تحولت الزيارة التي قام بها وفد من "المركز المغربي لحقوق الإنسان" إلى إقليمقلعة السراغنة يوم السبت 8 يناير 2011، وبالضبط إلى منطقة سيدي رحال زمران والتي كان الهدف منها تقصي الحقائق و مناقشة موضوع انتهاكات حقوق الإنسان هناك ، تحولت إلى "برلمان مصغر"، عبر فيه سكان بعض الدواوير والقرى بكل حرية وتلقائية، تحت خيمة نصبت لهذا الغرض ،عن مشاغلهم قضاياهم ومعاناتهم مع بعض المسؤولين الإداريين، ورؤساء المصالح الخارجية لبعض الوزارات، وكذا بعض المنتخبين الذين منحهم السكان المحليون ثقتهم خلال الاستحقاقات الانتخابية الجماعية والتشريعية السابقة. من خلال الكلام الذي قيل والدموع التي أدرفت، وكل الأحجار الثقيلة التي رماها المواطنون في البركة الآسنة، يلاحظ، أن مغرب اليوم ما زالت فيه بعض العقليات تُصر بكل عجرفة وأنانية على العودة إلى ممارسات القرون البائدة، التي يحكمها منطق " قانون الغاب" ، حيث لا يسعُ الضعيف فيه سوى التوجه بالدعاء إلى الله تعالى كي يحفظ كرامته ووطنه من التسلط والاستبداد والاحتقار والاستعباد والحرمان(...). وإذا كان وفد المركز المذكور قد وضح في تدخلاته وردوده على تساؤلات واستفسارات المواطنين بسيدي رحال زمران، أن للمواطن حقوق وعليه كذلك واجبات، وان المواطن مطالب بعدم تجاوز الاحترام الواجب للسلطة، وأن "المركز" ضد منطق "السيبة " وأنه مع لجوء المواطن إلى القنوات القانونية عوض استعمال أشكال العصيان ، فإنه في الجانب الآخر، قد أجمعت تدخلات شباب وشيوخ، ونساء ورجال هذه المنطقة المنسية، والتي أريد لها أن تكون على الهامش، على أن ذات المنطقة وبالرغم من التحولات التي عرفتها أغلب ربوع المملكة، مازالت تحت قسوة الطبيعة و الإنسان ، وأن هناك سكانا أرغموا بفعل فاعلين على مغادرة المنطقة، خوفا من دائرة "العقاب" وتلفيق التهم، حيث "الشهود" معبئين ومهيئين في كل لحظة وحين، لدرجة أصبح معها "الشهود" أنفسهم يخافون من تنقلب عليهم الآية و تلفق لهم التهم الجاهزة، أو يمنعوا من ترويج تجارتهم لكي لا تبور، والتهمة الرائجة هناك، هي "الشكاية الكاذبة وإزعاج السلطات..."، وكأن المواطنين هم من يزعجون السلطات وليس العكس، أو أن هذه الأخيرة نائمة في العسل ولا تريد من يزعجها. الخوف كل الخوف أن يستيقظ هؤلاء يوما، فيواجهون مصيرا أشبه ب "أهل الكهف" تحسبهم أيقاظا وهم رقود... لقد أكدت أغلب التدخلات أن الاستفادة من الماء والكهرباء بالمنقطة يحكمها منطق "الولاء"، وأن كل من خالفها محروم من الماء والكهرباء، ومصيره استعمال " قنوات بوخرارب"، كما أن بعض الأعضاء ممنوعين في مجالسهم المنتخبة من الوثائق ومحاضر الدورات، ومن طرائف هذه الممارسات ، أن مستشارة بالمجلس الجماعي، توصلت باستدعاء حضور إحدى الدورات بعد مرور 12 يوما من انعقادها، إنه "بريد المغرب" بمنطق السلحفاة أو منطق التعليمات ، وإذا كان هذا حال ساعي البريد، فإن فئات من الأعوان القضائيين يتخوفون من التوبيخ أو المساءلة، إذا هم قرروا التوجه صوب مقار بعض الأشخاص والمقربين الذين يتمتعون بالحماية،والحماية مرتبط هنا بالأوهام ، مما يؤكد أن سلطات المنطقة أبعد ما تكون عن توجهات العهد الجديد، ومن ثم فهي تحمي كل السائرين ضد التيار والمعرقلين للتوجهات و السياسة العامة للدولة. المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تسهر عليها أعلى سلطة في البلاد والتي جاءت بفلسفة تنموية راقية، لم تتجسد بعد على أرض الواقع في سيدي رحال زمران ، فالأرقام والإحصائيات تعلن بلسان حالها أنها محتشمة للغاية، وإذا كان لا خير في من أوكلت لهم مركزيا وجهويا مهام السهر على المشاريع التنموية بالمنطقة، فإن الخير جاء من السكان الذين ساهموا بمجمع مبلغ يقدر بحوالي 70مليون سنتيم لتزويد بعض الدواوير والدور السكنية بالماء والكهرباء ... خلاصة الكلام من هذا اللقاء التواصلي الذي حضره أعضاء من المركز المذكور وأعضاء من الفروع المحلية ،أن الموطن مازال يتحدث عن قضايا ترتبط بالماء والكهرباء والصرف الصحي والرياضة والثقافة والقضاء، وهي موضوعات كنا نعتقد أن المغرب الجديد قد قطع معهاً نهائيا ، لكن لا تتعجبوا فقد قيل: "إذا ظهر سبب المأساة في مغرب العبث ، بطل العجب ".