علق الأستاذ في العلوم السياسية والقانون الدستوري، عبد الرحيم العلام، على انتخاب المؤتمر الوطني الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية المغربي عبد الإله بنكيران أمينا عاما جديدا للحزب، خلفا لسعد الدين العثماني، وذلك بعد أقل من شهرين من خسارة الحزب الانتخابات التشريعية الأخيرة وأفاد العلام أنه وبعد التطورات الأخيرة التي شهدها الحزب ، فإنه يتوقع أن يكون للعدالة والتنمية شأن كبير في المشهد السياسي، حتى بعودة ابن كيران إلى قيادته، إلا إذا أقام الحزب نقدا ذاتيا، يُصحّح من خلاله الأخطاء. وأضاف العلام، "أنه ومن بين الأمور التي قد تساعده على تجاوز كبوته الشعبية وليست الانتخابية فقط، وإذا جاز لي أقترح أن ألاّ يفكر في العودة السريعة إلى المشهد السياسي من بوابة المعارضة، لأن ذلك سيجعل من معارضته قريبة من السخرية، سيما وأن الكثير من السياسات التي سيعارضها هو من أسس لها أو على الأقل وُجدت في عهده. لذلك من الأفضل له وللمجتمع أن يعود لذاته التنظيمية، يُلملم شتاتها، ويضمّد جراحها، وألاّ يشوش على المعارضة القائمة اليوم ضد سياسة الحكومة، لأن خروج الحزب إلى المعارضة السريعة، ستستغله الحكومة لكي تتهرب من أخطائها، وتُظهر المعارضة وكأنها معارضة حزب لم يعد في الحكومة. وعندما نقول عدم العودة السريعة للمعارضة، فهذا يعني المؤسسة الحزبية وليس عمل الأفراد". وأضاف؛ "كما عليه أن يعلي من قيمة التواضع، وأن يجعل نفسه ضمن الجماعة السياسية المعارضة، بدل تلك الأستاذية التي اعتادها والتي جعلت غيابه غير مأسوف عليه، وأن يتعلم من أخطاء الماضي، لكي لا يرهن وجوده السياسي بتسويات خارج القواعد الشعبية، وألا يدخل في مساومات على حساب مصالح المواطنين". واسترسل قائلا "من الأفضل أيضا أن يعلي الحزب من قيمة الاشتراك مع غيره المخالف، بدل الإقصاء أو الاستعلاء أو المغالبة أو الركون إلى القوة أو الاحتكام إلى الكثرة، لأن هذه الأمور تجعله وحيدا في المشهد، وتتركه لمواجهة الضغوط منفردا. لذلك من الأفضل التخلي عن فكرة قيادة لا الحكومة ولا المعارضة أو الوصاية على الشارع السياسي، وإنما المشاركة في الحكومة والمشاركة في المعارضة، وأكيد أن الحزب أصبح يدرك جيدا أن التغيير لا يحدث من خلال رئاسة الحكومة أو قيادة المعارضة وإنما من من خلال التعاون على أساس "الرغبة في العيش المشترك". واعتبر العلام أنه وبما أنه حزب سياسي، فمن الأفضل لحزب العدالة والتنمية أن يركز على الخطاب السياسي، وأن يبتعد ما أمكن عن دغدغة العواطف الهويّاتية، وأكيد أنه تعلم الدرس: تبنّي الدفاع عن المقدسات قد يرفعك اليوم لكنه قد يسقطك في الغد، وإذا عبأتَ الناس وفق خطاب ما، فإنك لا تستطيع أن تنزع الأفكار التي شحتنهم بها بين عشية أو ضحاها. أما الذي يهتم به الناس، ويستمرون في الاهتمام به فهو خطابك السياسي وشجاعته، إنجازاتك الاقتصادية ونجاعتها، المبادئ ومدى القبض عليها، حقوق الإنسان ومدى الحرص عليها. وأشار أنه وإذا كان من حق أعضاء العدالة والتنمية أن يُظهروا نوع من الحماسة لعودة ابن كيران للقيادة، ويفرحوا وينشدوا، فإنه عليهم ألا ينسوا أن اكتساح ابن كيران لأصوات أعضاء المؤتمر، لا يعني أنه اكتسح أصوات الشعب، أو استعادة ثقة من كانوا يثقون به، وإنما الأمر يتعلق: أولا: أن الحزب لم يستطع إفراز قيادة جديدة تحقق شعبية للحزب. ثانيا: لولا الهزيمة الكبيرة في الانتخابات لما تم للرجل هذا الاكتساح، بل لو كان الحزب فاز في الانتخابات لما اعاروه اهتماما، بل لكان العثماني محمولا فوق الأكتاف!. وتابع"أما المسألة الأخيرة، فهي متعلقة بابن كيران نفسه (أتمنى أن يحافظ على عادة قراءة ما يكتب في الفيسبوك وفي الجرائد)، فعودته للقيادة عبر شبه إجماع مؤتمر حزبه، لا ينبغي أن تصيبه بالغرور الذي يمنعه من الاستماع إلى الأصوات المنتقدة من داخل حزبه، أو تهميش المؤسسات الحزبية، وأخذ الحزب نحو اليمين أو اليسار أو عودة "الأيديولوجية الكيرانية" إلى تسيّد المشهد. لأن هذه التصرفات هي التي جعلت الحزب من دونه لا يساوي شيئا، وحالت دون تكوين قيادات جديدة تعمّر الفراغ الذي حصل والذي سيحصل. وفي العلاقة مع الخارج الحزبي، من الأفضل أن يتوقف عن إظهار دور المنقذ، والإدعاء بأنه لولا وجوده لسقطت الدولة، أو اقتناص الفرص من أجل الظهور بدور البطل، لأن ابن كيران وأنصاره يعرفون جيدا نتيجة هذه الادعاءات!". كما أشار إلى أنه وبما أن ابن كيران لم يعد متقاعدا، وإنّما أصبح أمينا عاما لحزب سياسي لديه قواعد وموارد مادية، فمن الأفضل أن يتنازل عن التقاعد الذي مُنح له، وأن يعيش على مدخوله الشخصي وما يقدمه له حزبه للقيام بوظيفته السياسية. وهذا يتوافق أيضا مع ما عقّب به على زميله الدوادي، عندما اعتبر انتظار دعم الدولة من أجل عقد المؤتمر فيه إضعاف للحزب، وبالتالي يطرح السؤال: هل من العادي أيضا أن تُنفق الدولة من أموال دافعي الضرائب على شخص يقود حزبا سياسيا لديه آلاف الأعضاء، بل كيف يصرف دافع الضرائب على أمين عام حزب سياسي خطابه السياسي يتناقض مع أفكار جزء من دافعي الضرائب؟". وفي ختام تدوينه قال العلام "قد يقول قائل، ولماذا شخص لديه طروحات "علمانية" يسدي هذه "النصائح" لحزب إسلامي يناهض العلمانية التي تعتقد بها؟ وجوابه: لأن العلمانية التي أؤيدها تعترف بوجود فرقاء سياسيين لديهم توجهات فكرية مخالفة، ولأن السياسة لا يمكنها أن تتم إلا من خلال مشاريع وأفكار متباينة، وأن التطور لا يحدث إلا بالتناقض والتغيير لا يتم إلا في ظل الاختلاف". وأضاف "أما إذا عاد حزب العدالة والتنمية إلى الواجهة بنفس طريقة التفكير، وبنفس الممارسات، واستمروا في التهجّم الجماعي على الذين يكتبون مثل هذه التدوينات ويصفونهم بأوصاف لا تليق ويبلّغون على حساباتهم، فمن الأفضل أن يكون أول قرار تتخذه الأمانة العامة الجديدة بزعامة ابن كيران، هو أن تَحلّ الحزب ويعود أعضاؤه إلى "جلساتهم التربوية"، حتى يريحوا أنفسهم ويريحوا الشعب منهم".