تعيش أوروبا فزعا استدعى تشديد الإجراءات الوقائية وإغلاق الحدود، بعد أن سجلت معدلات الإصابة اليومية بفيروس كورونا ارتفاعا قياسيا، خاصة في ألمانياوإيطالياوبلجيكاوهولنداوبريطانيا، وسط مخاوف من موجات جديدة للوباء مع حلول فصل الشتاء. وعلى غرار بريطانياوألمانيا -اللتين تجاوز عدد الوفيات في كل منهما 100 ألف شخص- قفز الرقم في فرنسا إلى نحو 119 ألف وفاة، مطلع الأسبوع الجاري. وفي حين حذرت منظمة الصحة العالمية من احتمال تسجيل 700 ألف وفاة جديدة بفيروس كورونا في أوروبا بحلول الربيع، أظهرت إحصائية رسمية نشرتها وكالة "فرانس برس" أن الوباء تسبب في وفاة أكثر من 1,5 مليون شخص في أوروبا. وتسببت الجائحة في وفاة أكثر من 5 ملايين شخص حول العالم منذ نهاية عام 2019. وتزامنا مع اكتشاف المتحور الجديد الذي أطلقت عليه منظمة الصحة العالمية اسم "أوميكرون" (Omicron)، ووصفته ب"المتحور المقلق"، أعلنت الدول الأوروبية تشديد الإجراءات الصحية وحظر الرحلات من جنوب أفريقيا وعدة دول مجاورة لها، تماشيا مع توصيف مفوضية الصحة الأوروبية للمتحور الجديد بأنه "خطير الانتشار". ويواصل المتحور انتشاره في أوروبا، التي أصبحت وفق مراقبين "بؤرة عالمية للوباء"؛ فبعد اكتشاف أول حالة منه في بلجيكا نهاية الأسبوع الماضي، والاشتباه في حالات مماثلة بهولنداوألمانياوبريطانيا، أعلنت الدانمارك -أول أمس الأحد- تسجيل إصابتين بسلالة "أوميكرون". ورصدت إيطاليا، بدورها، أول إصابة بالمتحور الجديد، وأوضح المعهد الأعلى للصحة التابع للحكومة -مساء السبت الماضي- أن "العينة الإيجابية أُخذت من مريض أتى من موزمبيق". وأكدت هولندا اكتشاف إصابة 13 مسافرا قدموا من جنوب أفريقيا يحملون المتحور نفسه. في حين أعلن مستشار الحكومة الألمانية لأزمة كورونا، إصابة مسافر عائد من جنوب أفريقيا بالمتحور "السريع الانتشار". وذلك في أعقاب إعلان ولاية بافاريا -أول أمس الأحد- عن إصابتين بالمتحور الجديد في مدينة ميونخ. والأمر عينه أعلنته وزارة الصحة التشيكية. على ضوء ذلك، أعلنت عدة دول أوروبية إجراءات عاجلة لمواجهة المتحور الجديد، استجابة للتحذيرات التي أطلقها المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض الذي توقع ارتفاع الإصابات بكورونا في شهري ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني المقبلين ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة لمواجهة الفيروس. وفي ألمانيا، قال مستشار الحكومة لأزمة كورونا إن الإغلاق الشامل قد يكون ضروريا إذا لم يتجاوب المتحور الجديد مع اللقاحات. وعلّقت إيطاليا الرحلات القادمة من جنوب أفريقيا، وأمرت الإيطاليين العائدين من جنوب أفريقيا بالدخول في الحجر الصحي. ولم تعلن فرنسا، لحد الآن، عن أي إصابة بالمتحور الجديد، لكنها عززت إجراءاتها الصحية في مواجهة الموجة الخامسة من كورونا. وبدأت السبت الماضي حملة التطعيم بالجرعة الثالثة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 18 عاما، لكن وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران استبعد -الخميس الماضي- العودة للإغلاق التام. وفي المقابل، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين -أول أمس الأحد- "إننا نخوض الآن سباقا مع الوقت لتحليل سلالة أوميكرون". لكنها أضافت أن "العلماء والشركات المصنعة للقاحات يحتاجون إلى أسبوعين أو 3 أسابيع لتكوين رؤية شاملة عن خصائص طفرات المتحور"، ودعت إلى الاستمرار في التلقيح ومواصلة الإجراءات الوقائية. وبالتوازي مع مواجهتها للمتحور الجديد، تعيش أوروبا موجة من الإضرابات والاحتجاجات الرافضة لإلزامية التطعيم وعودة الحجر في بعض الدول ولجملة "الإجراءات الصحية المؤلمة". ففي النمسا، إثر إقرار الحجر الكامل -ليل أمس الاثنين- تظاهر نحو 40 ألف شخص في فيينا منددين "بالدكتاتورية"، تلبية لدعوة أطلقها حزب اليمين المتطرف، إضافة إلى مسيرة أخرى ضمت آلاف المتظاهرين في لينز شمالي البلاد. وفي هولندا، اندلعت احتجاجات عنيفة اعتقل فيها العشرات، الأسبوع الماضي، في روتردام ولاهاي، نتيجة لفرض الإغلاق الجزئي، ومنع غير الملقحين من دخول بعض الأماكن. وشهدت العاصمة البلجيكية بروكسل أيضا، الأسبوع الماضي، صدامات واحتجاجات شارك بها نحو 35 ألف متظاهر رافض للتدابير الجديدة. وأما فرنسا، فقد قررت -يوم الجمعة الماضي- تأجيل فرض التطعيم الإلزامي للطواقم الطبية في جزر الأنتيل إلى 31 ديسمبر/كانون الأول المقبل، بعدما تسبب ذلك في أزمة اجتماعية غير مسبوقة تخللتها أعمال عنف لأيام. وتعيش جزيرتا غوادلوب والمارتينيك الفرنسيتين -في البحر الكاريبي- احتجاجات عنيفة ضد فرض التطعيم الإلزامي على مقدمي الرعاية الطبية ورجال الإطفاء.