شارك ترجمة وتعريب : محمد القنور عن أعداد مجلة : NEWS WEEK لعقود طويلة ظل ملايين المهتمين بالتاريخ و الأخبار بالإضافة إلى الطلبة والباحثين والمؤرخين في المغرب، وحول العالم يتعلمون خلال حصة درس التاريخ بأن الزعيم النازي أدولف هتلر مات منتحرا في نهاية الحرب العالمية الثانية بعد أن أصبح قاب قوسين أو أدنى من الوقوع أسيرا بيد قوات الحلفاء , و قد تداول الجميع هذه الرواية و رددوها حتى أصبحت من المسلمات رغم عدم وجود أي دليل مادي يدعم صحتها سوى شهادة بعض الأشخاص المخلصين والمقربين من الزعيم النازي أدولف هتلر الذين بقوا إلى جانبه حتى أخر لحظة من "حياته", أما الأدلة المادية فتمثلت في قطعة من جمجمة بشرية تبين بالفحص المختبري عام 2009 بأنها تعود لامرأة وليس لرجل !!. ملف تطرحه "مراكش بريس" لقرائها وقارئاتها ، ضمن "فسحة الأحد" . فيا ترى ما هي حقيقة انتحار هتلر و هل قضى نحبه في دار المستشارية حقا أم انه استطاع الفرار و قضى ما تبقى من حياته في البرازيل أو في فينزويلا أو أي مكان نائي وبعيد و هو يضحك ملئ شدقيه بسبب خدعته المحكمة التي استغفل بها ستالين وتشرشل وترومان وقبله روزفلت وكل جيوش ومخابرات الحلفاء بالعالم. هل انتحر حقا ؟ بداية النهاية
ربما لم يخطر على بال أدولف هتلر Adolf Hitler عندما انتقل للسكن في دار المستشارية مطلع عام 1945 بأنه سيحاصر داخل قبو المبنى الضخم الذي طالما كان منبرا لخطبه النارية التي ألهبت حماس الملايين من الألمان كما انه لم يتخيل بالطبع , حتى في أسوء كوابيسه , بأنه سيأتي يوم لن يتمكن فيه من التجول حتى في الشوارع القريبة المحيطة بالمبنى القابع وسط برلين , فبعد أن كان خياله الجامح قد صور له لسنوات طويلة بأن فيالقه العسكرية ستحمله إلى ابعد نقاط الأرض ها هو اليوم محاصر من كل جهة وسط ركام العاصمة التي أراد لها أن تكون سيدة العالم المطلقة لمدة ألف سنة، لقد بدا واضحا بأن نهاية النازية و سقوط برلين ما هي إلا مسألة وقت وإن إمبراطورية الرايخ الثالث الخالدة التي زعم هتلر بأنها ستدوم لقرون بدأت تنهار بسرعة قياسية تحت وقع الضربات القوية للحلفاء الذين أخذت جيوشهم تزحف بسرعة من الغرب و من الشرق لتطبق كفكي كماشة على العاصمة المخربة والمنكوبة , لقد أصبح الانتصار محسوما للماريشال الستاليني "زخوف" ولجيوش الحلفاء، فقد أخذ كل منهم يخططون لمرحلة ما بعد الحرب، "جوزيف ستالين" من مكتبه في الكريملين، والحلفاء الغربيين من عواصمهم لندن وباريس وواشنطون، حول كيفية تقاسم الكعكة الألمانية. وما من شك في كون ان هتلر أدرك في النهاية حتمية الهزيمة لكنه كان لازال يأمل بحدوث معجزة ما تقلب موازين القوى و تجعل الفيالق السوفيتية بقيادة جوكوف تنتحر عند بوابات برلين! حيث ظل يعطي أوامره إلى قادة جيشه لتحريك القوات من دون أن يدرك بأن معظم هذه الجيوش التي كان يحركها على الورق لم يعد لأغلبها وجود على ارض الواقع إذ أن معظمها أفنيت عن بكرة أبيها أو فر جنودها باتجاه الغرب خوفا من أن يقعوا أسرى بيد القوات الروسية الزاحفة تحت إمرة الماريشال "جوكوف " البلوريتاري من جهة الشرق. بعد ان فشلت خططه في صد الجيوش السوفيتية خارج برلين عقد هتلر في 22 ابريل اجتماعا عسكريا مع هيئة أركان حربه استمر لمدة ثلاث ساعات و قد ظهر خلالها في حالة مريعة من الغضب و اليأس و القنوط و اقر صراحة خلال الاجتماع باحتمال أن تخسر ألمانيا الحرب لكنه رفض بشكل قاطع أي شكل من إشكال الاستسلام و اعتبر الإقدام على التفاوض مع العدو بمثابة الخيانة عظمى كما رفض بشدة نصيحة بعض الضباط بترك دار المستشارية و الفرار إلى منطقة جبال الألب في بافاريا لإدارة القتال و المقاومة من هناك , لقد بدا هتلر مصمما على البقاء في برلين من اجل القتال حتى النهاية كما انه عبر بجلاء عن رغبته في الانتحار و وضع حد لحياته و استشار لاحقا طبيبه فارنر هاسه حول أفضل الطرق لتنفيذ ذلك فأقترح عليه تناول سم السيانيد ثم إطلاق رصاصة على الرأس. الرواية الرسمية لأيام هتلر الاخيرة مبنى دار المستشارية قبل ان يهدمه الروس و في القبو تحته امضى هتلر اخر ايام حياته وفي اليوم التالي أعطى هتلر الأذن لجميع الموجودين في دار المستشارية بالمغادرة إذا رغبوا في ذلك و قد غادر معظمهم بالفعل و لم يبق مع هتلر سوى مجموعة من الأشخاص المقربين مثل عشيقته ايفا براون (Eva Braun ) و وزير إعلامه جوزيف غوبلز مع زوجته و أطفاله الستة و من العسكريين بقي عدد من كبار الضباط مثل مارتن بورمن و كذلك عدد من أفراد حماية هتلر و مرافقيه الشخصيين و بعض ضباط و جنود وحدات النخبة النازية المعروفة ب (SS ) إضافة إلى بعض الموظفين المدنيين مثل السكرتيرات و الطباخ. في يوم 26 ابريل وصل مدى نيران المدفعية الروسية إلى قلب برلين و تعرض مبنى دار المستشارية للقصف للمرة الأولى. في يوم 28 ابريل جن جنون هتلر عندما علم عن طريق غوبلز بأن هاينريش هيملر يفاوض الانكليز سرا من اجل الاستسلام , لقد كان هيملر رفيق نضال هتلر منذ السنوات الأولى لتأسيس الحزب النازي و كان لسنوات طويلة ذراع هتلر الضارب الذي طالما استعمله لقمع أعدائه و خصومه بدون رحمة فهو رئيس وحدات النخبة و تخضع لسلطته جميع المؤسسات الأمنية النازية. لقد اتفق جميع المتواجدين في قبو دار المستشارية على أن هتلر أصيب بحالة من الغضب لم يسبق لهم أن شاهدوا لها مثيلا عليه في السابق إذ اخذ يصرخ بصورة هستيرية مطالبا بإنزال اشد العقاب بهيملر , وكنوع من الانتقام الارتجالي أمر حرسه الشخصي بأن يقبضوا على احد الضباط الذي كان ممثلا لهيملر في المبنى و أمر بأن يعدم فورا فأخذوه إلى الأعلى و أعدموه رميا بالرصاص في الحديقة الخلفية لدار المستشارية. بعد خيانة هيملر بدء هتلر يصاب بحالة من جنون الارتياب , كما انه بدء يفكر جديا في الانتحار لكي لا يلاقي نفس مصير حليفه لزعيم الفاشي بينتو موسوليني في ايطاليا حيث اعدم و تم التمثيل بجثته التي سحلت و علقت رأسا على عقب في إحدى ساحات ميلانو. بلوندي كلبة هتلر المدللة أول المنتحرين
كان لدى هتلر عدة كبسولات من سم السيانيد القاتل التي حصل عليها عن طريق بعض ضباط وحدات النخبة النازية و لكن لأن أفراد هذه الوحدات كانوا تحت إمرة هيملر فقد بدء الشك يخامر هتلر في أن تكون الكبسولات التي بحوزته مزيفة لذلك أمر بتجربتها على كلبته المدللة "بلوندي" و قد ماتت الكلبة المسكينة في الحال ما أن تم وضع إحدى الكبسولات في فمها. وعند منتصف ليلة 28 ابريل 1945 تزوج هتلر من عشيقته ايفا براون في قبو دار المستشارية , كانت ايفا ترتدي ثوبا من الحرير الأسود أما هتلر فقد كان مرتديا بدلته العسكرية , و قد قام احد الضباط بإتمام مراسم الزواج المدني حيث سأل العروسين إذا كان كلاهما من العرق الآري النقي و لا يحملان أي عيوب وراثية! و عندما ردا بالإيجاب أعلنهما زوجا و زوجة أما شهود الزواج فقد كانا كل من غوبلز و بورمن , و يقال أن ايفا أخبرت الحضور تلك الليلة بأنها حامل بطفل هتلر إلا أنه لا يوجد أي دليل يدعم صحة ذلك الادعاء , و بعد حفلة صغيرة و مختصرة شاركت فيها الحلقة المقربة من هتلر توجه الجميع إلى غرفة الجلوس و تناولوا إفطارا مختصرا مع الشمبانيا و بعدها غادر هتلر مع سكرتيرته ترادول يونغه إلى مكتبه ليملي عليها وصيته الأخيرة التي تضمنت قسمين أحداهما وصية شخصية ابتدأها بمدح إخلاص عشيقته "ايفا براون" , رغم انه لم يذكرها بالاسم , و قال إن زواجهما كان ليتم منذ مدة طويلة لولا انه حرم نفسه من جميع المتع الشخصية و ضحى بها من اجل خدمة الشعب الألماني كما ذكر أنهما قررا الانتحار و أوصى بتسليم لوحاته الفنية إلى مدينة لينتز التي قضى ردحا من حياته فيها كما أوصى بأي شيء ذي قيمة يملكه بأن يوزع بين أقاربه و سكرتيرته و جعل مارتن نورمن مسئولا على تنفيذ وصيته , أما الوصية السياسية فقام فيها بطرد كل من هيرمان غورنغ و هاينريش هيملر من الحزب و عين كابينة جديدة للحكومة كما تضمنت الوصية نفس مبادئه و شعاراته التي رددها طوال السنوات السابقة و تنصل فيها من المسؤولية عن نشوب الحرب و هاجم اليهود مجددا و اعتبرهم السبب في كل مصائب العالم. وبعد أن وقع الوصية و شهد عليها كل من غوبلز و مارتن و فون بيلوف توجه هتلر إلى غرفة نومه مع ايفا , و يبدو إن الليلة الأخيرة في حياة الفوهرر لم تكن مريحة إذ انه لم يستطع النوم حتى الصباح. الإجتماع الأخير والرصاصة الصامتة في ساعة متأخرة من صباح اليوم التالي اجتمع هتلر مع "هيلموت فيدلنغ" قائد عمليات الدفاع عن مدينة برلين و الذي اخبره بأن قوات الجيش الأحمر السوفيتية، بقيادة الماريشال "زوخوف" لا تبعد سوى مسافة 500 متر عن دار المستشارية و أن المدينة ستسقط على الأرجح قبل حلول الظلام ثم طلب منه الإذن بوقف القتال و على عكس من المرة السابقة التي رد بها هتلر على طلب مماثل لفيدلنغ بعصبية و خشونة فإنه هذه المرة اكتفى بالصمت ثم أنهى الاجتماع , و يبدو إن هتلر كان عازما على الانتحار قبل حلول مساء ذلك اليوم لذلك أرسل عند الساعة الواحدة أوامره ل "فيدلنغ" يأذن له بموجبها بوقف القتال في تلك الليلة , ثم تناول وجبة الغداء عند الواحدة ظهرا مع سكرتيراته و الطباخ و كان الطعام يتكون من القليل من المعكرونة مع الصلصة , و بعد أن انهوا تناول طعامهم قام كل من هتلر و ايفا بتوديع العسكريين و الموظفين الموجودين في قبو دار المستشارية ثم انسحبوا إلى مكتب هتلر الخاص و أغلقوا الباب دونهم و كان ذلك عند الساعة الثانية و النصف ظهرا. عند الساعة الثالثة و النصف من يوم 30 ابريل سمع بعض الموجودين في قبو دار المستشارية صوت إطلاق نار قادم من داخل مكتب هتلر , مع إن اوتو غانيش معاون هتلر الشخصي الواقف عند باب المكتب مباشرة لم يسمع شيئا؟!! , و بعد أن انتظروا لعدة دقائق قام كل من مارتن بورمن و رئيس التشريفات هاينز لينغه بفتح باب المكتب الصغير و على الفور شما رائحة تشبه رائحة اللوز المحروق تعبق هواء الغرفة و هي رائحة غاز السيانيد. ثم دخل اوتو غانيش إلى الغرفة و شاهد جثة هتلر مستلقية على أريكة صغيرة و هي منحنية إلى الأمام و الدم يتدفق منها بغزارة و عند أقدام هتلر كان يقبع مسدسه الشخصي ملقيا على الأرض , و رغم ان جميع المتواجدين في غرفة هتلر آنذاك اتفقوا على انه مات منتحرا إلا أن أقوالهم تناقضت حول الطريقة التي انتحر بها , البعض قال بأنه قضم كبسولة السيانيد ثم وضع المسدس في فمه و أطلق النار إلى الأعلى مما أدى إلى تطاير جزء من مقدمة جمجمته , فيما قال آخرون بأنه أطلق النار على جبهته بعد أن ابتلع السيانيد و أن الطلقة اخترقت عنقه. وإلى اليسار من جثة هتلر على نفس الأريكة استلقت جثة ايفا بروان لكن جسمها كان منحنيا بعيدا عن هتلر و لم يكن هناك أي اثر لجروح أو دماء على جثتها و بدا جليا بأنها انتحرت بواسطة قضم كبسولة السيانيد فقط , و المفارقة أنها انتحرت بعد اقل من أربعين ساعة على زواجها و كانت في سن الثالثة و الثلاثين عندما فارقت الحياة اما هتلر فكان عمره عند موته 56 عاما و عشرة أيام. هتلر يوصى شبيبته بحرق جثته كان هتلر كان قد اوصى بحرق جثته لكي لا يمثل بها إذا وقعت بيد الروس و أوكل هذه المهمة إلى معاونه الشخصي اوتو غانيش الذي قام بمساعدة هاينز لينغه و ارتر اكسمن بلف الجثة بسجادة رمادية اللون ثم حملوهما إلى الأعلى عبر ممر الطوارئ إلى الحديقة الخلفية الصغيرة لدار المستشارية و قاموا بوضعها داخل إحدى الحفر التي سببتها قذيفة سوفيتية ثم عادوا و جلبوا جثة ايفا و ممدوها إلى جانب جثة هتلر و قاموا بسكب حوالي مئة لتر من الغازولين على الجثتين ثم أضرموا النار فيهما و وقفوا لبرهة لمشاهدة المنظر بعد ان رفعوا أيديهم لإلقاء التحية الأخيرة على الفوهرر , و قد شهد عملية الحرق كل من غوبلز و بورمن و غانيش و لينغه إضافة إلى ضابطين و بعض الحرس , و سرعان ما عاد الجميع الى داخل المبنى بسبب شدة القصف الروسي لكن حارس بوابة الممر المؤدي الى الحديقة قال فيما بعد انه استمر بمراقبة الجثث و هي تحترق حتى تفحمت تماما و إن القذائف الروسية أنجزت بقية المهمة إذ مزقت بقايا الجثث و بعثرتها بحيث لم يبق لها أي اثر. بعد انتحار هتلر و حرق جثته بدء جميع من في دار المستشارية بالتسلل من المبنى من اجل الفرار من قبضة الروس باستثناء غوبلز الذي انتحر مع زوجته و أطفاله في اليوم التالي لانتحار هتلر , و في 2 مايو , أي بعد يومين على انتحار هتلر , دخلت وحدة خاصة من استخبارات الجيش الروسي إلى دار المستشارية كانت مهمتها الرئيسية هي معرفة مصير هتلر فرغم أن الإتحاد السوفياتي كانوا يعلمون بأنه انتحر لكن جوزيف ستالين في موسكو كان يريد دليلا حيا يثبت إن عدوه اللدود قد أصبح حقا في عداد الموتى. في البدء عثر أفراد الوحدة السوفيتية على جثث أطفال غوبلز الستة الذين قتلتهم أمهم عن طريق حقنتهم بالسيانيد ثم عثروا على جثتي غوبلز و زوجته "ماجدا" محروقتين جزئيا في حديقة مبنى المستشارية. و في نفس اليوم شاهد احد الجنود الروس عن طريق الصدفة بقايا سجادة محروقة في إحدى الحفر التي خلفتها القذائف المنهمرة على الحديقة الخلفية لدار المستشارية و تحت السجادة عثر الروس على بقايا جثة هتلر و ايفا براون إضافة إلى رفات محروقة لجثتي كلبيهما و زعم الروس بأنهم استطاعوا التعرف عن جثة هتلر عن طريق عظام فكيه و أسنانه التي أكد أطباء أسنان هتلر بأنها تعود له. سرية سوفياتية حول جثة هتلر قام الإتحاد السوفياتي بنقل جثة هتلر بسرية تامة من اجل فحصها و تشريحها ثم رفعوا تقريرا مفصلا لستالين يؤكد ان الجثة المكتشفة في الحديقة الخلفية لدار المستشارية تعود لهتلر , و خلال تنقل الوحدات السوفيتية داخل الأرض الألمانية قاموا بدفن و نبش جثث هتلر و ايفا عدة مرات ثم أخيرا استقر بها المطاف في قبر مجهول بالقرب من احد المقرات الأمنية السوفيتية في ألمانيا الشرقية السابقة , لكن في عام 1970 كان على الإتحاد السوفياتي تسليم المبنى للسلطات الألمانية بموجب اتفاقية ثنائية و قد خشي المسئولين الإتحاد السوفياتي من ان يتم العثور على بقايا جثة هتلر فتتحول الى رمز و مزار للنازيين الجدد و القوميين الألمان , لذلك قامت وحدة خاصة من المخابرات السوفيتية (KGB ) بنبش قبر هتلر و إخراج ما تبقى من رفاته ثم احرقوها و نثروا رمادها بواسطة المروحية فوق جبال الألب الألمانية , و يبدو ان الإتحاد السوفياتي استثنوا من الحرق قطعة صغيرة من جمجمة هتلر فيها ثقب يعتقد انه ناتج عن الرصاصة التي انتحر بها و كذلك احتفظوا بجزء صغير من طقم الأسنان الكاذبة في فكه إضافة إلى الأريكة التي يعتقد أن هتلر انتحر و هو جالس عليها و كانت آثار الدم لازالت تغطيها. لغز هتلر وأشباهه رغم كل ما تقدم لكن في الحقيقة لا احد يعلم ماذا جرى بالضبط داخل قبو دار المستشارية خلال الأيام و الساعات الأخيرة التي سبقت انتحار هتلر و حرق جثته , فكل المعلومات حول تلك الأحداث جاءت عن طريق الأشخاص المقربين من هتلر الذين رافقوه حتى أخر لحظة و استطاعوا النجاة من الموت خلال معركة برلين , كما أن لا احد سوى الله وحده يعلم ماذا جرى داخل الغرفة التي انتحر فيها هتلر مع ايفا , هل كانت الجثة المكتشفة داخل الغرفة تعود لهتلر حقا ؟ لا تنس عزيزي القارئ ان هتلر و ايفا قبعا لوحدهما داخل الغرفة لقرابة الساعة قبل أن يدخل غانيش و يشاهد جثثهم و لا احد يعلم بالضبط ماذا فعلا خلال تلك الساعة الأخيرة. غانيش و لينغه و اكسمن قالوا ان الجثة التي كانت في الغرفة كانت تعود لهتلر لكن يجب ان لا ننسى ان هؤلاء الأشخاص كانوا من اقرب المقربين للفوهرر و أكثرهم إخلاصا و لا يوجد ما يمنع أن يكونوا قد كذبوا بهذا الشأن أو أن يكونوا جزءا من مؤامرة دبرت بعناية عن طريق قتل شخص شبيه بهتلر فمخابرات الحلفاء كانت على علم تام بأن هتلر كان يملك ستة أشباه , ثم تم إيهام الجميع بأن الجثة تعود لهتلر خاصة و أن وجه الجثة كان مشوها جزئيا و مغطى بالدم , و مما يدعم هذا الرأي هو التناقض الواضح في أقوال هؤلاء الأشخاص فبعضهم سمع صوت الرصاصة التي انتحر بها هتلر فيما لم يسمع الآخرون ذلك و بعضهم قال أن هتلر أطلق النار داخل فمه في حين قال الآخرون انه أطلق النار على جبهته و بعضهم قال إن هتلر و ايفا كانا جالسين على أريكة واحدة فيما قال البعض الأخر إن هتلر كان يجلس على كرسي منفصل. أما الأكثر طرافة فهو زعمهم بأن هتلر و ايفا انتحرا عن طريق قضم كبسولات السيانيد أولا ثم قام هتلر بإطلاق النار على رأسه! و هذا الأمر مستحيل فتأثير سم السيانيد فوري و عند تناوله أو استنشاقه سرعان ما يدخل الإنسان في غيبوبة قد تؤدي إلى الموت خلال لحظات و من المحال أن يستطيع شخص تناول سم السيانيد من أن يرفع مسدسا إلى رأسه و يطلق النار على نفسه!. أما بالنسبة لحرق الجثة فقد قال الحرس في الحديقة بأنهم شاهدوا جثة هتلر وهي تحترق لكن هل كانت جثة هتلر هي التي تحترق أم جثة شخص أخر ؟ لا ننسى أنها كانت ملفوفة جزئيا ببساط. أما بالنسبة إلى جثة ايفا فإذا صدقنا بأنه ليس هناك خدعة و إن الشهود كانوا صادقين في روايتهم حول انتحار هتلر و ايفا فما الذي يمنع من أن يكون هتلر قد أوهم ايفا بأنه تناول كبسولة السم مما دفعها إلى أن تحذوا حذوه ثم قام هو و أعوانه بتدبير مسرحية محكمة انطلت على الجميع , بل ان هناك من يذهب ابعد من ذلك و يزعم ان جثث هتلر و ايفا التي أخرجت من الغرفة كانت مجرد دمى مصنوعة بدقة في حين ان هتلر و ايفا الحقيقيين فرا خلسة من المبنى بطريقة أو بأخرى , لا تنس عزيزي القارئ أن الألمان كانوا امة متطورة بل إنهم سبقوا الكثير من أمم العالم آنذاك في مجال العلم و التكنولوجيا و إن معظم الاكتشافات العظيمة التي حققتها الدول الكبرى بعد الحرب كانت بمساعدة العلماء الألمان الذين تم أسرهم و نقلوا سرا إلى مختبرات سرية أمريكية و سوفيتية للاستفادة من خبراتهم التي قادتهم إلى المساهمة في اختراع و تطوير القنابل الذكية , والقنبلة النووية , والطائرة النفاثة , وعلم الوراثة .. سقوط برلين ومزاعم السوفيات
ثم نأتي إلى مزاعم الإتحاد السوفياتي , ففي بداية سقوط برلين زعموا بأن هتلر حي و أنهم القوا القبض عليه ثم بعد ذلك عادوا و قالوا انه هارب و أخيرا زعموا أنهم وجدوا جثته في حديقة دار المستشارية و قصة العثور على الجثة هي نكتة بحد ذاتها إذ إن وحدة الاستخبارات السوفيتية العتيدة المكلفة بمعرفة مصير هتلر لم تستطع العثور على جثته رغم أنها فتشت دار المستشارية شبرا شبرا و لكن احد الجنود الإتحاد السوفياتي شاهد عن طريق الصدفة بقايا سجادة محروقة في احد الحفر لذلك احضر معولا و بدء بالحفر طمعا في العثور على كنز!! و لكنه بدل أن يعثر على الذهب عثر على بقايا كلب محروق ثم حفر أكثر و عثر على جثة كلب أخر! و يبدو أن الجندي المعتوه لم يكتف بالعثور على كلبين محروقين فاستمر بالحفر ليعثر أخيرا على جثث هتلر و ايفا و استطاع التعرف عليها رغم أن حراس هتلر قالوا ان جثته قد تحولت بعد حرقها إلى قطعة فحم و إن القذائف الروسية المنهمرة على مبنى دار المستشارية بعثرتها و مزقتها كل ممزق حتى لم يبقى لها اثر. فكيف تمكن إذن الجندي السوفيتي العبقري من التعرف إلى الجثة ؟ و لماذا هذه الجثة المزعومة لم تصور باستثناء صورة واحدة يتيمة هي بحد ذاتها فضيحة و دليل على كذب الروس (انظر الصورة أعلاه عزيزي القارئ) , فبعد خمسين سنة على موته المزعوم خرج علينا الروس بصورة وحيدة ملتقطة ضمن فيلم قصير و قد اجمع كل من رآها بأنها لا تعود لهتلر و أنها على الأرجح تعود لشبيهه أو أنها مفبركة , ثم على افتراض إن الصورة حقيقية و ليست من اختراعات المخابرات السوفيتية فمن التقط هذه الصورة ؟ إذ إن جميع من كانوا في قبو دار المستشارية لم يذكروا شيئا عن التقاط صورة لهتلر بعد انتحاره فهل كان ملتقط الصورة هو جندي روسي و متى التقطها ؟ هل لبس طاقية الإخفاء و تسلل إلى الغرفة التي انتحر بها هتلر و التقط الصورة بدون أن يراه احد من حرس هتلر أم انه التقط الصورة بعد إحراق الجثث و تفحمها؟!! ثم لماذا لم يحتفظ الإتحاد السوفياتي بأي شيء من جثة هتلر؟ فكل أدلتهم على موته تنحصر بقطعة من أسنانه الكاذبة و قطعة أخرى من جمجمته و قد أصبح هذان الدليلان اللذان كشف عنهما الروس بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991 حيث ظل الإثبات الوحيد على موت هتلر. مفاجأة جديدة حول حقيقة إنتحار هتلر لكن في عام 2009 جاءت المفاجأة الكبرى و الضربة القاصمة التي هدمت أكاذيب الإتحاد السوفياتي من الأساس , فبعد اخذ و رد طويل حصل بعض الباحثين الأمريكان على موافقة السلطات الروسية في الحصول على عينة صغيرة من قطعة الجمجمة المزعومة لهتلر و بعد إجراء الفحوص الدقيقة و اختبار الحمض النووي بأحدث التقنيات الموجودة في العالم تبين ان قطعة الجمجمة التي شكلت لعقود الدليل الرئيسي على موت هتلر هي في الحقيقة تعود إلى جمجمة أنثى يتراوح عمرها بين 20 – 40 عام !!. أنها فضيحة تاريخية بكل المقاييس و المعايير فهي تعيدنا إلى نقطة الصفر و إلى السؤال الذي طرحه ستالين على ضباطه قبل سبعين عاما : هل حقا انتحر هتلر؟ فعلى الرغم من ان الاطباء الروس قدموا له تقريرا مفصلا آنذاك حول تشريح جثة هتلر المزعومة إلا ان الرجل لم يقتنع أبدا بأن الجثة حقيقية , و قد يقول البعض ان قطعة الجمجمة ربما تعود لأيفا براون التي كان عمرها عندما انتحرت 33 عاما و لكن جميع الأشخاص الذين تواجدوا داخل دار المستشارية أثناء انتحار هتلر لم يذكروا ان ايفا كانت مصابة بطلق ناري في رأسها لا عندما عثر على جثتها داخل مكتب هتلر و لا عندما أحرقت هذه الجثة في حديقة دار المستشارية. هل كان هتلر شخصا مجنونا ومهما يكن، فقد لا يكون مصير هتلر مهما اليوم فهو الآن ميت بكل الأحوال لأنه حتى لو كان حيا فعمره الآن يتجاوز المائة و العشرون عاما , لكن المفارقة انه نجا من المحاكمة على جرائمه و لم يستطع أي شخص إذلاله و القبض عليه إذ في جميع الأحوال , سواء كان انتحر أو تمكن من الفرار , فهو لم يحاكم و لا وقف وجها لوجه أمام ضحاياه و لا وصلت أيدي أعداءه إليه , بل إن جل ما استطاع الحلفاء فعله هو تلفيق مجموعة كبيرة من الأكاذيب أما الحقيقة الواضحة كالشمس في رابعة النهار فهي ان أحدا لا يعلم على وجه الدقة ماذا حدث لهتلر , ربما يكون انتحر حقا لكن كل المزاعم حول العثور على جثته هي محض كذب , و هناك من يزعم انه فر إلى أمريكا الجنوبية و عاش سعيدا لما تبقى من عمره بل إن هناك العديد من الأشخاص خلال العقود المنصرمة ممن ادعوا أنهم شاهدوا هتلر في أماكن مختلفة من العالم و هذا موضوع آخر قد يطول الخوض فيه الخلاصة ، ان هناك الكثير من الأشخاص حول العالم يعتقدون أن هتلر كان شخصا مجنونا حملته الفرص و الصدف و ظروف ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى إلى أن يتسلق سلم السلطة لاعبا على أوتار القومية الألمانية و على الجرح النازف الذي خلفته معاهدة فرساي في كرامة الوجدان الألماني , لكن الحق يقال , و بغض النظر عن كون الرجل كان معتوها أو مجنونا , فإنه دوخ العالم في حياته و في مماته. و أما حياته الكاملة فأعتقد أن أحداثها تحتاج إلى مجلدات لتغطية تفاصيلها لما كان لها من اثر كبير في تاريخ العالم الحديث فيكفي أن نعرف إن الحرب العالمية الثانية خلفت 70 مليون قتيل لنعلم حجم هذا التأثير. لكن بالنسبة لمن لا يعلمون شيئا عن هتلر فباختصار هو أدولف ألويس هتلر ولد في النمسا عام 1889 و كان أبوه موظفا في الجمارك النمساوية أما أمه فهي كلارا هتلر , و هناك لغط كبير حول نسب والد هتلر فقد سجل في الكنيسة التي تم تعميده فيها على انه طفل غير شرعي و ذلك قبل خمسة أعوام من زواج أمه (جدة هتلر) و هي مزارعة بسيطة اسمها "ماريا شكلجروبر" من "جوهان هيدلر" الذي تحول إسمه إلى "هتلر" , و هناك عدة أشخاص مرشحين كأجداد لهتلر من ضمنهم احد اليهود الأغنياء الذين عملت جدة هتلر كخادمة في بيته لفترة من الزمن ، والواقع أنها مصيبة كبيرة لو كان جد هتلر الحقيقي يهوديا! و لغز أصل هتلر و من هو جده الحقيقي بقي موضوع طويل قد يحتاج إلى بحث وإستقصاء بحد ذاته لكن أنصار هتلر و مريديه يقولون بأن "جوهان" هو جده الحقيقي و أن اللغط حول نسبه مفتعل من قبل أعداءه , و في النهاية قد لا يعلم سوى الله من هو الرجل الذي أودع نطفته المثيرة للقلاقل في رحم جدة هتلر .. تلك النطفة التي حصدت ملايين الأرواح!. فقد كانت طفولة هتلر تعيسة فوالده كان قاسيا و غالبا ما كان يضربه مع أمه , و لهتلر شقيقة واحدة اسمها "باولا" و لديه أخ و أخت غير شقيقين هم أطفال والده من زواجه الأول , مات والده مبكرا فسافر إلى فيينا العاصمة النمساوية لاحتراف الرسم و عاش ردحا من حياته كرسام "فاشل" ثم خدم كجندي ساعي بريد في الجيش الألماني أثناء الحرب العالمية الأولى جرح خلالها و حصل على وسام الشجاعة مرتين و خلال هذه الفترة تبلورت لديه ألأفكار القومية فانضم بعد الحرب الى حزب العمال الاشتراكي الوطني الألماني ، وهو ما يعرف اختصارا بالحزب النازي و كانت هذه هي الخطوة الأولى التي أدخلته إلى عالم السياسة ثم حملته الظروف و الصدف ليصبح الرجل الأول في ألمانيا. مقاومة إلى آخر رمق للدفاع عن برلين والواقع، أن برلين لم تسقط بسهولة إذ إن الألمان قاتلوا بشراسة للدفاع عن عاصمتهم و في بعض أجزاء المدينة كانت وحدات النخبة النازية تقاتل من بيت إلى بيت وكانت هناك مقاومة عنيفة من قبل الآلاف من قوات الجيش و الشرطة و المتطوعين من شبيبة هتلر ومعظمهم من الأطفال و المراهقين و بلغت خسائر السوفييت أثناء معركة برلين قرابة النصف مليون بين قتيل و مفقود و جريح و قد انتقم الجنود الروس ربما بسبب الجرائم التي اقترفها النازيين في روسيا بعد انتهاء المعركة إذ تعرضت المدينة للنهب و الغارة و اغتصبت قرابة المائة ألف امرأة ألمانية و عانى السكان من ويلات الجوع و المرض. ورغم ان الكثير من الكتب دارت حول حياة هتلر الجنسية و علاقاته بالنساء و اتهامه من قبل البعض بالشذوذ الجنسي إلا انه لا يوجد أي دليل يثبت انه كان شاذا فالرجل ارتبط بعدة علاقات مع النساء قد تكون أشهرها هي علاقته مع "ايفا براون" و هي الوحيدة التي تزوجها لمدة 40 ساعة! قبل أن تنتحر معه , أما أشهر علاقاته التي دار حولها اللغط و الإشاعات فهي مع ابنة أخته "غير الشقيقة" المسماة جلي رابول و رغم انه لا يوجد أي دليل يؤكد إن العلاقة بين الاثنين كانت جنسية ، إلا أن هتلر كان يبدي شغفا غير طبيعي بجلي و قد عثر عليها ميتة اثر إصابتها بعيار ناري في بيت هتلر و قيل حينها أنها انتحرت إلا ان المؤرخين يعتقدون انها قتلت و يتهم بعضهم هتلر أو احد معاونيه بقتلها لأنها أرادت ترك هتلر و السفر إلى فيينا , و جميع المؤرخين يتفقون على ان موت جلي كان بمثابة تحول جوهري كبير في حياة هتلر إذ ان شيئا ما مات داخله منذ ذلك الحين و استل معه أي شعور إنساني كان يحمله و يقال ان هتلر كان يحتفظ بصورة لجلي في جميع غرف نومه و انه كان يتأملها بحزن قبل أن يخلد إلى النوم كما كان يحظر على الأشخاص المحيطين به ذكر اسمها لما يسببه ذلك من أذى نفسي له. سم السيانيد وسيلة انتحار نازية
وعودة إلى سم السيانيد الذي سبق الحديث عنه ، فيبدو ان سم السيانيد كان وسيلة الانتحار المفضلة لدى النازيين فمعظمهم كانوا يحملون كبسولات صغيرة تحتوي على هذا السم استعملوها لاحقا لقتل أنفسهم فمثلا هيملر انتحر بالسيانيد بعد ان قبض الانكليز عليه فباغتهم و ابتلع كبسولة السم و مات في الحال أما غورنغ فقد حكم عليه بالإعدام في محاكمات النازيين في كوتنبرغ إلا ان حراس زنزانته وجدوه ميتا في فراشه و تبين انه انتحر عن طريق ابتلاع كبسولة سيانيد لا يعلم على وجه الدقة كيف وصلت إليه رغم الحراسة المشددة , أما مارتن بورمن الذي كان أخر من غادر دار المستشارية بعد انتحار هتلر فلا يعلم مصيره على وجه التحديد و لكن الرواية الرسمية تقول بأنه انتحر هو و احد الضباط بعد ان حوصروا من قبل قوات الجيش الأحمر. و من المنتحرين بالسيانيد أيضا هو جوزيف غوبلز حيث قام هو و زوجته ماغدا بقتل اطفالهم الستة أولا عن طريق السم ثم انتحرا بعد ذلك و ذلك بعد يوم واحد فقط من انتحار هتلر. و لمعلوماتكم الأعزاء القراء والقارئات المحترمات ل "مراكش بريس" فأن السيانيد "Cyanide" سم قاتل يجعل خلايا الكائن البشري غير قادرة على استخدام الأوكسجين و كمية صغيرة منه فقط 1.5 ملغرام كافية لقتل أي كائن بشري أو كائن حي ، حتى لو كان فيلا أو جملا خلال دقائق قليلة و أول الأعراض تكون في العادة صعوبة في التنفس تتبعها غيبوبة ثم سرعان ما يموت الإنسان مختنقا. و بسبب طبيعة السيانيد القاتلة فقد استعمله النازيين في قتل ملايين البشر في عنابر الغاز و كذلك تمتلك الدول العظمى اليوم صواريخ كيميائية مجهزة بغاز السيانيد و هناك أيضا بعض الجماعات الإرهابية التي حاولت استعماله لتنفيذ هجماتها القاتلة على غرار طائفة "أوم" المتطرفة دينيا في اليابان . شارك