يشكل تغلغل الثوار الليبيون الأحرار ، إلى رأس نظام القدافي طرابلس ، لحسم المعارك التي دامت ستة أشهر بمعية القصف الجوي لحلف النيتو ، شرخا مدمرا لناصية جمجمة نظام القذافي العتيدة : باب العزيزية ، الذي طالما ، ضن الطاغية بأنه قد شيد من خلالها على مدى إثنان وأربعين عاما لنفسه ولأولاده ولحاشيته ، جنة خالدة وملكا لا يبلى . حتى إذا طغى وتجبر،واستبد بالشعب الليبي الأبي بلا حدود . ثم سفك دماءه بأذنابه المسعورة ، بعدما انتفض على الظلم ، منذ 17 فبراير ، انقلب عليه السحر وأصبح ضحية بعدما كان جلادا: فبين وصفه للثوار بالمهلوسين تارة ، . وبالإرهابيين مرار وتكرار ، وتهديدهم بأنه: سيطهرهم زنكة زنكة... تارة أخرى ، ونعتهم بالجرذان ، أصبح في الأخير هو المهلوس المجنون . وهو الموصوف بالإرهابي الحقير الذي يختطف صحافيين إيطاليين ، يقومون بواجبهم المهني ، ويطلق صواريخ سكود ، على مواطنين عزل. و هو المطارد الآن زنكة زنكة من طرف الثوار ، وهو من يتخذ كذلك وضع موضوع اللقب الذي نبز به الثوار "الجرذان". . إن كل المحصول الذي زرعه وحرثه منذ مدة يحصده الآن في نفس الفصل ، فصل ربيع الشعوب التواقة للتحرر. بالمقابل نجد بأن إرادة الشعب الليبي من أجل التحرر ، كانت عصية على أن تحصد كالماء الجارف ، و عصية على أن تستلب كالعاصفة الهوجاء ، والامساك كالزئبق، والانكسار كصخرة صماء . منذ أن ثارت مشاعرالكرامة والعزة في دماء الليبيين ، على إحساسهم بالذل والاهانة ، الذي لازم حياتهم ردحا من الزمن ، وضرورة الاستكفاء من ذلك. فثاروا فعليا قلبا وقالبا ، ريثما أطاحوا بتمثال الكتاب الأخضر في بنغازي ، وبدأت حينها الثورة تؤلف كتابا أسودا لبداية نهاية الديكتاتورية في ليبيا ، يجمع بين طياته آثار ومجريات مراحل تداعي أركان نظام الطاغية الفريد من نوعه نحو السقوط . بالإضافة إلى مراحل انهياره وقرب نهايته الكاملة. التي سيشهد التاريخ إثرها على عظمة ، ونبل هذه الثورة التي قرر من خلالها الشعب الليبي المصير المشترك بطريقة منسجمة ومنسقة ، رغم التكلفة الجسيمة التي تكبدها . ليبقى الأمل بالنسبة للأثر الذي ستتركه انتصارات هذه ، الثورة على شعوب شمال افريقا التي لم تبدأ بعد في التحرر ، من سطوة الاستبداد والديكتاتورية: كموريتانيا والجزائر، أو تحاول كالمغرب . أن تضيء في نفوسها الإرادة الخلاقة نحو شق طريق الخلاص . أو تلك التي هي في منتصف الطريق ، أو على مشارف إنهائه ، كما هو الشأن بالنسبة للشعبين السوري و اليمني أن تعطيهما ثقة في النفس أكثر، ويقينا بأن إرادة شعب ما في اسقاط نظام غاشم ليس اختبارا وإنما حتمية لابد منها: وانتصارات تونس ومصر وليبيا لم تكن فأر تجربة ، بل كانت ضرورة لابد من الوصول إليها ، تحت ضغط الديكتاتورية التي ولدت انفجار ثوراتها. [email protected]