كشفت الكاتبة “نسرين مالك” في صحيفة الغارديان إن اهتمام السعودية المفاجئ بالسودان لم يكن بدافع الصداقة بل الخوف، مشيرة إلى أن العائلة السعودية الحاكمة ترى في انتفاضة الشعب السوداني على الرئيس عمر البشير مؤشرا على خطر مماثل يهددها ويُنذر بزوال حكمها. ولفتت الكاتبة إلى أن السعودية قبل فترة من اندلاع احتجاجات السودان، تعاملت بتململ واضح معه، ولم يكن هذا البلد يعني لها سوى أنه مصدر للإمداد ببشر تستخدمهم على الجبهة في حربها على اليمن. وأبرزت الكاتبة أن السعودية لم تعد ذلك البلد الذي يسعي لتعزيز نفوذه عبر تقديم مساعدات للمدارس الدينية أو لجماعات في العالم العربي وبلدان جنوب آسيا، بل أصبح لديها دور متعمد يرمي إلى إحباط أي تغيير سياسي متى قدرت على ذلك.وأشارت نسرين في هذا الصدد إلى تعهد المملكة بالتعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة -بعيد إزالة البشير- بتقديم ثلاثة مليارات دولار للسودان لدعم اقتصاده، وبالتالي دعم حكومة المجلس العسكري الانتقالي، مشفعة ذلك بحملة على وسائل الإعلام التابعة لها لتلميع صورة قائد المجلس المذكور. واعتبرت الكاتبة أن إخفاقات الربيع العربي كانت بمثابة نعمة للأنظمة القائمة في الشرق الأوسط، التي لطالما روجت لفكرة مفادها ألا خير في التغيير، فيكون الجيش بالنسبة للسودان هو الخيار الأمثل، إذ إن الجيش والأسرة المالكة هما المؤسستان الوحيدتان اللتان يمكن السماح لهما بالحكم، بحسب هذا المنطق. ويرى أصحاب هذه الفكرة أن دخول المدنيين حلبة الحكم تصاحبه الهفوات الأمنية والإرهاب وعدم الكفاءة، لكن نسرين لفتت إلى أن الحكم المدني يجلب معه كذلك أمورا مزعجة مثل الديمقراطية الحقيقية والمساءلة وحرية التعبير، وهو ما يجب على السعودية منعه، بحجة السعي لتحقيق الاستقرار، وهي في ذلك تحظى بدعم أميركي ضمني.وختمت الكاتبة بقولها إن الثوار السودانيين المستمرين في حزمهم يمكن أن يطالبوا بإبعاد البشير وبقايا نظامه، لكن أنى لهم يواجهوا السعودية وحلفاءها في المنطقة الذين ينقلون للحكومة الانتقالية المساعدات جوا؟ مشيرة إلى أن العبء على الثورة السودانية أثقل، لكن المكافأة -إن هي نجحت- أنها ستهز عروش جميع الطغاة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، على حد تعبير الكاتبة.