في زمان لم يكن المغاربة قد عرفوا المدرسة (السكويلة) بشكل كاف كانوا يؤرخون بالسنوات والأعوام، وقلة قليلة ممن كانت تضبط تواريخها بينما عامة الناس يتحدثون عن سنوات معروفة صادفت ميلادهم أو كان لديهم سن معين وبالتالي يحاولون خلق تاريخ تقريبي لذواتهم. فيؤرخون بعام براير لسنة 1923. حيث زرع الناس البذور في وقتها المؤقت فلاحيا لكن السما شحت بالقطرة فقنط الناس وكادوا “يعصرون”، ففرج الله الأمر واستمرت الأمطار في الهطول طوال شهر فبراير فسمي عام براير. ويؤرخون بعام القملة حيث أصاب نوع من القمل البهائم ولم يبق عليها وأصيب الناس بالخيبة. ويؤرخون بعام البون وعام الجوع وعام لهويفة لسنة 1942. عام دخول المريكان. حيث أكل الناس الأعشاب والكلأ ومات كثيرون من الناس جوعا. ويؤرخون ب”رفود الخامس” إلى انتفاضة 20 غشت سنة 1953؛ سنة نفي الملك محمد الخامس وعائلته إلى مدغشقر، ومازال بعض الناس من “السكة القديمة” كلما رأوا تجمعا بشرا إلا وشبهوه ب”مدام كاسكار” أي مدغشقر. سيأتي زمان، ومن أطال الله عمره، سيسمع عن تأريخ جديد. بدل عام البون وعام الجوع وعام لهويفة وعام براير وعام القملة سيسمع عن “عام بنكيران” الذي تم فيه عصر الناس عصرا ولم تتم إغاثة اللهفان ووزع فيه بنكيران بدل الأموال على الفقراء نسخا من كتاب “إغاثة اللهفان” لإبن القيم الجوزية تلميذ شيخ التكفيريين بن تيمية ونموذج بنكيران العالمي في الكتاب، حسب ما صرح به في برنامج “ميزنكور” على القناة الثانية، وهي كتب تؤسس للقدرية و”الرزق على الله” و”عفا الله عما سلف”. عندما فاز عبد الإله بنكيران وحزبه بالرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية وعد المغاربة بالمفاجأة السارة. وقال قبلها أعطونا نحكم ستة أشهر وسترون العجب. فعلا لقد رأينا العجب العجاب. لقد رأينا تنكر بنكيران لبرنامجه الانتخابي، الذي وفقه صوت عليه المواطنون. لقد رأينا كيف تخلى بنكيران عن البرنامج الحكومي الذي يعتبر تراجعا عن البرنامج الانتخابي. لقد رأينا كيف سارت الحكومة، ليس لمدة ستة أشهر ولكن ستة عشر شهرا، دون برنامج أصلا “غير كتصاطح”. وأولى مفاجآت بنكيران السارة بعد تشكيل حكومته في نسختها الأولى كانت هي الزيادة في ثمن المحروقات. ولأن بنكيران يتوفر على جرأة خارقة على كل ما هو اجتماعي استولى على برنامج واحد في ثلاث قنوات عمومية ليشرح للمواطنين أن الزيادة ستكون في صالحهم ووعد الفقراء بمخصصات مالية شهرية. وقال إن هذه الزيادات لن يكون لها تأثير على القدرة الشرائية للمواطنين ضاربا المثل الأضحوكة ب “لي بنان”. اليوم وهو يستعد لتشكيل حكومته في نسختها الثانية يستعد لإطلاق المفاجأة السارة الثانية بزيادات أخرى في المحروقات، واكتفى هذه المرة بإرسال مصطفى الخلفي وزير الاتصال ليقول إن ذلك جزء من إصلاح صندوق المقاصة. بنكيران وعدكم بالجنة فوق الأرض واليوم يعدكم الفقر. ادريس عدار