مشاهد مؤثرة تلك التي شاهدناها في زيوريخ ، مساء اليوم ، حيث بدا أعضاء الوفد القطري ، تلقائيين انسيابيين ، قريبين من ملايين العرب والمسلمين الذين يحملون على الأكتاف كل من عرف النجاح ، وقيمة النجاح ، كل من عرف العمل وقيمة العمل ، القطريون يعتبرون فوزهم بشرف تنظيم كأس العالم فوزا لجميع العرب والمسلمين ، وهذا ليس غريبا على شعب دافع بقناته الكبيرة عن الشعب العراقي لحظة احتلاله ، ودافع عن الشعب الفلسطيني وعرض قضيته للعالم ، وناصر المستضعفين لا يخيب أبدا . بفوزها بشرف تنظيم كأس العالم 2022 ، أثبتت قطر أن النجاح ممكن ، وأنه لا يوجد شيء اسمه المستحيل ، لكن دعونا نقول إن هذا النجاح لم يأتي من فراغ ، بل هو ثمرة تنظيم تظاهرات رياضية سابقة ، ثمرة الأداء الدبلوماسي والإعلامي ، ثمرة الانفتاح الثقافي ، واستثمار الطاقات البشرية والطبيعية ، لذلك لم تذهب أموال الغاز القطري سدى ، بل ستستثمر في البنية التحية وتوفير فرص الشغل للشباب القطري والعربي ، وكل الطاقات الإنسانية التي تعمل من أجل البناء ، بناء الثقة بين حضارات طالما يقال إنها متصادمة . الثقافة الغربية ، أثبتت مرة أخرى أنها منفتحة ومرنة على حضارات أخرى ، وهي المسيطرة على المؤسسات السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والرياضية في العالم ، فعندما تمنح ذلك الشرف للعرب والمسلمين ، وتفضلهم على الولاياتالمتحدةالأمريكية بجلالها وعظمتها ، فإن لغة السلام والتعايش بين الحضارات يمكن أن تنتصر على لغة الصراع والاستكبار ، ولنا كامل الثقة في دولة قطر لأنها لن تبخل على الفلسطينيين المحاصرين في غزة عندما ستتجه أنظار العالم لهذه الإمارة- الأسطورة . قطر لم تنجح فقط في شرف تنظيم مونديال 2022 ، بل سبقت ذلك نجاحات أخرى ، فهي أول دولة عربية مسلمة تحول الإعلام الفضائي من إعلام الدعاية القرو – وسطي إلى إعلام مؤثر وذا امتدادات كونية ، بفضل مدرسة قناة " الجزيرة " القطرية ، وهي أول دولة عربية مسلمة بفضل أداءها الدبلوماسي تمكنت من إخماد نيران الفتنة في لبنان ، في وقت عجزت فيه الجامعة العربية عن ذلك ، ولا تزال تعمل من أجل تجنيب السودان خطر الانقسام والتشتيت بتنظيم جلسات تفاوض بين الأطراف المتصارعة في هذا البلد المسلم . الرئيس الأمريكي باراك أوباما ، أخطأ عندما قال" إن منح شرف تنظيم مونديال 2022 لقطر قرار خاطئ " ، ونسي أنه عندما تم انتخابه أول رئيس أسود للولايات المتحدةالأمريكية ، صفقنا لذلك لأنه درس في تطويق العنصرية والتمييز على أساس العرق واللون ، لذلك لا نفتأ في توجيه التحية ل " الفيفا " ، لأن قرارها ستكون له انعكاسات على منطقة المشرق الإسلامي ، والتي لا تزال ضحية للأطماع الاستعمارية ، بحيث ستدفع الجميع لمراجعة الذات ، وأن التعايش بين بني البشر أمر ممكن . وأخيرا ، على المسؤولين المغاربة ، أن يقرؤوا جيدا كتاب قطر المفتوح اليوم ، لأن النجاح ثمرة الأداء الاقتصادي والسياسي والإعلامي والدبلوماسي ، ويستحيل على دولة عجزت عن حل ملف دام 35 سنة ، أن تقنع " الفيفا " بمنحها شرف تنظيم المونديال ، يستحيل على إعلام خشبي أن يقنع العالم أن الإعلام المغربي دخل مرحلة الاحتراف والكونية ، وهو الذي لا يفتأ يخفي الحقيقة عن الجمهور المغربي بله الأجنبي .. النجاح ليس قيمة يتفوه بها ، ولسان الحال أفضل من لسان المقال .. هنيئا للإخوة في قطر ، ودمتم للنجاح صامدين . [email protected] mailto:[email protected]