شاهدت كزوار « ناظور سيتي » برنامج مع « فافي لصديقي الجميل الذي ينتظره مستقبل أجمل، والذي أبدع مرة أخرى في الكشف عن واحدة من المشاكل التي يعاني منها المجتمع. تابعت بإهتمام المقطع الذي تحدث فيه الشباب عن عيد الحب والسؤال الذي يقفز لذهني، هل مجتمعنا أضحى يرى أن حب الزوجة أو الخطيبة أو الحبيبة أمر شائن يتوجب عدم النظر إليه، وأنه يقزم من شخصية الرجل لدرجة تجعله ينكر وجوده أمام الجميع، ويعيش حالة من الانفصام الداخلي بين ما يبديه للمجتمع وما يكنه في داخله. السؤال هنا غير مكتمل، وللإحاطة أكثر بهذا الموضوع علينا أن نكمله بسؤال آخر وهو : » هل يعاني مجتمعنا من جفاف عاطفي أو من النظرة الشائنة لهذا المجتمع إلى الحب الذي يجمع بين الذكر والانثى؟ »، ولعل الجميع قد يوافقون أن الحب مسألة فطرية، ومن قال أنه لا يحب زوجته أو خطيبته أو حبيبته على حد سواء، فهذا يصب في خانة أنه يكرهها، فلا يمكن للفرد أن يصبح بدون مشاعر إتجاه فرد آخر سيقاسمه حياته أو جزء كبير منها، فإما أن تحب الطرف الاخر ولو بنسبة ضئيلة أو تكرهه، لأن مشاعر الحب والكراهية اتجاه الاخر لم يسبق أن كانت في مرحلة الصفر عند أحد ما، بمعنى آخر لم يسبق أن وصلت لمستوى الحياد التام التي تخلوا بشكل تام من الحب والكراهية. إلا أن ما شاهدته في برنامج « مع فافي »، كان هو النظرة السائدة داخل المجتمع، بمعنى أننا نحب في الخفاء ما نكره الجهر به في العلن، ونرى أن البوح بالحب نقيصة يتوجب أن لا تتمثل في نفسية الشاب القوي، وحتى إن كان موجودا في دواخلنا فعلينا إن لم نستطع طرده وهو أمر شبه مستحيل حين يتملكك الحب، فعلينا على الاقل إنكار وجوده أمام الملأ والعيش في صراع داخلي بين ما نحسه ويفرحنا وبين نظرة المجتمع إلينا في حال بوحنا به. هناك أصوات كثيرة تؤكد أن الشباب المغربي يعاني من الجفاف العاطفي، والحقيقة أن هذا الشباب لا يعاني من الجفاف، بقدر معاناته مع المجتمع الذي يرفض أي حب غير حب الوالدين والاخوة، حتى إننا قد نرفع حب الاصدقاء فوق حب الخطيبة والزوجة حتى لا نبدو أضعف أمام المرأة التي يتوجب أن تكون هي الحلقة الاضعف حسب الموروث الثقافي الذي إستطاع أن يتغلغل بداخلنا ويسيطر على كياننا دون أن نملك أي إرادة لكسره. والغريب في هذا كله أن تجد من يدعو إلى أن الحب يكون للجميع بإستثناء الطرف الاخر الذي إخترناه ليكون شريكا لحياتنا، وكأننا بذلك نجاهد أنفسنا لنرسخ بداخلها أن الحب غير موجود، وقد إستمعت إلى مقطع صوتي للسيد محمد بونيس يتحدث فيه عن عيد الحب، وإني لأوافق ما جاء في كلامه أننا لا يتوجب أن نختزل الحب في يوم واحد، لكننا في البداية علينا أن نعترف به، على أنني لا أوافق أو أرفض دعوته إلى عدم الاحتفال بعيد الحب، وذلك كوني أنا أولا لا أحتفل بعيد الحب لأني لم أختزله أبدا في يوم واحد لكني لا أستطيع أن أجرم من يحتفل به خلال يوم واحد، لعلها تكون بداية ليتعلم أن يبوح للطرف الاخر أنه يحبه، وليكون البوح صادقا، لا تهزه نظرة المجتمع. وإني على يقين أن هناك جيل من الشباب إستطاع التغلب على قلتهم، على مشكلة المجتمع الرافض لنظرة الحب، إلا أن العديد من الشباب يرفض بالقطع أن يعترف بالانثى كحبيبة يتوجب حبها ومبادلتها المشاعر والاعتراف بهذه المشاعر دون خجل منها أو مما سيقوله الناس. قبل أن أختم أود القول أن قوة شخصية الرجل لا علاقة لها بالعواطف، ولم يسبق يوما أن كان الرجل المحب لزوجته ضعيفا، وإنظروا إلى قصص الحب لدى الانبياء، ألم تكن هذه الشريحة المختارة محبة لزوجاتها؟، ألم يصلنا أنهم جهروا بحبهم لشريك حياتهم؟، وهنا يتمخض السؤال الذي يتوجب أن يولد لديكم الشك في نظرة المجتمع حتى تصلوا لليقين، هل كان الانبياء ضعفاء لإعترافهم بالحب، أم أن قوة شخصياتهم لم تكن لها علاقة بالاعتراف بالحب، لأن قوة الفرد نابعة مما يؤمن به.