أخبرت الحكومة التركية المسؤولين الأمريكيين أنها تملك تسجيلا صوتيا وفيديو يؤكد أن الصحافي السعودي جمال خاشقجي قتل داخل السفارة السعودية في اسطنبول هذا الشهر. ونقلت صحيفة واشنطن بوست، في تقرير لها، عن مسؤولين سعوديين وأتراك قولهم إن التسجيل يظهر أن الفريق الأمني قام باحتجاز خاشقجي بعد دخوله القنصلية أكتوبر، وقاموا بعد ذلك بقتله وتقطيعه. ويقدم التسجيل تحديدا عددا من الأدلة البشعة التي تؤكد مسؤولية الفريق السعودي عن مقتل خاشقجي، حسبما قال المسؤولون. وقال شخص على معرفة بالتسجيل الذي وافق مثل البقية على مناقشة المعلومات الأمنية الحساسة شرط عدم الكشف عن هويته: “يقدم التسجيل من داخل السفارة ما حدث لجمال عندما دخل”. وأضاف “يمكننك الاستماع لأصوات الرجال يتحدثون العربية”، و”يمكنك سماع كيف تم التحقيق معه وعُذب وقُتل بعد ذلك”. وقال شخص ثانٍ اطلع على التسجيل إنه يمكن سماع الرجال وهم يضربون خاشقجي. وكانت للصحافي علاقات طويلة مع العائلة السعودية الحاكمة، إلا أنه كتب ناقدا الحكومة الحالية وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. ويؤكد وجود التسجيل السبب الذي جعل المسؤولون الأتراك يسارعون بتوجيه الاتهام للسعودية بقتل خاشقجي. إلا أن المسؤولين الأتراك كانوا يخشون من نشر التسجيل لأنه سيكشف عن الطريقة التي يتجسسون فيها على الكيانات الأجنبية داخل بلدهم. ولا يُعرف إن كان المسؤولون الأمريكيون قد شاهدوا اللقطات أو استمعوا، للشريط إلا أن المسؤولين الأتراك وصفوا محتوياته لنظرائهم الأمريكيين. ونفى السعوديون أي تورط في اختفاء خاشقجي، حيث قالوا إنه ترك القنصلية بعد فترة قصيرة من دخوله لها. وقالت تركيا، يوم الخميس إنها وافقت على طلب سعودي لتشكيل لجنة مشتركة للتحقيق فيما حدث لخاشقجي. وقدم محمد بن سلمان نفسه كقوة إصلاحية وحداثية في السعودية وأصبح شريكا استراتيجيا أساسيا، وصديقا؛ خاصة لجاريد كوشنر، المستشار البارز وصهر الرئيس. وحاول كوشنر الترويج لمحمد بن سلمان وتسويقه لمسؤولي الأمن القومي المتشككين، الذين رأوا فيه زعيما متهورا وقاسيا ولديه رؤية مبسطة عن التحديات المعقدة التي تواجهها الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط. وفي أثناء توقيعه مشروع قانون في مكتبه البيضاوي يوم الخميس؛ وصف الرئيس ترامب ما يُعتقد أنه قتل لخاشقجي بأنه “أمر رهيب”، ولكنه توقف عن توجيه الاتهام. وقال: “ننظر في الأمر بقوة”، و”سنحصل على تقرير في أقرب وقت. ونعمل مع تركيا ونعمل مع السعودية وما حدث رهيب، وعلى افتراض أنه حدث، وقد أفاجأ بخبر سار، ولكنني أشك في هذا”. وفي داخل البيت الأبيض و”الكابيتال هيل” وبين المسؤولين الاستخباراتيين الأمريكيين هناك اعتقاد متزايد بأن خاشقجي ميت، وأن السعودية هي المسؤولة. وجاءت هذه النتيجة في جزء منها من تقارير استخباراتية قبل اختفاء خاشقجي، وتظهر أن محمد بن سلمان أمر بعملية لخداع خاشقجي بالعودة إلى السعودية حيث سيتم احتجازه كما قال مسؤولون عارفون بالتقارير التي وصفوها ل”واشنطن بوست”. وقال مسؤول أمني أمريكي إنه لا تقارير استخباراتية تظهر أن السعوديين كانوا يريدون خداع خاشقجي بالذهاب إلى القنصلية في اسطنبول. وتكهن المسؤولون الأمنيون والخبراء في الأيام الأخيرة أن الفريق المكون من 15 رجل أمن سعودي، والذين يقول المسؤولون الأتراك إنهم أُرسلوا إلى اسطنبول ربما كانوا يريدون القبض على خاشقجي ونقله إلى السعودية وليس قتله. وقال الشخص الذي اطلع على ما في التسجيل الصوتي والمصور إن الفريق الأمني ذهب بعد قتل خاشقجي إلى بيت القنصل العام حيث طلب منهم المغادرة سريعا. وهناك دليل عن مكالمة واحدة على الأقل من داخل القنصلية، كما قال الشخص المذكور. ورغم المطالب المتزايدة للحصول على معلومات حول مكان خاشقجي، لم يقدم المسؤولون إلا بعضا من الأجوبة يوم الخميس بعد أكثر من أسبوع على اختفائه. وقالت الخارجية إنها تتوقع عودة السفير السعودي إلى الولاياتالمتحدة من رحلة إلى السعودية لتقديم معلومات عن وضع خاشقجي بدون تأخير. وقالت هيذر نوريت، المتحدثة باسم الخارجية: “قلنا له إننا نتوقع معلومات بعد عودته إلى الولاياتالمتحدة”. وفي الكابيتال هيل يشعر بعض المشرّعين بالإحباط من عدم كشف البيت الأبيض عن معلومات قبل وبعد اختفاء خاشقجي. وقال بعض المشرّعين إن على الإدارة الحد من مبيعات السلاح للمملكة. وقال السناتور كوري غاردنر (جمهوري- كولارادو) بعد حديثه عن الأدلة التي تظهر الدور السعودي بما يشبته به قتل خاشقجي، إن “مبيعات السلاح، ستكون كما أعتقد مصدر اهتمام لو كانت المسؤولية لا شك فيها”. وأضاف أن إدارة ترامب تركت نواب مجلس الشيوخ في الظلام بشأن التقارير الاستخباراتية التي تشير للسعودية. وطلبوا من المسؤولين تقديم رواية كاملة للمشرّعين حول ما عرفوا من تهديدات ممكنة لحياة خاشقجي قبل اختفائه. وقال غاردنر: “هناك الكثير من المعلومات لم نطلع عليها ونريد الحصول عليها. وهناك فجوة في المعلومات. ويجب على الإدارة والمسؤولين الأمنين ملؤها وبشكل عاجل”. و”السؤال المباشر عما كان موجودا. والجواب الذي كنا بحاجة إليه، والتصرف وفق المعلومات التي لدينا وماذا فعلنا بها”. وقال السناتور الجمهوري بوب كوركر، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ إنه لا يملك الدليل القوي عمن قتل خاشقجي لكن “كل شيء شاهدته يشير بإصبع الاتهام للسعوديين، وليس لنا دليل يشير إلى غيرهم بل إليهم”. وفي يوم الأربعاء كتب المشرّعون من الحزبين إلى ترامب وطلبوا منه فرض عقوبات ضد أي شخص له علاقة باختفاء خاشقجي، ويشمل ذلك القادة السعوديين. واستحضر المشرّعون “غلوبال ماغنستكي أكت” الذي يعطي الرئيس 120 يوما لاتخاذ قرار. وفي يوم الثلاثاء اتصل كوشنر ومستشار الأمن القومي بمحمد بن سلمان، وحثاه على الشفافية حول ما تعرفه الرياض عن خاشقجي، حسب مسؤولين مطلعين على فحوي المكالمتين. إلا أن المسؤولين الأمريكيين ترددوا في الاستجابة لدعوات وقف بيع الأسلحة للرياض. وقالوا إن هذه الدعوات مبكرة. وقالت نوريت: “أعتقد أنهم يقفزون للنتائج” و”هذا وضع فرضي بدرجة عالية، ولا نعرف ماذا حدث ولا نعرف الحقائق بشأن هذه الحالة”. ورفض ترامب الدعوات قائلا: “إنهم ينفقون 110 مليار دولار على شراء المعدات العسكرية، وأشياء أخرى”، مشيرا إلى السعوديين. وأضاف: “لو لم نبعهم الأسلحة سيقولون: حسنا، شكرا سنشتري من روسيا، أو شكرا جزيلا سنشتري من الصين”، وهذا لن يساعدنا، وليس مثل هذا الإجراء حين يتعلق الأمر بالوظائف، وعندما يتعلق الأمر بشركاتنا التي ستخسر العقود”.