لم أرغب في الكتابة اليوم حول هذا الموضوع . لكن من الصعب جدا أن تتجاهله أو تهمله خصوصا أنه يهدد مستقبلنا جميعا . يقول خبر نشر في الصفحة الأولى ليومية " الجريدة الأولى" يوم الأربعاء 03 فبراير2010، أن شابا يبلغ من العمر 25 سنة، ينحدر من منطقة "ابزو" التابعة لإقليم ازيلال، اقدم على الإنتحار نهاية الأسبوع الماضي . و رجحت مصادر الجريدة- كما هو الحال في مثل هذا الحدث- ان يكون المنتحر يعاني من اضطرابات نفسية نتيجة إمساكه عن تناول الطعام و الأدوية ! بمعنى أن الهالك (على الأرجح) كان يعاني من مشاكل نفسية .. سبب منطقي جدا و معقول، لكن من المسؤول عن تلك الإضطرابات السيكولوجية ؟ في البداية أنا حزين جدا لوفاة هذا الشاب، ثم من المؤكد أنه (رحمه الله) كانت له أحلام و طموحات كبقية الخلق و لكن لظروف ما جعلته يقبل على هذا الفعل ..دمر كل أحلامه و آماله، تخيلوا معي كم واحد يقضي على أحلامه بهذه الطريقة . لكن ما شد انتباهي أن الجريدة الأولى أوردت أن حالة هذا الشاب ليست هي الوحيدة بل هي رابع حالة انتحار بجهة تادلة أزيلال بعد إقدام تلميذة من مواليد 1996 على شنق نفسها ببيت أسرتها بتانوغة، إلى جانب حالتين تم تسجيلهما بزاوية الشيخ . هنا يجب أن نطرح علامة استفهام ونتحدث عن إشكالية التواصل و الحنان و الرعاية في حضن الأسرة ، أليست هناك اسر عديدة تعاني من "التشتت" بسبب الطلاق، أو تعاني من "الفقر" الذي يكون وحده كافيا لخلق أزمات نفسية لدى أفراد هذه الأسرة ! وما يثر مخاوفي أكثر أن يتحول الإنتحار إلى ظاهرة إجتماعية شاذة في مجتمعنا، ففي نفس الأسبوع انتحر شاب من مديونة يبلغ من العمر 22 ربيعا، وشاب آخر ببركون .. وكلنا يتذكر الطفل الذي انتحر السنة الماضية بالملاليين (تطوان) أليست هذه الحالات المتكررة تدق ناقوس الخطر للبحث أن أسبابها و محاربتها من جذورها ؟ لابأس أن نذكر هنا أنه من هذه الأسباب هناك المشاكل الاجتماعية التي يغرق فيها المجتمع و يتعين على الدولة ايجاد حل لها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر مشكل البطالة . فكيف تريد من مجتمع أن يكون كل أفراده يمتلكون شخصية سوية في الوقت الذي يعيش شبابه شبح البطالة، أليست قوارب الموت التي يتخدها الشباب جسرا لعبور الضفة الأخرى مخاطرة حقيقية بحياتهم ! علاوة على مشكل البطالة، فمجتمعنا يعاني من تفشي ظاهرة التعاطي للمخدرات، و الخطير في الأمر أن هذا التعاطي أصبح يمس فئة واسعة من الشباب المراهق الذين يكون أغلبهم من التلاميذ ! و نحن نعلم ما للمخدرات بأنواعها من سلبيات على شخصية المدمن، أقلها أنها تسبب ما يعرف في علم النفس بمرض" الذهان" الذي يؤدي بشكل مباشر إلى مرض الانفصام في الشخصية.. هذا دون ان نتحدث عن ضغط الحياة اليومية خصوصا في المدن الكبرى .. ترى ما الذي ننتظره من الدولة أن تقوم به تجاه الحيلولة دون تحول حالات معزولة للإنتحار إلى ظاهرة اجتماعية ؟ في الوقت الراهن .. كل الحلول الترقيعية التي تقوم بها لا تسمو إلى مستوى حجم و خطورة هذه الحالات المتكررة، لهذا فبويا عمر والخرافات الشعبية تجد تربة صالحة للعبث بعقول الضعفاء .