صعدت الجزائر، أكثر من ذي قبل، وبلغة خالية من المجاملات الدبلوماسية، حملتها ضد المغرب، في المدة الأخيرة، وعادت إلى اتهام جارها الغربي بإغراقها بالمخدرات المهربة من المغرب. ولم يكتف رئيس الحكومة الجزائرية، عبد المالك سلال،الذي يقوم مقام رئيس الدولة، اثناء غياب الرئيس الجزائري،عبد العزيز بوتفليقة، لم يكتف بتعداد انعكاسات المتاجرة بالمخدرات وتأثيرها الضار على الاقتصاد الوطني، بل ذهب هذه المرة إلى ربطها بالنشاط الإرهابي الذي تواجهه بلاده. حيث أكد سلال أن الأموال المتأتية من تجارة الممنوعات، تستعمل في تمويل الشبكات الإرهابية. وفيما اعتبره المراقبون، محاولة للإيقاع بين المغرب وتونس، ذهب المسؤول الجزائري الأول عن الجهاز التنفيذي، إلى القول إن التحريات التي أجرتها المصالح الأمنية الجزائرية مع نظيرتها التونسية، خلصت إلى وجود ارتباط بين أموال المخدرات والغارات التي تشنها المجموعة الإرهابية المسلحة على الجيش التونسي، وأكثرها دموية تلك التي جرت في جبال "الغنايشي" على الحدود الجزائريةالتونسية وخلفت حوالي عشرة قتلى في صفوف الجيش التونسي. ولم يعلق المغرب على الاتهام الجزائريالحديد، على اعتبار أن التهريب كنشاط غير مشروع، خارج عن إرادته وهو يقوم بمحاربته قدر المستطاعفهو المتضرر منه بدوره، بل كثيرا ما ناشد السلطات الجزائرية وحثها على التعاون والتنسيق الأمني في هذا المجال. وعلى الرغم من تسريب تقارير في الأيام الأخيرة تحدثت عن وجود درجة من التنسيق الأمني المستمر بين الجزائر والمغرب على صعيد الحدود وخاصة ما يتعلق بمراقبة انشطة تهريب البضائع والبشر والسلاح وتبادل المعلومات، جاءت تصريحات سلال الأخيرة في مدينة "تلمسان" لتؤكد مستوى التردي الذي وصلته العلاقات بين البلدين الجارين. وتجهل الدواعي التي جعلت "سلال" يحشر تونس في خضم الخلاف بين بلاده والمغرب . وعلى افتراض صحة ما أورده، فلا يعني ذلك صلة المغرب من قريب او بعيد بتجارة المخدرات والتواطؤ مع العصابات المسلحة للإلحاق الضرر بتونس. ويأتي تصريح سلال الأخير، بعد الاتهام المماثل والخطير الذي ورد على لسان فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقول الإنسان النابعة لرئاسة الجمهورية الجزائرية، الذي قال بصريح العبارة إن المغرب تحول إلى دولة مخدرات تستعمل كسلاح دمار ضد بلاده الجزائر. إلى ذلك ربطت تقارير صحافية الحملة الإعلامية الجزائرية ضد المغرب وابتكار الأساليب لتبريرها، بالانتصارات الدبلوماسية التي حققها المغرب بخصوص نزاع الصحراء وأخرها تصويت البرلمان الأوروبي لصالح اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي لمدة أربع سنوات، والذي لا يستثني شواطئ الصحراء في الجنوب المغربي من المناطق المسموح بالصيد فيها للسفن الأوروبية. وكانت جبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر، قد شنت على مدى السنوات الأخيرة ومنذ انتهاء صلاحية اتفاق الصيد الأخير وأثناء مفاوضات تجديده، شنت حملة أعلامية واسعة ضد المغرب، للضغط على برلمان "ستراسبورغ" لكي يصوت النواب الأوروبيون ضد الاتفاق، كونه يبيح ممارسة الصيد في مناطق بحرية تقول جبهة البوليساريو إنها ليبست تحت سيادة المغرب بل منطقة متنازع عليها تحت إشراف الأممالمتحدة.