يبدو أن المضادات الحيوية من عائلة السيفالوسبورينات تفقد قدرتها ونجاعتها في محاربة البكتيريا المسببة لمرض السيلان. هذا ما جاء في بحث جديد أجراه باحثون في مركز الأدوية في الولاياتالمتحدة، والذي فحص عشرات الآلاف من عينات السيلان التي تم جمعها على مدى عقد من الزمان. يقول أحد الأطباء المختصين إن هذا المعطى المفاجئ يفرض تغيير طريقة علاج السيلان. فليست هذه المرة الأولى التي تنجح فيها بكتيريا السيلان بتنمية قدرات على مواجهة عدد من المضادات الحيوية: البينيتسيلين، التيتراتسيكيلين، السولفونميدات، والآن أصبح قسم صغير منها قادرا على مواجهة الأزيطرومايسين". على ضوء هذه المعطيات، يوصي مركز الأدوية الأمريكي بعلاج مرض السيلان بواسطة الدمج بين الأزيطرومايسين والسيبترايكسون. حيث أن أهم ميزة بالدمج بين هذين العقارين لعلاج السيلان هي أن أحد العقارين سيكون ناجعا على الأقل، حيث سيتغلب كل واحد منهما على البكتيريا في طور من أطوار التطور. وهكذا، فالمس بالبكتيريا في مرحلتين من مراحل تطورها يزيد من احتمالات الشفاء. وبالعادة، ترافق بكتيريا السيلان بعض أنواع البكتيريات الأخرى مثل الكلاميديا، وبإمكان الدمج بين النوعين أن يكون ناجعا ضد هذه الأنواع أيضا. هذه النتائج قد تكون مقلقة بسبب انتشار هذا المرض بشكل خاص خلال أشهر الصيف: تموز – أيلول. والسبب هو أنه خلال هذه الأشهر، وبشكل طبيعي، يمضي الناس وقنتا أطول خارج المنزل، يذهبون للبحر وبرك السباحة، كما يلتقون مع الأصدقاء في أماكن السهر، كما يزداد نشاطهم الجنسي. يقول مختص آخر، إن أفضل علاج هنا هو العلاج الوقائي، حيث أن استخدام الواقي الذكري المطاطي يحمي من الإصابة بعدوى الأمراض الجنسية. كذلك، من المحبذ أن تمتنع النساء عن ممارسة الجنس مع الرجال الذين يعانون من إفرازات من طرف العضو الذكري. كما من المحبذ أن يقوم من يعتبرون في مجموعات الخطر (الرجال المثليون – هومو- أو من يقيمون علاقات جنسية مع شركاء مختلفين في كل مرة) بفحص لوجود بكتيريا السيلان مرتين في السنة، وكذلك في بداية فترة الحمل وعند نهايته. يعتبر السيلان أكثر أنواع الأمراض الجنسية انتشارا حول العالم، وهو الأمر الذي يصح بالنسبة لبلادنا أيضا. فخلال السنوات الأخيرة، طرأ ارتفاع على نسبة الإصابة بالسيلان من 1.5 حالات لكل 100 ألف شخص إلى 17 حالة لكل 100 ألف مواطن في الدولة. ما يسبب الإصابة بمرض السيلان هو بكتيريا اسمها "النيسرية البنية" التي تهاجم الأغشية المخاطية في الجهاز التناسلي والمسالك البولية، فتحة الشرج، البلعوم والعينين. وهذا نظرا لمحبتها الزائدة للأماكن ذات الرطوبة العالية. تبلغ فترة الحضانة والتفقيس لدى بكتيريا السيلان من يومين إلى أسبوع. ويتم الاستدلال على الإصابة بها من خلال الإفرازات القيحية اللزجة، سواء كانت صفراء أو دموية اللون، من العضو التناسلي. لكن لا بد من الإشارة إلى أن ليس كل اتصال جنسي بمصاب بالسيلان ينقل العدوى. فالاتصال الجنسي لمرة واحدة بين رجل سليم وسيدة مصابة، يزيد احتمال نقل العدوى ب 25%. كذلك، فإن احتمال نقل العدوى يزداد كلما ازداد عدد مرات الاتصال الجنسي بين الشخصين. ورغم كل ذلك فإن النساء السليمات يعتبرن أكثر عرضة للإصابة إذا ما مارسن الجنس مع رجال مصابين – احتمال إصابتهن بالمرض هو 50%. كيف تنتقل العدوى؟ تنتقل البكتيريا بالأساس من خلال العلاقات الجنسية التي لم يتم استخدام الواقي الذكري المطاطي خلالها. كذلك، فإن ممارسة الجنس الفموي تزيد احتمال انتقال العدوى للبلعوم بما بين 10 – 20 بالمائة. وهنالك أيضا حالات من انتقال العدوى عبر الملابس، المناشف وحتى مفارش السرير. كما أن البكتيريا قد تنتقل من الأم الحامل إلى جنينها خلال الولادة. النساء تحت رحمة أزواجهن ينتشر مرض السيلان بشكل أكبر بين الرجال: فمقابل كل سيدتين تصبن بالسيلان، يصاب ثلاثة رجال. ذروة الإصابة بين الرجال تكون في جيل 20-24 عاما، ولدى النساء بجيل 18-24. غالبية الرجال يشعرون بأعراض المرض، والتي تشمل آلاما وحرقة عند التبول، إفرازات من العضو الجنسي وانتفاخات بالخصيتين. كذلك، فإن أعراض التلوث الشرجي تشمل إفرازات وحكة، وفي بعض الحالات إفرازات دموية ومؤلمة. المشكلة هي أن نحو نصف الرجال لا يتوجهون لتلقي العلاج الطبي، حتى بعد نصف عام من الإصابة. وذلك نظرا لأنهم لا يربطون بين الأعراض وبين المرض. خلال هذه الفترة يكون هؤلاء الرجال"قنابل موقوتة متنقلة" ويستمرون بنقل العدوى للمزيد من النساء. بالمقابل، لدى النساء، ليست هنالك علامات خارجية للإصابة بالمرض، وفقط ما بين 10% إلى 20% يعين وجود المرض لديهن. وذلك نظرا لأنه لا يتم الشعور المرض لدى النساء إلا بعد أن يكون قد وصل إلى المراحل النهائية. لذلك، فإنه من الممكن أن تقوم النساء بنقل العدوى لأزواجهم دون أن تكن على علم بذلك. من العلامات التي تثير الشكوك بوجود المرض لدى النساء هو النزيف خلال ممارسة الجنس، الحرقة خلال التبول، وبعض الإفرازات من المهبل. أما الأعراض الأكثر تقدما التي تشير إلى وجود التلوث داخل الحوض فتشمل آلام البطن، ارتفاع حرارة الجسم، التقيؤ والنزيف بين دورتين شهريتين. المضاعفات: من المهم تشخيص المرض في الوقت المناسب وعلاجه من أجل منع حدوث المضاعفات. فالأعضاء التي تتضرر من الإصابة لدى النساء هي عنق الرحم، المهبل، الإحليل، والمستقيم القولوني. كذلك، فإنه لدى نحو خمس السيدات المصابات بالتهاب عنق الرحم، تنتقل البكتيريا وتصل إلى المبيضين. يكون التهاب المبيضين مصحوبا بألم شديد أسفل البطن، كما من الممكن أن يكون المرض الشديد مصحوبا بارتفاع درجة حرارة الجسم والتهاب شديد. إضافة لكل ذلك، من الممكن أن تتورط بعض الأعضاء الأخرى بالإصابة، مثل قناة فالوب أو غشاء البطن. إذا لم يتم اتباع علاج بالمضادات الحيوية، من الممكن أن تنتشر البكتيريا لتصيب المبيضين حتى تدمرهما أو تسبب لهما الانسدادات، مما يؤدي للعقم لدى النساء. لدى قلة من المصابين، تنتقل البكتيريا عبر الدورة الدموية إلى الأعضاء الداخلية ومن الممكن أن تسبب التهاب السحايا، التهاب الرئتين، التهاب داخل القلب، التهاب المفاصل وغيرها. كذلك، فإن الأطفال الذين يولدون لأمهات مصابات بالسيلان، من الممكن أن يصابوا بالتهاب الملتحمة الذي قد يؤدي للعمى. وعلى الرغم من العلاج الناجع بقطرات نايترات الفضة، ما يزال السيلان ثاني أكثر الأسباب التي تؤدي للعمى لدى الأطفال.