حققت الصين صباح اليوم بتوقيتها المحلي (02:26 بتوقيت غرينتش) إنجازا تاريخيا تفوقت فيه على الولاياتالمتحدة وروسيا، حيث نجحت للمرة الأولى في إرسال مسبار إلى الجانب البعيد لسطح القمر، والآن بعد هبوطه بدأ هذا المسبار بإرسال أولى الصور لذلك الجانب الغامض. لكن أولا تجب الإشارة إلى أنه لا يوجد فعليا جانب مظلم للقمر رغم شهرة هذا المصطلح الذي يعرف به ذلك الجانب، وإنما الأصح هو تعبير الجانب البعيد أو الجانب غير المرئي للقمر، وفقا للباحث الفلكي في برنامج قطر للبحث عن الكواكب النجمية بجامعة "حمد بن خليفة" هاني الضليع. وأوضح الضليع أن الجانب القريب (المواجه للأرض) والجانب البعيد كلاهما قد يكون مظلما وقد يكون مضيئا حسب موقعهما من الشمس، فحين يكون القمر محاقا يكون الجانب المواجه للأرض مظلما والجانب البعيد مضاءً. وأكد في لقاء مع قناة الجزيرة أن هذا الإنجاز الصيني يعتبر الإنجاز الإنساني الأول لأنه لم يسبق لأحد أن هبط ولا بأي مركبة فضاء على ذلك الوجه البعيد، رغم أن مركبات الفضاء التقطت من قبل صورا لذلك الوجه، في حين تمكنت الولاياتالمتحدة من وضع بشر في الجانب القريب للقمر خلال رحلات أبولو بين عامي 1969 و1972. ومن المعروف أن القمر يواجه الأرض بجانب واحد دائما، حيث يدور حول ذاته بنفس سرعة دورانه حول الأرض، ولذلك فإن الجانب البعيد منه لا يمكن رؤيته مطلقا من الأرض. أما عن كيفية تمكُّن الصينيين من التواصل مع المسبار وإرسال صور إلى الأرض من ذلك الجانب، فأوضح الضليع أن الصين وضعت في مايو 2018 قمرا اصطناعيا في مدار القمر على بعد 60 ألف كيلومتر من جهته البعيدة كي يعمل كنقطة اتصال بين الأرض والمسبار تشانغ آه-4. وتشمل مهام المسبار دراسة البيئة على الجانب البعيد للقمر بهدف معرفة لماذا تختلف نوعية التربة في ذلك الجانب عنها في الجانب القريب، ولماذا تكتظ الفوهات في الجانب البعيد مقارنة بالجانب المقابل للكرة الأرضية، كما يحمل المسبار بذورا لتجربة زراعة الخضروات في بيئة مغلقة على سطح القمر. إضافة إلى ذلك، يتميز الوجه البعيد بهدوء راديوي -وفقا للضليع- مقارنة بالوجه القريب من الأرض، ولذلك فإن المسبار يحمل معه تلسكوبا راديويا لدراسة بعض الأجرام السماوية، وسيوفر أيضا معلومات مهمة لدراسة أصول النجوم وتطور السديم. وبهذا الإنجاز أصبحت الصين أول دولة تهبط بجسم على الجانب البعيد للقمر، وذلك ضمن برنامج فضاء طموح يمتد لعقود في المستقبل، تأمل من ورائه بأن تصبح قوة فضائية رئيسية بحلول عام 2030، وهي تعتزم البدء ببناء محطة فضاء مأهولة خاصة بها العام المقبل.