في سابقة تاريخية، زكى نواب المجلس الشعبي الوطني، الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري، الأربعاء، رئيسًا جديدًا للبرلمان من كتلة معارضة ذات توجه إسلامي. جرى ذلك في جلسة عامة عقدت، مساء الأربعاء، بمقر المجلس بالعاصمة حيث كان سليمان شنين، المرشح الوحيد للمنصب بعد انسحاب كل المرشحين الآخرين (6). وكانت الجلسة منتظرة صبيحة الأربعاء، لكن مفاوضات بين مختلف الكتل النيابية دفعت إدارة المجلس لتأجيلها إلى المساء. وينص القانون الداخلي للمجلس، على أنه في حالة المرشح الوحيد تتم التزكية برفع الأيدي بدل الانتخاب السري. وحظي شنين (54 سنة) قبل ذلك بالتزكية من قبل أغلب الكتل النيابية بعد انسحاب كافة المرشحين للمنصب وإعلان حزب جبهة التحرير الوطني صاحب الأغلبية النيابية (160 من بين 462 نائب) دعمه له. وحسب بيان للكتلة النيابية لحزب جبهة التحرير، فإن تنازلها عن تقديم مرشح جاء "من أجل مصلحة الجزائر واستمرار مؤسساتها". وانتخب شنين، وهو رئيس الكتلة النيابية للاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء (15 نائب)، خلفا لمعاذ بوشارب، المنتمي سياسيا لحزب جبهة التحرير الوطني، الذي استقال قبل أسبوع بعد سحب حزبه الثقة منه. وقال شنين، فور انتخابه، إن "هذه جلسة تاريخية في حياة بلادنا لعدة اعتبارات، جاءت في ظرف حساس من تاريخ البلاد". وتابع "يجب أن نعطي للشعب الثقة الكاملة في مؤسسات الدولة، ونعبر عن دعمنا لهذا الحراك الشعبي السلمي، كما لا يفوتنا أن ندعم ونعتز لموقف الجيش الوطني الشعبي وقيادته، وخاصة تصريحات قائد الأركان (قايد صالح) المتكررة في مكافحة الفساد وبناء دولة ديمقراطية". ويعد شنين الرئيس الحادي عشر لهذا المجلس الذي تأسس عام 1977، والثالث خلال الولاية النيابية الحالية (2017-2022) بعد كل من سعيد بوحجة (2017-2018) ومعاذ بوشارب (2018-2019). ويعد انتخاب شنين، سابقة في تاريخ البرلمان الجزائري، حيث لم يسبق أن وصلت شخصية من حزب معارض إلى المنصب الذي ظل حكرا على حزبي جبهة التحرير الوطني الحاكم سابقا، وحليفه التجمع الوطني الديمقراطي. وشنين هو أول سياسي إسلامي يصل هذا المنصب الذي يعد بمثابة الشخصية الثالثة في الدولة الجزائرية بعد كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان). وهو قيادي في حركة البناء المحسوبة على تيار الإخوان المسلمين، ويقودها الوزير الأسبق للسياحة عبد القادر بن قرينة وتضم قياديين انشقوا قبل سنوات عن حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي في البلاد). وجاء انتخاب شنين في خضم انتفاضة شعبية متواصلة انطلقت في 22 فبراير الماضي وأطاحت بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة شهر أبريل وتطالب حاليا برحيل كل رموز نظامه. كما تجري منذ أسابيع حملة ضد الفساد في البلاد حيث يحقق القضاء مع عدة مسؤولين و رجال أعمال مقربين من نظام بوتفليقة بتهم "فساد"، أودع بعضهم السجن فيما وضع آخرون تحت الرقابة القضائية. وأفضت التحقيقات إلى سجن رئيسي الوزراء السابقين أحمد أويحيى وعبد الملك سلال، ووزير التجارة الأسبق عمارة بن يونس، ومدير الشرطة الأسبق اللواء عبد الغني هامل وثلاثة من أبنائه كما تم وضع عدد من الوزراء تحت الرقابة القضائية، وينتظر استمرار التحقيق مع وزراء ومسؤولين آخرين مستقبلا حسب بيانات للمحكمة العليا.