في سياق تداعيات الأزمة الحالية بين المغرب وإسبانيا بسبب استقبال الأخيرة زعيم جبهة البوليساريو، أبدى تقرير إسباني توجسا من التطور العسكري المغربي والدينامية الإيجابية التي شهدها ملف الصحراء بعد الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية. وخلص تقرير لمعهد الأمن والثقافة الإسباني إلى أن "خطط المغرب لإعادة التسلح إلى جانب اعتراف الولاياتالمتحدة بمغربية الصحراء تمثل تحدياً لوحدة الأراضي الإسبانية وللمصالح الاقتصادية الأوروبية". ويرى تقرير مركز التفكير المعنون ب"المغرب وجبل طارق والتهديد العسكري لإسبانيا" أن اعتراف أمريكا بالسيادة المغربية على الصحراء "يقوض" النفوذ الذي تحتفظ به إسبانيا وفرنسا على المنطقة المغاربية، معتبرا أن هذا القرار يُعزز من جهة دور إدارة بايدن في المنطقة، ومن جهة أخرى يعزز الموقف المغربي "في التنافس الذي يحافظ عليه مع الاتحاد الأوروبي لاستغلال مياه الصحراء، وهي منطقة غنية بالمعادن مثل التيلوريوم أو الكوبالت أو الرصاص". وعبر التقرير عن التخوف من طموح "التوسع الإقليمي" للمغرب، مشيرا إلى تصريح رئيس الحكومة سعد الدين العثماني الذي عبر فيه عن طرح ملف سبتة ومليلية المحتلتين بعد حل نزاع الصحراء الذي يحظى بالأولوية اليوم. وتحدث التقرير الإسباني عن المنافع الاقتصادية التي سيجنيها المغرب من الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، مشيرا إلى المشروع العملاق لإنشاء خط أنابيب غاز يربط نيجيريا بالمغرب وأوروبا، ويجب أن يمر بالضرورة عبر الصحراء. ويتموقعُ التقرير الإسباني إلى جانب الجزائر، معرباً عن تخوفه من خطط المملكة للتفوق العسكري الإقليمي وكسر النفوذ الجزائري في المنطقة اقتصاديا وعسكريا بفضل الدعم الأمريكي والسعودي، وفق التعبير الوارد فيه. وأورد المعهد الإسباني أن الجيش المغربي عرف تطوراً عسكرياً لافتاً في السنوات الأخيرة بعد حصوله على موارد مادية مكنته من تنويع مصادر التزود بالأسلحة، إضافة إلى زيادة كبيرة في ترسانته الحربية. وحذر تقرير معهد الأمن والثقافة الإسباني حكومة بلاده من سباق التسلح المغربي، معتبرا أنه "يولد عدم استقرار إستراتيجي على المديين القصير والمتوسط في شمال إفريقيا"، وينقل عن خبراء أن "إعادة التسلح المغربي وإحكام السيطرة على الصحراء يمكن أن يمثلا، على المدى الطويل، تحديًا لوحدة أراضي إسبانيا". وباتت إسبانيا قلقة من التحرك المغربي منذ ترسيم المملكة حدودها كقرار سيادي دون تشاور معها، إذ عبرت مدريد عن توجسها من الخطوة الجريئة، خصوصا في ظل الحديث عن وجودِ ثروات معدنية باطنية في الشّريط الأطلسي قبالة سواحل الصحراء، وهو ما يفسر رفض مدريد لاعتراف أمريكا بمغربية الصحراء، لأن إسبانيا تعتبر نفسها بمثابة "الوصي الاستعماري" على المنطقة. وحاولت مدريد الضغط على إدارة بادين لتغيير الموقف الأمريكي من الاعتراف بمغربية الصحراء، معتبرة القرار بمثابة "توجه انفرادي" وأن "حل النزاع الإقليمي لا يعتمد على إرادة دولة واحدة مهما كان حجمها"، وأن "الحل هو بيد الأممالمتحدة".