بينما اكتفت حكومة عبد الإله بنكيران بوضع امرأة واحدة وسط ثلاثين وزيرا، انتخب الحزب الاشتراكي الموحد امرأة أمينة عامة للحزب. إنها "ضربة معلم"، كما يقول المصريون الثوار. صحيح أنها ليست المرة الأولى التي يجري فيها انتخاب امرأة على رأس حزب سياسي مغربي. فقبل نبيلة منيب، عشنا تجربة انتخاب أمينة العلوي على رأس الحزب الأخضر المغربي، ولازلنا نعيش تجربة تربع زهور الشقافي على رأس حزب المجتمع الديمقراطي المغربي. غير أن الظرفية التي تم فيها انتخاب نبيلة منيب أمينة عامة لليسار تحمل الكثير من الدلالات، وتطرح الكثير من التساؤلات. والسؤال الأكبر هو ذاك الذي سيُطرح على حكومة بنكيران أبد الدهر، حيث تم تعيين امرأة واحدة في هذه الحكومة، بعيدا عن منطوق الدستور الجديد الذي دعا إلى مراعاة تمثيلية المرأة، في أفق المناصفة. ذلك أن الديمقراطية ما عادت تقاس بمجرد التداول على السلطة، وصعود هذا الحزب أو ذاك، بقدر ما تقاس، وأساسا، بمدى حضور المرأة وتمثيليتها واحترامها. وبعيدا عن السياسة، تابعت، مؤخرا، تغطية إسبانية على قناتهم الأولى للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، وتساءلت: ما لهؤلاء الإسبان والسينما المغربية؟ ألا يفترض في قنواتهم أن تخصص أغلب متابعاتها السينمائية للفيلم الجديد لمخرجها الكبير "ألمودوفار"، وما أشبه ذلك؟. ولما تابعت التغطية وجدتها وقد اهتمت، أساسا، بصورة المرأة والعنف والتهميش والإقصاء الذي تعيشه، كما تؤكد أفلامنا ذلك، ومن بينها الفيلم الأخير لنرجس النجار "عاشقة من الريف"، الذي تهاجمهه جريدة العدالة والتنمية "التجديد" ولاتزال، حتى بعد صعودها إلى الحكومة. وليس هذا الهجوم على الفيلم، بغض النظر عن قيمته الجمالية، إلا هجوما على المرأة (العاشقة) المهمشة والمعنفة، في الريف المهمش المعنف المقصي، مثلما تم تهميش المرأة في حكومة بنكيران "المزغبة". بعد وصول نبيلة منيب إلى الأمانة الأمانة العامة لليسار، تذكرت آخر تصريح لها أوردت فيه أنه سبق لبسيمة الحقاوي أن قالت لها إنه لا حرج من زواج "العيالات" القاصرات إذا كُنَّ "فاخرات". أفلا توجد في حزب العدالة والتنمية والتحالف الحكومي "عيالات فاخرات"، يمكن أن يكنَّ وزيرات مثلك يا بسيمة؟؟؟ بالفعل، لقد رد اليسار الاعتبار للمرأة قولا وفعلا، هذه المرة. والأمل معلق عليه من أجل مجتمع ديمقراطي حقا، لا تكون فيه المؤسسات والفضاءات العمومية حكرا على الرجال. ذلك أن التقاء الذكور، والذكور وحدهم، في فضاء واحد، يبعث على الشك، وهو مدعاة للشذوذ والعياذ بالله. بعدما ظل المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد مفتوحا طيلة أسابيع، بحثا عن الزعيم، وبعد رفض الساسي الترشح لعضوية المكتب السياسي، وبالأحرى الترشح للأمانة العامة للحزب، ها هو اليسار قد عثر على الزعيم، في انتظار التنظيم، حتى لا يكون قدرنا أن نعيش بين الذكور فقط. وقديما قال ابن عربي: "كل ما لا يُذَكَّرُ ولا يُؤَنَّثُ لا يعول عليه".