مباشرة بعد تصاعد الاحتجاجات بالريف على خلفية مقتل شهيد "الحكرة" محسن فكري طحنا بآلة شفط القمامة ، في ابشع حادثة قتل في تاريخ المغرب الحديث ، تعالت اصوات العديد من "الشيوخ " تحذر من فتنة وشيكة و تزكي اطروحتها باحاديث دينية مشكوك في صحتها و تضرب الامثال بما يحدث في سوريا و العراق و غيرها من اماكن النزاع في العالم .. خطب ، ادعية مسجلة بالصوت و الصورة تقاذفها باصرار شديد مستعملي الهواتف الذكية عبر برامج المحادثة :"الواتساب ، فايبر..' و غيرها من اجل ان تصل الى اكبر عدد ممكن من الاشخاص ، في حين تخصص آخرون في نقل تدوينات الشيوخ على صفحاتهم بالفايسبوك و تويتر ونسخها في تعليقات على كل الفيديوهات و الصور التي ينشرها منظمي الحراك الشعبي بالريف قصد "شيطنة" هذه الاحتجاجات و تحوير مطالبها من مطالب اجتماعية تضامنية مع اسرة الشهيد الى سياسية تطالب باسقاط النظام و احداث الفتنة بالبلاد.. هذه التسجيلات و الفيديوهات و التدوينات التي انتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي و برامج المحادثة الفورية يعرف الكثرين جيدا مساعي هذه الاصوات النشاز التي تخاف على مصالحها او وضعها الاجتماعي او الاعتباري في الدولة عقب كل حراك شعبي يطالب بمزيد من الحقوق الاجتماعية ، حيث تخرج من جحورها فجأة من اجل اشهار فزاعة الفتنة هذه الفتنة التي تظل طوال السنوات نائمة "تشخر" عندما تنهك كرامة و حقوق المواطن البسيط في الادارات العمومية و المستشفيات و غيرها و لا تستيقظ الا عندما ينتفض الشعب دفاعا عن كرامته او حقوقه المسلوبة .. ولعل المتتبع للحراك الشعبي الذي عرفه الريف عقب مقتل محسن فكري شاهد كيف تكسرت فزاعة الفتنة هاته امام سلمية وحضارية المسيرات الاحتجاجية التي حرص المشاركون و المنظمون بالرغم من الالاف التي إنضمت اليها " الاطفال النساء و المسنين و الشباب .. " باختلاف إديلوجياتهم و افكارهم و مطالبهم على ان يحموا الممتلكات الخاصة و العامة بأنفسهم الشيء الذي جعلت هذه الاصوات النشاز تُغير او تُلين خطابها و شيطنتها لهذه الاحتجاجات بطريقة او اخرى كما حدث مع العديد من الشيوخ و الدعاة ابرزهم محمد الفيزازي .. وان من بين اهم الدروس التي استخلصتها "هذه الاصوات النشاز " من الحراك الشعبي بالريف بالاضافة الى "إطلاعهم " بالصوت و الصورة على مستوى النضج و الوعي الذي ابان عنه ابناء الريف في الدفاع عن قضاياهم بشكل حضاري و سلمي بشهادة المتتابعين لهذا الحراك الشعبي وطنيا و دوليا ، هي تعلمها كيف ستصمت في المرة المقبلة عندما يتحدث "شعب الريف " عن حقوقه المشروعة ... توفيق بوعيشي