خوك هنا .. في السلطة … محمد القنور . محمد القنور . “السلطة” ، يا أيها الصديق ، ليست بالضرورة “الحكومة” وأنظمتها الأمنية .. هذه سلطة غير مخيفة، في وجود المحاكم المستقلة والعادلة، لصحافي حر متسكع بين المقالات والأعمدة والتحقيقات والإخباريات مثلك . هناك ألف سلطة أخطر من هذه السلطة : ” سلطة العائلة” .. تلك التي تحاول أن تجعل منك ” ضابط حراسة” . وأنت تحاول أن تقنعها أنك مجرد ” ضابط إيقاع . ايقاع لحياة بسيطة ومتفائلة ترنو إلى الوطن والخير والجمال والسكينة . تدفعك أن تكون حارسا لشارع ضيق مليء بالمطبات والحفر وعربات الخص والبطاطا والليمون، المعاكسة للتيار الطرقي ! ” سلطة القبيلة”… أيضا. التي علمتك منذ طفولتك الاولى أن الغناء في الشارع ” عيب”، والنظر إلى عيون النساء عيب أكبر !! ” سلطة الصحافة”… التي تريد منك دائما أن تكتب نصا على مقاسها ، وحسب توقيتها الخاص . فهي لا تفرق بين النص الشعري والنص النص في أي مقهى على إمتداد الوطن !! ” سلطة الرقيب”… لا أقصد هذا الذي يعمل في تلك الصحيفة ، او ذاك الذي يعمل في وزارة الاعلام ، بل أعني هذا “الرقيب” الذي يسكن في داخلك ، ويتنفس معك ، وينام على أطراف أصابعك ، ويجعلك تلتهم علبة سجائر بحثا عن جملة أقل حدة! . الرقيب الذي يسكنك أخطر ألف مرة وأشد قسوة من رقيب وزارة الإتصال ، فالاخير تستطيع أن تراوغه ، والأول هو الذي يراوغك دائما ! و” سلطة الناقد”… الذي لا يستطيع أن يصل الى روح الفلاّح والسمكري وراعي الغنم في السفوح والبراري والتلال ، وتلك المراعي التي تسكنك، ويتعامل مع نباتاتك كما يتعامل مهندس زراعي مع نباتات المحميات المغطاة ! ” سلطة المتطرفين في الدين”… عندما يقيسك بعضهم بمنطق : أنا “أكفّر” إذا أنا موجود ! ” سلطة شاعرك المفضّل”… الذي اذا لم تستطع ان تحرق أوراقه الماضية ، سيحرق أوراقك القادمة ! ” سلطة الجمهور”… الذي يريد أن ” ينمطك ” على اللحن الذي يحب سماعه ، ويحاول أن يجعل منك فقرة سخيفة في برنامج ” ما يطلبه السادة المستمعين ” تقدمه مذيعة أكثر سخافة ! أيها الزميل ..وأنت يا زميلة ، قبل أن تكتبا مقالتيكما القادمة ، حاولا أن تتخلصا من كل هؤلاء، وتأكدا أنهم جميعا سيركضون وراءكما ! .. بعضهم لكي يتخلصا منكما .. والبعض الآخر لكي تتخلصا منهم، وبعضهم لكي يقبلوا جبينيكما ، ويؤكدوا صداقتهم لكما بكل محبة وإخلاص !