كتب عبد الجليل الكليتي ل "مراكش بريس" : صندوق المقاصة نحو بدائل أكثر حكامة.. . لا يمكن لأحد ممن يريد خيرا لهذه البلاد ,أن يجادل في ضرورة سد ثقب أسود يسمى (صندوق المقاصة), الذي يبتلع كل عام ملايير الدراهيم من ميزانية الدولة باسم مساعدة المغاربة الفقراء , وهو في الحقيقة دعم العائلات الميسورة الثرية , مما يعمق العجز الاقتصادي الوطني , باسم تسيير حياة المواطنين البسطاء ,بحيث أصبح اصلاح صندوق المقاصة ضرورة ملحة ومستعجلة لأن الدعم الذي تقدمه الدولة للمواد الأولية _السكر, الدقيق ,الزيت ,الغاز والغازوال _لايصل الى أصحابه بل ينتهي في حسابات المضاربين والرأسماليين الصغار والكبار ,ويصنع ثروة كبريات الشركات .لكن القضية تتطلب جهدا بيداغوجيا كبيرا كي يستوعبه المواطنون , وتحتاج الى استراتيجية تواصلية فعالة ,لا الى المزايدات السياسوية الشعبوية .لدى فالزيادة في اسعار المحروقات هي قرار انفرادي للحكومة يضرب في العمق الدستور الجديد الذي ينص على الديمقراطية التشاركية ,وبالتالي يتناقض مع مصطلح السلم الاجتماعي من أجل الحفاظ على الهدوء والاتزان بعد الربيع المغربي وتموجات الشارع ,دون اللجوء الى مظاهر العنف ليس فقط المادي ولكن ايضا المعنوي الذي يشل باضراباته حركة المرافق الاجتماعية ويكبد الدولة خسائر مادية لاتتحملها الميزانية العامة .ودلك مع الحفاظ على التوافقات الماكرواقتصادية والميكرواقتصادية,لتحقيق نقلة اجتماعية سلسة تخفف عن كاهل المغربي ثقل المعيش اليومي .ونحن نستحضر المصطلح الأشد خطورة (السكتة القلبية)على اقتصادنا الوطني الذي قد يعصف به ويعيدنا الى سنوات عجاف سنوت التقوبم الهيكلي .يقفز الى أذهاننا أثرياء المملكة الذين استفادوا من خيرات الوطن لم يظهروا أي حس وطني تضامني اتجاه الفئات الفقيرة ,بل ركنوا الى الحفاظ على مكاسبهم الاستنزافية وتهريب ثرواتهم التي راكموها من الريع الاقتصادي والسياسي التي قدرت ب41 مليار أوروا الى الابناك الاوروبية _فرنسا سويسرا ,انجلترا_والتي تخلخل السلم الاجتماعي برمته وتقود البلاد الى ما لاتحمد عقباه .ولقد بدا اليوم من الزيادة الاخيرة ان من يهدد السلم الاجتماعي بالمغرب هم الأثرياء ومالكوا ثرواته .فحسب الدراسات التي قام بها مجموعة من المتخصصين في الاقتصاد والمال حول التحكم في الغلاف المالي المخصص لصندوق المقاصة خلصوا أولا الى وجوب التحكم في نسبة الناتج الداخلي الخام ,وتحقيق النجاعة الاقتصادية والانصاف في توزيع الدعم مع تحصين القدرة الشرائية للفئات الوسطى باعتبارها صمام الأمان ,ثم تقوية الحماية الاجتماعية .وثانيا لم يعد يشكل واقع تزايد أسعار المواد الأولية في الأسواق الخارجية جراء المضاربات والظروف الجيواستراتيجية غير المستقرة المبرر الوحيد لارتفاع تكاليف المقاصة ,بل أضحى تفاقم الطلب الداخلي على استهلاك هذه المواد الاساسية ,نصيب أوفر في تبرير الالتهاب الذي عرفته نفقات المقاصة .فوصلوا الى نتيجة مفادها أن هدا الاخير تشوبه خمس اختلالات هي 1_غلاف مالي غير متحكم فيه 2_تصاعد التبعية الاقتصادية للأسواق الدولية 3_ تعدد المتدخلين 4_ اختلالات التوزيع 5_تعدد وتقادم النصوص القانونية والتنظيمية والموازنة.فعلاوة على هذه الاختلالات الرئيسية وقرارات الحكومة الانفرادية نذهب كمتتبعين ومهتمين بشؤون وطننا الى ان هناك بدائل أكثر حكامة لصندوق المقاصة دون سقوط الحكومة في ازدواجية الخطاب ,خطاب الأوتوبيا الحالم قبل الاستحقاقات الوطنية الذي يعتبر خطابا سياسويا شعبويا وتسويقيا لكسب تعاطف الشارع ,وخطاب الفوبيا بعد الاستحقاقات الناتج عن الاكراهات الاقتصادية الوطنية العامة .اد نتصور أن الحكومة ملزمة بتوظيف الياتها للانفتاح على مجموعة من هذه البدائل بدل الزيادة في بعض المواد الاساسية على حساب الطبقة الاجتماعية الهشة والفقيرة ودلك في حالة اصلاح الصندوق وتحويله من صندوق وطني الى صندوق جهوي 1_فرض الضريبة على الاغنياء ماداموا اغتنوا على حساب الفقراء وفقدانهم الثقة في الوطن الذي اغتنوا فيه 2_فرض ضريبة على السائح ما دام في ثقافتهم دفع الضرائب 3_فرض اقتطاعات من الغرامات الحكومية لضخها في صندوق المقاصة الجهوي 4_فرض ضريبة على الحانات والخمارات والعلب الليلية 5_فرض الزيادة على السجائر والمشروبات الكحولية 6_اقتطاع نسبة مائوية من ضرائب الملك العمومي الغير المستغل من طرف المجالس الجماعية الذي يعطى من تحت الطاولة ليضخ في صندوق المقاصة الجهوي7_ استرجاع التعويضات الخيالية 8_الحد من الاجور المرتفعة بوزارة المالية والخزينة العامة ووزارات اخرى التي لازالت تنظمها ظهائر استعمارية 9_الحد من تعويضات أعضاء الحكومة عن التنقلات ومقابل ترؤسهم لمجالس الادارات وغيرها 10_فتح الصنادق السوداء التي تستفيد منها عائلات بعينها 11_استعادة أموال الضرائب المهربة 12_الغاء الأجور العليا 13_استرجاع أموال الأرصدة المهجورة 14_ضخ 20 في المائة من فائض ميزانية المجالس الجهوية والجماعية والاقليمية والغرف في صندوق المقاصة الجهوي 15_الزيادة في ضريبة الشركات الاستثمارية العملاقة .هدا من جهة ومن جهة ثانية في حالة حدف صندوق المقاصة نرى أن من واجب الحكومة تقديم الدعم المباشر الى الفئات الهشة والمتوسطة في حدود 1500درهم بالنسبة للفئة الاولى و750 درهم بالنسبة للفئة الثانية الا ان هده العملية هي أكثر تعقيدا وتتطلب وقتا طويلا للتمكن من القيام بها,وبدلك تكون الحكومة وفت بوعودها بخصوص برنامجها الانتخابي في تحقيق السلم الاجتماعي والاستثناء المغربي.