مباشرة بعد ترؤسه لفعاليات قمة أعمال إفريقيا المنظمة على هامش مؤتمر المناخ "كوب 22" بمراكش، استأنف الملك محمد السادس جولته الإفريقية التي قطعها خصيصا لترؤس أشغال التظاهرة الدولية، من بوابة أثيوبيا التي كان قد أجّل زيارتها ضمن المرحلة الأولى من جولته الإفريقية. ولم ينتظر الملك وقتا طويلا للعودة إلى أحضان القارة السمراء، التي سيطرق بابها هذه المرة عبر البلد المحتضن لمقر الاتحاد الإفريقي، الذي سبق أن قدم المغرب طلب العودة إليه، فيما يرتقب أن تشمل الجولة الجديدة، حسب مصادر هسبريس، كل من مدغشقر وكينيا ونيجيريا، التي عرفت بمناصبة حكامها العداء للوحدة الترابية للمملكة. وقد ربط العديد من المراقبين هذه الدينامية، التي تعرفها الدبلوماسية المغربية في القارة السمراء، بطموح المغرب العودة إلى كرسيه الفارغ بمنظمة الاتحاد الإفريقي. ومن جهته، اعتبر محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية، أن هذه الدينامية تجسد "ثورة هادئة" يقودها المغرب من أجل لعب موقع ريادي داخل القارة يتجاوز العلاقات الثنائية مع البلدان الإفريقية. ويرى بنحمو، في تصريح لهسبريس، أن الزيارات الملكية المتواصلة لعدد من البلدان الإفريقية تمثل جزءا من إستراتيجية حقيقية تهدف إلى بناء علاقات على أسس برغماتية تضمن مصالح كل الأطراف، مضيفا أن تنظيم قمة إفريقيا للعمل بمراكش على هامش قمة المؤتمر الثاني والعشرين للأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية "كوب22" خطوة ذكية للرفع من هذه الدينامية وتعزيز حضور المملكة في الفضاء الإفريقي أضاف الخبير في العلاقات الدولية أن المغرب يكتب مرحلة جديدة في تاريخه مع القارة الإفريقية في ظل انتقال الدبلوماسية المغربية للعمل خارج المجالات التقليدية والتاريخية المرتبطة بالعمق الإستراتيجي، أي خارج مناطق الغرب والوسط الإفريقي ومنطقة الساحل والصحراء، مستطردا بالقول: "المغرب أصبح، اليوم، حاضرا في شرق القارة.. وبدون شك، هذه الإستراتيجية ستصل أيضا إلى بلدان جنوب إفريقيا". كما لفت المتحدث إلى العلاقة التي بدأت تتأسس بين شخصية الملك محمد السادس وبين الشعوب الإفريقية، التي عبّرت عن إعجابها به في مختلف الاستقبالات التي خصصت للجالس على العرش في معظم البلدان التي زارها، مستطردا بالقول: "الملك أصبح بالنسبة إلى البلدان الإفريقية حاملا لهمومها وقضاياها لما عبّر عنه من رغبة لجعل إفريقيا في قلب السياسات الداخلية للمملكة، كما جاء في خطاب المسيرة الخضراء الأخير". وحول النتائج التي قد تسفر عنها هذه الدينامية، أشار بنحمو إلى بداية تقهقر حضور جبهة البوليساريو في القارة، لافتا إلى إمكانية تقلص عدد الدول التي تعترف بها وتتبنى موقفا سلبيا من المغرب لن يتجاوز في المرحلة المقبلة 10 دول من أصل 54 دولة.