استمع قاضي تحقيق بالمحكمة الاستئنافية للنّاظور إلى 5 أمنيين منتمين للمنطقة الإقليمية لأمن النّاظور، وذلك قبل أن يتمّ الأمر بإيداع ثلاث منهم بالسجن المحلّي للنّاظور انتظارا للتعليمات المواكبة للبتّ في ملفّهم، حيث جاء الاستماع التفصيلي في أعقاب انتهاء مدّة وضعهم رهن الحراسة النظرية، و لم تفلح مطالب دفاع الأضنّاء في تمتيع كلّ الأمنيين بالسراح بعد أن رفض قاضي، التحقيق الذي سهر في مباشرة مسطرة الاستماع إلى غاية وقت متقدم من صبيحة اليوم الأربعاء. ومواكبة لذلك، عرفت الساحة المحاذية للبوابة الرئيسية لاستئنافية النّاظور تواجدا أمنيا مكثّفا رغم توقيت برمجة الإجراءات القضائية الخاصة بالملف انطلاقا من مغيب شمس الثلاثاء، إذ لوحظ حضور محمّد جلماد، رئيس المنطقة الإقليمية لأمن النّاظور، في مواكبة منه للأحداث، في حين انتشر عدد أفراد من الشرطة على عدّد من النقط وهم مرتدون للزيّ النظامي، إلى جانب توافد ملفت لعناصر من الاستعلامات العامّة وآخرين منتمين للتقسيم الجهوي من مديرية مراقبة التراب الوطني، إذ رابط الكلّ بمحيط المحكمة ضمن مهامّ أمنية صرفة فرضت عليهم الالتزام بأماكنهم لما بعد الساعة الثالثة صباحا. مصادر أفادت بوجود تعليمات صارمة قاضية بالامتناع عن التصريح بأي معلومة عن القضيّة التي يتابع ضمنها الشرطيون الخمس، وهو ما حذا بكافة المتصل بهم لمجابهة الاستفسارات بتعليلات محيلة لغياب معطيات واضحة عن الملفّ، إلاّ أنّ هذه الإجابات "الرسمية" لم تفد في نفي وجود "تعليمات عليا" هامّة فتح التحقيق في قضية مرتبطة ب "شطط" قُرن بمفوضية الشرطة بيلدية بني انصار (12 كيلومترا شمال غرب النّاظور)، وفرقة الشرطة القضائية، حيث تمّ التلميح بوجود إجراء "فاسد" رُصد على متن إحدى ملفاتها قبل سنتين. القضية التي تنتظر تكييف التهم، أعقابَ انتهاء الاستماع التفصيلي الذي ينكبّ على إنهائه قاضي التحقيق، تهمُّ خمس أفراد شرطة بينهم ضباط، معروفين لدى العامّة بأسماء "ر.ع" و"ع.أ" و"د" و"ع" و"ع.م"، فعلت ضدّهم أولى إجراءات المتابعة بتدخل عناصر منتمية للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، تواجدوا بالنّاظور وبني انصار نهاية الأسبوع الماضي، إذ طال استماعهم عددا من كبار مسؤولي الأمن الوطني بين المدينتين، من بينهم الرئيس الأسبق للمنطقة الإقليمية لأمن النّاظور، محمّد الدخيسي، المتواجد منذ منتصف 2009 شاغلا لأولى المسؤوليات على رأس ولاية أمن العيون. التفاصيل المتوفرة عن القضية تشي بأنّ لحظة البداية تعود إلى سنة 2007، إذ كان أمنيان اثنان تابعان لمفوضية أمن بني انصار ممارسين لمهامهما على متن سيارة خدمة من نوع "بُوجُو بَارْتْنِيرْ"، فقاما بتفعيل تمشيط لعدد من أحياء دائرة نفوذهم الترابي قبل أن يتمكّنا من إيقاف شابّين، وضعاهما داخل العربة قصد النقل إلى مقر المفوضية تفعيلا المساطر القانونية، إلاّ أنّ ما حدث بعدها أفضى إلى انقلاب سيّارة الشرطة وإصابة شابّ من بين المتواجد على المقعد الخلفي بأضرار بدنية "خطيرة" تسببت في عاهة، إذ يُفاد بهذا الصدد أنّ الشرطيين عمدا إلى مطاردة إحدى العربات المستغلّة في التهريب انطلاقا من مليلية قبل فقدان السيطرة على سيارة الشرطة ومنه إلى انقلابها وإلحاق أضرار مادية وبدنية كنتيجة لكلّ هذا. رواية ما بعد الحادث تقرّ بأنّ رقعة القضية بدأت تنحو صوب التصعيد بعد أن عمد الشاب الضحيّة، مرفوقا بوالده، إلى قصد الشركة العاملة على منح تأمين لسيارات الشرطة بهدف استخلاص تعويض يمكّن من الإسهام في مصاريف التطبيب التي كان يخضع لها الضحية، إلاّ أنّ المفاجأة حضرت بعد أن جوبه طلب الاستخلاص بالرفض لكون عقد التأمين يهمّ راكبين اثنين فقط لسيّارة الشرطة، ما حذا بولي أمر الشاب المتضرر إلى قصد أكثر من مسؤول أمني دون إفلاح في إيجاد حلّ للوضع الصحيّ لابنه.. إلى أن جاء صيف العام الماضي، وهو الموعد الذي تمكّن من خلاله نفس ولي الأمر من تسليم ملك البلاد، خلال زيارته السنوية للمنطقة، رسالة استعطاف مطالبة بتدخّل ملكي، وهو الإجراء الذي أفضى إلى التدخّل المرصود بالنّاظور. من جهة أخرى تشي التحركات التي فعّلها عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بإمكانية عصف الواقعة، التي دارت رحاها قبل ثلاث سنوات، بمناصب عدد من الأمنيين بالنّاظور، إذ تفصح معلومات متطابقة بوجود "خروقات" طالت المحاضر المنجزة بخصوص الواقعة لتجعل منها "فضيحة" إذا ما أفصح عن مضمونها الكامل، من بينها تغيير اسم سائق عربة الشرطة، المنتفية عنه الصفة الممكنة لقيادة عربة خدمة، باسم فرد آخر مرخّص له، وهو ما خذا بالمتتبعين وكذا ضبّاط شرطة يتحدّثون عن إجراءات مسطرية رامت التحوير قصد حماية الشرطيين "المتورطين" ضمن الحادث، وأنّ من بين الأسماء المهدّدة مشتغلون بمفوضية أمن بني انصار وآخرون بمقر منطقة الأمن الإقليمي زيادة على ثلة من رجال الاستعلامات العامّة.