لواعج إمرأة : متى تنتبه الحكومة للعربية. مليكة المرابط . مليكة المرابط ظلت اللغة العربية تواجه أصنافا من الحروب المعلنة والخفية على كل الجبهات الداخلية والخارجية، يتجند لها خصوم الانتماء العربي الإسلامي للإجهاز على ما تبقى من معالمها، أمام تردد رواد القطب الحكومي لتدبير الشأن العام دون تنفيذ برامجهم التي انتخبوا من أجلها في الدفاع عن لغة الضاد، في ذات الوقت الذي يأتي فيه الدرس من المجلس التنفيذي لمنظمة اليونيسكو، بالاحتفاء والاعتراف بعالمية اللغة العربية بعد أن خصص الثامن عشر من دجنبر يوما عالميا لها. ويظهر أن الاحتفاء العالمي بالعربية يشكل فرصة للمنتظم العالمي بغية تحقيق المساواة الضرورية بين اللغات الرسمية الحية ، على خلفية أن العربية إحدى أكثر اللغات استعمالا في العالم نتيجة عمقها الإنساني والوجداني والحضاري وبفعل واجهاتها التعبيرية عن الفكر والعلم والروح والفن، فضلا عن كونها من بين لغات الستة المتداولة وظيفيا في أروقة منظمة الأممالمتحدة، وعلى شاكلة باقي اللغات المعتمدة رسميا اعتمدت اللغة العربية كأكثر اللغات السامية تداولا واستخداماً، مقارنة بالعبرية والحبشية والآرامية والسريانية، وأكثرها انتشاراً في العالم، خاصة لدى العرب مسلمون ومسيحيون ويهود ، ولدى أتباع الديانة الإسلامية، فضلا عن دورها في التوظيف الإبداعي والعلوم والآداب والمعارف والتسيير المؤسساتي ، مما حدا بها أن تتجاوز الجغرافيا إلى مناطق متباينة بشريا وثقافيا من العالم ، ودفع تقارير دور النشر الثقافي الكبرى عالميا، ومحركات البحث المعلوماتية وصناع المعارف الكونية إلى الإقرار بأن ولوج العالم العربي ذو التعدد الثقافي والبشري الكبير لا يتم إلا من خلال العربية، فضلا عن تمتعها بصفة الرسمية في كل دول العالم العربي وبالعديد من الدول الإسلامية الغير الناطقة أصلا بها، وفي دواليب المنتظم الدولي، كما أن الثراء المعجمي والمعرفي جعلا منها لغة حاملة لقيم الهوية والانتماء الذي أطر الشعوب العربية والإسلامية ورسم معالم وجودها. وأمام حتمية المساواة بين اللغات الرسمية المعتبرة في الأممالمتحدة ، وتعزيز الاستعمال المتوازن بينها في أروقة إدارة المنتظم الدولي، جاء هذا القرار الأممي ، كتكليل لقرارات سابقة جعلت 23 أبريل يوما للإحتفال باللغة الانجليزية ، ويوم 6 يونيو للغة الروسية، ويوم 20 أبريل للصينية ، ويوم 20 مارس الفرنسية ، و يوم 12 أكتوبر للإسبانية. ويوم الثامن عشر من دجنبر إحتفاء باللغة العربية ، تزامنا مع تاريخ اعتمادها رسميا في الأممالمتحدة سنة 1973 ”وكأن الرسالة الكامنة تتلخص في نقل العربية من الإطار ” الأممي” الخاص إلى الإطار العالمي والكوني. قد تكفي هذه القواعد، التي بررت تنفيذ القرار الأممي ودعوة مختلف الحكومات العربية والعالمية إلى الاحتفاء بلغة الضاد من خلال مؤتمرات ومحافل ومنتديات ولقاءات ومراسيم فكرية وإبداعية وفنية متعددة عبر جغرافية الكون، لتقديم درس لمدبري الشأن العام المغربي عن قيمة اللسان الذي يتناوبون على تضييعه وتقزيم مجالات استعماله. فاللسان العربي ليس مجرد آلية تواصلية يمكن تعويضها بآلية أخرى، وليس مجرد تدبيج للكلمات والأصوات يمكن الاستغناء عنه متى قيس بمعايير النفعية الظرفية، وليس حقا ثقافيا يمكن المواجهة من أجل إحقاقه وفرضه في التداول المشترك، بل له من الأبعاد الحضارية والوجودية للمجتمع والدولة في المغرب ما يمنحه القدرة على التوحيد وضبط مسارات التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان ، وتحديد الانتماء والولاء للوطن ولمقدساته، فضلا عما للعربية من أبعاد وحدوية وحضارية علمية ، تحدد المعارف والعلوم، ومن خدمات تاريخية في حفظ التراث الإغريقي والهندي والفارسي والعبري أيضا، وما تتسم به من تراكمات علمية ، إضافة إلى البعد الديني الذي وسمها بصفة الكونية والخلود، ووضعها كوسيلة من وسائل التواصل بين الخلق والخالق. ونحن كمغاربة نعي أن للغة العربية عمقا استراتيجيا جعل منها آلية للتواصل بين المغرب والشعوب القاطنة في السودان وأحواض مالي والنيجر والسينغال ، كانت وراء إعتناق القبائل الوثنية في أعماق إفريقيا للإسلام، وتعرفها على الضاد. تلك هي حقيقة العربية ودورها في وجود المجتمع المغربي قبل الاعتراف العالمي المتأخر بها وبدورها في العالم المتحضر، ووضعها ضمن أجندة اليونسكو السنوية والتنويه بها، كما أن تقارير التنمية البشرية الصادرة عن المنظمات الدولية ظلت دائما تؤكد أن مدخل المعرفة والتنمية يكمن في النهوض بالمقوم اللغوي العربي، بعيدا عن التصنيفات السطحية. والممارسة السياسوية .. وقد يسجل للمملكتين المغربية والسعودية، أنهما طرحتا موضوع الاحتفاء بلغة الضاد في مجلس اليونيسكو، لكن الأمر الآن بات يفرض مسؤوليات مزدوجة على حكومة بنكيران التي آلت على نفسها في تصريحها النهوض بالعربية وسن قوانين لحمايتها والمبادرة بوضع خطط فعلية لإعادة الاعتبار لها..