يعيش العالم أجمع مرحلة قلق من فيروس كورونا الذي ينتشر بسرعة كبيرة، ويتزايد عدد ضحاياه إصابةً وموتًا. وليس هذا “الوباء العالمي” بجديد على البشرية؛ فقد شهد العالم وقائع مماثلة منذ عهد عمر بن الخطاب ثم تواترت فيما بعدُ، ومن أشهر الطواعين اثنان: الأول: طاعون عَمَواس (17 أو 18ه) الذي حصد الكثير من الأرواح (نحو 25-30 ألفًا)، من بينهم كبار الصحابة أمثال معاذ بن جبل وأبي عبيدة بن الجراح. وقد بدأ هذا الوباء في بلدة عَمَواس الصغيرة في فلسطين ثم انتشر حتى عمّ بلاد الشام، الأمر الذي أثار تساؤلات عقدية ودينية بشأن صورة المسلمين عن أنفسهم ومعتقداتهم، وقد انشغل المستشرق المعروف يوسف فان أس بهذا الطاعون وخصه بكتاب صدر بالألمانية. الوباء الثاني كان الطاعون الكبير (سنة 749ه/1348م) الذي عُرف -في أوروبا- باسم الموت الأسود، وتَسبب في موت أكثر من ثلث السكان! وقد لفت هذا أنظارَ المؤرخين والعلماء فكتبوا عنه كتبًا، بدءًا من منتصف القرن الثامن الهجري، خصوصًا مع تواتر الطواعين وكثرتها في العصر المملوكي وما بعده. وكان من اللافت أن بعض من كتبوا كتبًا عن الطاعون صاروا من ضحاياه، أمثال ابن الوردي الحلبي وتاج الدين السبكي الذي خطب الجمعة وأصيب بالطاعون يوم السبت ومات ليلة الثلاثاء سنة 771ه! ويثير الوباء عامةً أسئلة عديدة، بعضها طبي وبعضها أخلاقي، وبعضها ديني مرتبط بالمعتقدات وأداء الشعائر. والمتتبع للنقاشات العربية حول كورونا يجدها كلها منصبة على الطبي والديني، ويكاد يغيب عنها النقاش الأخلاقي تمامًا! وفي هذا المقال؛ سأحاول أن أناقش الإشكالات الدينية المثارة حول كورونا والتداخل بين الأخلاقي والديني، خصوصًا فيما يتعلق بإغلاق المساجد وإلغاء الشعائر الجماعية، على أن أخصص مقال الأربعاء القادم لمناقشة الأسئلة الأخلاقية التي يثيرها الوباء في حقل الأخلاقيات الطبية وأخلاقيات الصحة العامة. في حالات الأوبئة العامة التي تجتاح الشعوب؛ كان الطبيب يتوارى لعجزه عن تقديم الحلول الناجعة، في حين ينشغل علماء الدين بتقديم تفسيرات دينية للوباء، وفتاوى في كيفية التصرف أثناءه. “في الغالب يلجأ الفقيه أو الواعظ إلى البحث عن الأحاديث النبوية المتعلقة بوقوع الطاعون، وسلوك السلف وتصرفهم تجاه الوباء العام، ويعالج أسئلة من قبيل: هل نستسلم للقدر الإلهي أم نقاومه؟ هل الوباء عقوبة إلهية أم رحمة؟ هل هو فعل إلهي غيبي (وخز الجن) أم فيروس معلوم الأسباب والتفاصيل؟ هل يختلف تقييمنا للوباء بحسب معتقد الشخص الذي يُصاب به أم إن الحكم فيه واحد في جميع البشر؟” وفي الغالب يلجأ الفقيه أو الواعظ إلى البحث عن الأحاديث النبوية المتعلقة بوقوع الطاعون، وسلوك السلف وتصرفهم تجاه الوباء العام، ويعالج أسئلة من قبيل: هل نستسلم للقدر الإلهي أم نقاومه؟ هل الوباء عقوبة إلهية أم رحمة؟ هل هو فعل إلهي غيبي (وخز الجن) أم فيروس معلوم الأسباب والتفاصيل؟ هل يختلف تقييمنا للوباء بحسب معتقد الشخص الذي يُصاب به أم إن الحكم فيه واحد في جميع البشر؟ تاريخيًّا؛ شكّل الطاعون لغزًا يَصعب فهمه، وتعددت تفسيراته، ولكنها -في الجملة- كانت تدور إما على أسباب مادية أو دينية؛ فالأسباب المادية ترجع إلى تصورات طبية أو فلكية أو تجمع بينهما. فالفيلسوف والطبيب ابن سينا فسر الطاعون بأنه عبارة عن “فساد جوهر الهواء الذي هو مادة الروح ومدَده”، وبعضهم رده إلى أسباب فلكية (حركة النجوم والكواكب) وهو ما يشير إليه المؤرخ ابن إياس. يقول هذا المؤرخ في طاعون سنة 919ه: “فلما نُقلت الشمس إلى برج الحمَل ظهر الطاعون”، أي في أول فصل الربيع. ويبدو أن هذا التفسير كان شائعًا فلم يحتج إلى كبير استدلال أو إثبات! أما الطبيب ابن النفيس فقد جمع بين الأمرين فربط الطاعون بأسباب أرضية أو سماوية. فالأرضية ترجع إلى فساد الهواء الناتج عن تراكم الجيف والماء الآسن وكثرة الحشرات…، والأسباب السمائية فلكيةٌ ترجع إلى كثرة الشُّهُب والرجوم في آخر الصيف وفي الخريف. وبعيدًا عن الأسباب المادية؛ انشغل بعض الفقهاء والمحدّثين ممن كتب عن الطاعون بالبحث عن تفسيرات دينية للظاهرة. فبعد أن يورد ابنُ حجر العسقلاني (ت852ه) -في كتابه "بذل الماعون في فضل الطاعون"- التفسيرات السابقة؛ يذهب إلى أن الطاعون “من وخز أعدائكم من الجن” بحسب الحديث المروي في هذا، ويؤكد أن الأطباء معذورون في تفسيراتهم؛ لأن هذا مما لا يوقف عليه بالتجربة والمشاهدة بل بالوحي. وقد كان الغرض من كتابه جمع أحاديث الطاعون والتعليق عليها وبيان أحكامها (وكان أول من جمع أحاديث الطواعين هو ابن أبي الدنيا ت 280ه)؛ ومع ذلك يبدو ابن حجر حريصًا على التوفيق بين كلام الأطباء والأحاديث النبوية من دون أي تناقض، فوخز الجن يحدث بحسب ما وصفه الأطباء من تأثير الطاعون في جسد الإنسان ومضاعفاته، ولكن السبب الحقيقي هو طعن الجنّ للناس! بعض التفسيرات الأخرى تذهب إلى أن الطاعون نتيجةٌ لشيوع الموبقات، ولكن هذه التفسيرات بقيت مرتبكة وغير متسقة، خصوصًا أن الطاعون كان يقع باستمرار فيحصد الكثير من الأرواح، ولم يكن يميز بين الصحابة وغيرهم، وبين المسلمين وأهل الذمة من النصارى واليهود، الذين خرجوا في العصر المملوكي إلى جانب المسلمين يبتهلون إلى الله لرفع البلاء. وأمام فيروس كورونا المستجد؛ حاول بعضهم أن يقدم تفسيرات أيديولوجية تناسب منظوره الخاص، فكورونا عقاب للصين على ما فعلته بالمسلمين، ثم لما عمّ الوباء تلاشى هذا التفسير. كما حاول آخرون استثمار الحدث لتأكيد فكرة محددة تشغلهم: فالحجر الصحي إعجاز علمي سبق له النبي (ص)، كما في الحديث الخاص بعدم دخول الأرض التي فيها الطاعون وعدم الخروج منها. أو هو مناسبة لتأكيد فرضية النقاب، مع أن الكمامة يلبسها الرجال والنساء الآن. ووصل الأمر إلى أن شيوع الفيروس مقدمة لخروج الإمام المهدي لدى الشيعة! لم يقتصر الأمر على التفسيرات الأيديولوجية بل امتد لتقديم تفسيرات سياسية مرتبطة بكونه مؤامرة من الصين أو من أميركا ضمن حرب بيولوجية! ولكن علم الأوبئة الحديث وضع حدًّا لكل التفسيرات السابقة على اختلافها؛ فالأوبئة باتت حقلاً علميًّا متخصصًا وقطعت شوطًا هائلاً منذ أن صنف فيها ابن سينا. والعجز البادي حاليًّا أمام كورونا هو مؤقت فقط؛ لأن إمكانات العلم الكشفية كبيرة، وهي نتاج جهود متراكمة وإيمان بقدرة الإنسان على المعرفة المستمرة والتعلم، وهذه الإمكانات ليست تفسيرية فقط بل وقائية وعلاجية أيضًا. إن الوضع القائم حاليًّا لا يعني سوى فشل مؤقت؛ فمن جهة يكشف عن أن اختفاء الأوبئة لم يعد مرتبطًا في الأذهان بحالة التقدم العلمي، بل إن الأوبئة والفيروسات قد تتطور فتكتسب طبيعة خاصة تتلاءم مع حالة التقدم العلمي وتقارب العالم وحركة الطيران، لتكشف عن محدودية علم الإنسان مهما بلغ، وعن مخاطر كبرى مترتبة على التقدم العلمي إلى جانب منافعه. وهذا العجز القائم يمس الأنظمة الصحية المتاحة حاليًّا؛ لعدم قدرتها على استيعاب هذه الأعداد الهائلة من “أمام فيروس كورونا المستجد؛ حاول بعضهم أن يقدم تفسيرات أيديولوجية تناسب منظوره الخاص، فكورونا عقاب للصين على ما فعلته بالمسلمين، ثم لما عمّ الوباء تلاشى هذا التفسير. كما حاول آخرون استثمار الحدث لتأكيد فكرة محددة تشغلهم: فالحجر الصحي إعجاز علمي سبق له النبي (ص)، كما في الحديث الخاص بعدم دخول الأرض التي فيها الطاعون وعدم الخروج منها” المرضى في وقت واحد، ولذلك نرى هذا الرقم الكبير في الضحايا، ولا شك أن الرقم سيتفاوت تبعًا لتفاوت حالة الأنظمة الصحية من بلد إلى آخر، وتبعًا لجدوى السياسات الوقائية ومدى التزام الأفراد بها أيضًا. ورغم وضوح العدوى لكل ذي عينين؛ فلا يزال هناك من يستدل بحديث “لا عدوى”، ويعتبر أن إغلاق المساجد والجمعة والجماعات قرار غير شرعي، كما فعل حاكم المطيري وآخرون خاصةً ممن يُحسبون على السلفية السرورية، في مواجهة بعض القرارات الرسمية التي اتخذتها بعض الدول كما في سوريا والكويت مثلاً، وفي مواجهة الفتوى التي أصدرها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين المحسوب على الإخوان المسلمين، والقائلة بجواز إغلاق المساجد، وقد سبق إلى هذا فتوى صدرت عن مجلس الإمارات للفتوى برئاسة عبد الله بن بيه، ودار الإفتاء المصرية وغيرهما. وبعيدًا عن طابع المناكفة السياسية في مثل كلام المطيري ومن أيده؛ فإن البيان الذي أصدره احتوى على أخطاء ومغالطات علمية، ويغيب عنه البعد الأخلاقي كما سنوضحه. وأصل المسألة يدور على مسألتين: العدوى، والحفاظ على شعائر الإسلام ومنها صلاة الجمعة. أما مسألة العدوى ففيها نقاش قديم قبل تطور علم الأوبئة والأمراض، ورغم أن ثمة أحاديث عديدة تشير إلى إثبات العدوى، فقد اختلف موقف العلماء السابقين من حديث “لا عدوى”، فبعضهم رجّح نفي العدوى كما فعل شهاب الدين بن أبي حَجَلة (ت 776ه) وابن حجر في رسالتيهما عن الطاعون، وبعضهم أثبت العدوى كما فعل ابن خاتمة ولسان الدين بن الخطيب في رسالتيهما عن الطاعون. ولا بد من تقرير أن العدوى وعدمها مسألة طبية وليست من وظائف النبوة، فالذي يحسم فيها هو الطب الوبائي، ولكنْ لها ارتباط بأبعاد عقدية هي من صلب وظائف النبوة لتصحيح عقائد الناس، خصوصًا مع وجود تفسير فلكي أو طبيعي للعدوى يفصلها تمامًا عن القدرة الإلهية، كما أن لها بعدًا اجتماعيًّا حيث إن شيوع فكرة العدوى تؤدي إلى شلل للمجتمع وتعطيل مجريات الحياة والواجبات والشعائر، أي أن العدوى لم تكن مجرد وقاية فقط. وقد لاحظ بعض العلماء وقوع العدوى في الطاعون بالفعل؛ فقد أنكر شمس الدين المنبجي (ت 785ه) -الذي صنّف جزءًا في الطاعون- على من جمع الناس في موضع واحد للدعاء أثناء الطاعون الكبير (749ه)، وأن الطاعون عَظُم بعد خروجهم وكان قبل دعائهم أخفَّ! ومن الغريب أن ابن حجر -الذي نفى وقوع العدوى وقوفًا على ظاهر حديث “لا عدوى”- أثبت تأثير العدوى، حين قال تعليقًا على كلام المنبجي: “ووقع هذا في زماننا حين وقع الطاعون بالقاهرة في 833ه، فكان عدد من يموت بها دون الأربعين، فخرجوا إلى الصحراء -كما في الاستسقاء- فما انسلخ الشهر حتى صار عدد من يموت في كل يوم بالقاهرة فوق الألف ثم تزايد”. وما هذه المضاعفات إلا من انتشار العدوى بسبب هذه الجماعات، واليوم باتت العدوى أسرع بكثير مع سهولة التنقل وسرعته، وتقارب الناس وكثرة تجمعاتهم. ومن المغالطات التي ارتكبها المطيري مثلاً أنه نفى تعطيل المساجد في التاريخ، وبأدنى بحث يمكن الوقوف على واقعتين شهيرتين تم فيهما تعطيل المساجد، الأولى في سنة 656ه يوم دخل التتار بغداد؛ حيث يحكي ابن كثير وغيره أنه “تعطلت المساجد والجماعات والجمعات مدة شهور ببغداد”، وذلك يرجع لشدة الخوف وشيوع الموت حينها. والثانية سنة 1215ه؛ حيث يحكي المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي -نقلاً عن الشيخ حسن العطار- وقائع الطاعون في مصر وبلاد الشام، وأنه “أغلقت الأسواق وعَزَّت الأكفان، وصار المُعْظم من الناس بين ميت ومشيّع ومريض وعائد… وماتت العلماء والقراء والملتزمون والرؤساء وأرباب الحرف… وتعطلت المساجد من الأذان والإمامة؛ لموت أرباب الوظائف واشتغال من بقي منهم” بأمور أخرى. يجب الفصل بين إغلاق المساجد وإلغاء الحكم الشرعي التكليفي، فلا مجال هنا للحديث عن إلغاء للجمعة لأن لها بدلاً وهو صلاة الظهر؛ فإذا تعطل الأصل -وهو الجمعة- لعذر شرعي من خوف أو سفر أو جائحة، أو قرار من الدولة بناء على سياسة وقائية ملزمة لأجل المصلحة العامة؛ فقد وجب البدل (صلاة الظهر)، كما أن الجماعات (ومنها الجمعة) لا تجب حصرًا في المساجد حتى يُعَلق وجودها وعدمها بفتح المسجد أو إغلاقه! “يجب الفصل بين إغلاق المساجد وإلغاء الحكم الشرعي التكليفي، فلا مجال هنا للحديث عن إلغاء للجمعة لأن لها بدلاً وهو صلاة الظهر؛ فإذا تعطل الأصل -وهو الجمعة- لعذر شرعي من خوف أو سفر أو جائحة، أو قرار من الدولة بناء على سياسة وقائية ملزمة لأجل المصلحة العامة؛ فقد وجب البدل (صلاة الظهر)، كما أن الجماعات (ومنها الجمعة) لا تجب حصرًا في المساجد حتى يُعَلق وجودها وعدمها بفتح المسجد أو إغلاقه!” وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الناس بالصلاة في رحالهم (في البيوت) مخافة الضرر والمشقة، ولا فرق في هذا بين الجمعة والجماعة؛ لأن المسألة متعلقة بخوف الضرر والمشقة لا بنوع العبادة المتروكة، وإذا كان هذا جائزًا في الضرر اليسير من الطين والمطر الشديد وأكل الثوم والبصل، فمن باب أولى الضرر المحقق في مثل الأوبئة والأمراض المعدية التي يترتب عليها هلاكٌ وإن كان مظنونًا. وقد حكى الإمام الخطّابي أن صلاة الجمعة فرضٌ على الكفاية، فلو أقامتها جماعة واحدة قام الواجب وسقطت عن الباقين وبقيت الشعيرة قائمة! إن المشكلة المركزية لدى الأصوات المتباكية على إلغاء شعيرة الجمعة -مع تحقق خوف الوباء- هي تجاهل أن من المسؤوليات الأخلاقية للدولة الحفاظ على الصحة العامة، وأن التزام الأفراد بالتعليمات العامة شرطٌ لنجاعتها ودرء الوباء عن الجميع، وأن الأوبئة مُعْدية وعامة، وأن شخصًا يمكن أن يعدي مئات في متوالية هندسية يصعب حصرها، فلا مجال هنا للحديث عن خيارات فردية بالأخذ بالرخصة أو العزيمة؛ لأن العزيمة هنا هي ترك الجمعة. وتوهُّم أن العزيمة هي الاجتماع في المسجد قد يترتب عليه إضرار بالآخرين بل بحالة بلد، كما وقع في كوريا الجنوبية حيث انتشر الوباء بسبب حالة امرأة واحدة فلتت من الحجر، وتحركت وسط التجمعات في الكنيسة وغيرها. ولهذا وجب على الجميع الامتثال للتوجيهات العامة المرتبطة بالصحة والوقاية؛ حتى تكون ناجعة ومجدية، فمصير الجميع مرتبط بتصرف كل واحد منهم. يقوم النظر الأخلاقي -في مثل هذه الحالات- على تحديد التصرف الأصلح، وتحديد الأولويات وفق معايير وتعليلات متماسكة؛ فإذا افترضنا أن ثمة تعارضًا بين قيمة حفظ الشعائر، وقيمة حفظ الحياة فإن حفظ الحياة مقدم على حفظ الشعائر، خصوصًا أننا نتحدث هنا عن اللجوء إلى البدل وهو صلاة الظهر، وليس عن إلغاء الحكم التكليفي أو تعطيله، فالحكم التكليفي ثابت ولا يملك أحدٌ تغييره، وإنما نحن نتحرك في ملابسات وسياقات تنزيل الأحكام في الواقع. إن الأزمات تستخرج من الإنسان ما كمن فيه، إما فضائل أو رذائل؛ فبعضهم يستغرق في التوبة والدعاء والعودة إلى الله، والتضامن مع الآخرين ودعمهم بشتى السبل، والاعتراف بالضعف البشري ومحدودية العلم، أو في الجشع والتنافس على الدنيا وإظهار الأَثَرة والتعلق بالحياة ولو على حساب الآخرين! ولله الأمر من قبل ومن بعد.