السياق ذاته إلى أن أسعار المحروقات في المغرب شهدت، خلال السبعة أيام الأخيرة، ارتفاعا ملحوظا مقارنة مع ما سجلته المؤسسة الدولية يوم 10 أكتوبر، حيث بلغت لدى بعض الموزعين ما يناهز 10.14 دراهم للتر الواحد بالنسبة إلى البنزين، وما يناهز 8.6 و8,9 دراهم للتر الواحد من الغازوال. يأتي ذلك بعد تحذير مجموعة من الاقتصاديين من خطورة ما يجري في قطاع المحروقات حاليا، خاصة بعد التصريحات الأخيرة لوالي بنك المغرب، والتي أكد فيها أن القطاع يعيش وضعية انفلات وأن المنافسة لا تقوم بدورها المفترض. وقال عبد النبي أبو العرب، المحلل الاقتصادي، إن ما صدر عن الجواهري خطير للغاية ويكشف بالملموس الفوضى التي يعيشها قطاع المحروقات في المغرب بعد التحرير، مؤكدا أن المؤسسات والجهات التي من المفروض أن تعمل على ضبط السوق ومراقبة ما يجري في القطاع غائبة عن الساحة ولا تقوم بالدور المفروض فيها. وأشار المحلل الاقتصادي إلى أن شركات المحروقات تقوم حاليا بأمور خارجة عن القانون، من بينها التوافق على الأسعار، وهي الممارسة التي يجرمها القانون، دون أن تتدخل الحكومة، مطالبا مجلس المنافسة بالتدخل عاجلا لوضع حد لما يجري حاليا في القطاع وإعادة الأمور إلى نصابها، ولمَ لا فرض عقوبات على الشركات المخالفة للقانون. ويرى محللو الشأن الاقتصادي أن قرار تحرير أسعار المحروقات في المغرب كان بمثابة مغامرة غير محسوبة العواقب، إذ بعد رفع الحكومة يدها على أسواق المحروقات، لم تترك لنفسها أي بصيص أمل من أجل التحكم وضبط ميكانيزمات السوق لصالح الأمن والاستقرار الطاقي بالبلاد في حالة ما إذا تمردت الشركات المحتكرة لسوق المواد الطاقية بالمغرب. ويؤكد هؤلاء أنه في ظل عجز الدولة عن ضبط قواعد أسعار مواد الطاقة، فإنها تكتفي فقط بمشاهدة ما يقوم به نادي المنتجين المحتكرين، الذين أصبحوا يتحكمون في زمام سوق المحروقات بالمغرب، مشيرين إلى أن الدولة لم تفكر قبل اتخاذ قرار التحرير في العواقب والتبعات التي من الممكن أن تترتب عنه، جراء أي ارتباك، أو في حالة ما إذا عرف سعر البترول في الأسواق العالمية ارتفاعا.