في إطار عزمه الأكيد على مواصلة معركته الحقوقية، المرتبطة أساسا بملف الاعتقال السياسي وشهداء الحراك الديمقراطي، إضافة إلى ملف المختطفين ومجهولي المصير بجهة الريف الكبير، وتحت شعار "الحرية لجميع المعتقلين السياسيين والكشف عن حقيقة ما جرى لشهداء الحراك الاجتماعي"، جند منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب جميع منتدياته المحلية بجهة الشمال (القصر الكبير، العرائش، الإثنين سيدي اليماني، أصيلة، طنجة، تطوان، الشاون، الحسيمة، إمزورن، آيث بوعياش، تازة)، في إطار قافلة حقوقية حطت رحالها أمام المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالرباط، يوم الأحد 09/03/ 2014 على الساعة الثانية بعد الزوال. وذلك من أجل تنفيذ وقفة احتجاجية للتعبير عن سخطه حول ما آل إليه الوضع الحقوقي بالمغرب الذي يتجلى في سياسات الدولة المغربية، المنتهجة في معالجة ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والاعتقال السياسي، الموشومة بالارتجالية والانتقائية التي عالجت بها هيأة الإنصاف والمصالحة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والتي تشي بغياب الإرادة الحقيقة للدولة المغربية في تحقيق شعار المصالحة والانتقال الديمقراطي. عرفت هذه الوقفة الاحتجاجية دقة في التنظيم، وقوة في الشعارات المرفوعة، تعبر كلها عن حالة الوضع الحقوقي الذي آل إليه المغرب بصفة عامة، وجهة الشمال بصفة خاصة، دعا المنتدى من خلالها، وعبر مناضليه ومناضلاته وكافة الفعاليات المشاركة في الوقفة الاحتجاجية، إلى إسقاط الحكومة التي عمقت الجراح الاجتماعية، عبر سياساتها الفاشلة، وتعاونها مع السلطة المخزنية الاستبدادية، إذ تراجعت خلال ولايتها الكثير من المكتسبات الحقوقية، إضافة إلى كونها ساهمت في إطفاء شمعة حركة 20 فبراير المنبثقة عن الحراك الاجتماعي، الذي كان حصان طروادة التغيير المعول عليه، ليعرف المغرب تزايدا في استعمال القمع والإجهاز على القدرة الشرائية للمواطنين، عمقت الآلام الاجتماعية بعد تزايد وتيرة البطالة في صفوف حملة الشهادات الجامعية وتفشي الفقر بين مختلف الشرائح الاجتماعية، التي أتت في إطار سلسلة الزيادات التي سنتها الحكومة الحالية، مست مختلف المواد الأساسية. تخللت الوقفة الاحتجاجية كلمات الحضور المشارك فيها، خصوصا كلمة والدة وزوجة معتقل المنتدى محمد جلول، الذي يقبع في سجن الحسيمة، منذ أزيد من سنتين، ضريبة لنضاله السياسي والحقوقي، الهادف إلى تحقيق كرامة المواطن، وعقابا له على حيويته ونشاطه من داخل المنتدى وحركة 20 فبراير، يؤدي سنوات سجنه إلى جانب رفيقه في المنتدى مصطفى بوهني، المعتقل هو الآخر على خلفية الحراك الاجتماعي، إضافة إلى كلمة للإتحاد الوطني لطلبة المغرب، بين من خلالها المتحدث باسمها حيثيات ملف الطلبة المعتقلين وتطوراته الخطيرة، إذ دخل الطلبة المعتقلين في إضراب مفتوح عن الطعام منذ أزيد من شهر، تدهورت خلالها حالتهم الصحية بشكل خطير، مما ينذر باستشهادهم، وانضمامهم إلى قائمة شهداء الحراك الاجتماعي، إن لم تتحرك الجهات المسؤولة بشكل عاجل من أجل إنصافهم. كما أنه، وخلال الوقفة الاحتجاجية، تم قراءة بعض رسائل المعتقلين على خلفية الحراك الاجتماعي، تبين أن الاعتقال السياسي واحد والأسباب متعددة ومختلفة تتفنن الأجهزة القمعية في صياغتها واستحداثها لتلفيق التهم للمناضلين الشباب المنادين بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وهذا ما أكدته كذلك كلمة ممثل حركة توادا إيمازيغن بجهة الشمال في كلمته حول معتقلي الحركة الأمازيغية. مرت الوقفة الاحتجاجية في جو من المسؤولية، تم خلالها استحضار المحطات النضالية للمعتقلين وظروفهم في السجون المخزنية، والتي تبتغي، من خلالها وعبرها، السلطة المخزية أن تنال من كرامتهم ومن معنوياتهم، وأن تمتهن حرفة استصغار القوى الخلاقة، وقوى التغيير، داخل المجتمع لتثنيهم عن إصرارهم واستماتتهم في النضال من أجل وطن آخر، وطن ديمقراطي حر متعدد ومتنوع، غير هذا الذي يحتقر مواطنيه ويستعبدهم ويحط من كرامتهم، وهذا ما عبرت عنه لافتة تحمل شعار "أطلقوا معتقلينا أو اعتقلونا جميعا"، وباقي اللافتات، التي أثثت للوقفة الاحتجاجية، إذ نطقت بالوضع الحقوقي المتردي بالمغرب بالقدر ذاته الذي صدحت به حناجر الحضور المشاركين في الوقفة الاحتجاجية، التي اقترب عددها من 300 مشارك ومشاركة، حسب تقديرات المنظمين للوقفة، والتي دامت زهاء الساعتين. هذا وقد عرفت الوقفة الاحتجاجية حضور عدد من المواقع الإلكترونية الجهوية بالريف الكبير، فيما لوحظ غياب شبه كلي للصحافة الوطنية، مما أثار عدة تساؤلات وبعض الشكوك، خصوصا وأنه قد تم مراسلة الصحافة الوطنية اليومية والأسبوعية وباقي المواقع الإلكترونية. وقد عزز هذه الشكوك عدم حضور باقي الإطارات الحقوقية المركزية، كالجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والمنظمة، والعصبة... رغم دعوتها للمشاركة في الشكل النضالي الذي تتشارك فيه قضية الاعتقال السياسي وباقي القضايا الحقوقية، حسب تأكيدات مسؤولي المنتدى، وهو ما تأكد في الكلمة الختامية للمنسق العام لمنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب، الذي شكر رغم ذلك الهيآت الحقوقية التي لم تحضر في حسرة بادية لا تخلو من الأسئلة والشكوك معا. وفي الختام أكد المنسق العام لمنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب، في كلمته، على مواصلة المنتدى عزمه الأكيد في الترافع على المعتقلين السياسيين، والذهاب بملفهم بعيدا، وما الرباط إلا محطة من محطات ترافع المنتدى على المعتقلين السياسيين، أتت بعد اللجنة الدولية للمعتقلين السياسيين التي أحدثها المنتدى، من أجل التعريف بالمعتقلين السياسيين بجهة الشمال، وفضح كافة الخروقات المرتبطة بالاعتقال السياسي، في خطوة لتدويل الاعتقال السياسي بالريف الكبير، كما لم يفته أن يطالب بالكشف عن الحقيقة كاملة في ملف الشهداء على خلفية الحراك الاجتماعي، شهداء الحسيمةوتازة وباقي الشهداء في كل أرجاء الوطن، إذ كان نصيب الريف الكبير فيه لافتا للانتباه، وهذا يدل على حقيقة واحدة مرة كالعلقم، ألا وهي استمرارية السلطة المركزية في سياساتها الرامية إلى شن حملات تأديبية على الريف الكبير كل حين، حيث ذهب إلى كون مسلسل هيأة الإنصاف والمصالحة انتهى إلى الفشل، وأن مسلسل المصالحة مع الريف لم يبدأ بعد، كما تشير إلى ذلك لافتة رفعها مناضلو المنتدى. أما بخصوص التقسيم الجهوي، فقد عبر المنسق العام عن رفضه للتقسيم الحالي الرامي إلى ضبط الريف من خلال المقاربة الأمنية، لا من خلال شعار التنمية المحلية المستدامة الذي تتشدق به الدولة الرسمية بمناسبة وبدون مناسبة. هذا إلى جانب دعوته إلى إعادة كتابة تاريخ المغرب عامة، والريف خاصة، بأقلام وطنية نزيهة ومستقلة. وهذا لن يتم طبعا دون الكشف عن الحقيقة كاملة غير منقوصة كما صرح بذلك في ختام كلمته.