يمكن اعتبار السلطة الفائز الأول من المسرحية السياسية التي قام بها مؤخرا النائب البرلماني مصطفى الرميد من حزب العدالة والتنمية، والتي لوح بأنه قد يقدم استقالته من مجلس النواب، قبل أن يتراجع عن قرار الاستقالة، بسبب عدم مساندته من باقي أعضاء الأمانة العامة، وعدم رضا عبد الإله بنكيران، الرجل الذي يتحكم في كل صغيرة وكبيرة بالحزب الإسلامي. ولكن على صعيد آخر، وبالنسبة للذي قرأ تعليق إدريس لشكر الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان حول القضية، سيخرج بخلاصة مهمة، وهي أن إدريس لشكر الذي كان يضغط على السلطة سابقا من أن حزب الاتحاد الاشتراكي قد يتحالف مع حزب العدالة والتنمية، وكان يلتقي دائما في تصريحاته ولقاءاته مع مصطفى الرميد، يتفقان أمام الرأي العام على ضرورة مواجهة حزب الأصالة والمعاصرة وضرورة قياد الدولة بإصلاحات سياسية، انقلب اليوم على صديقه الرميد، وواجهه بشدة أمام نواب البرلمان، كما أنه أعرب في تصريحات أخيرة عن أسفه لطبيعة الانتقادات التي وجهها الرميد لمؤسسة البرلمان التي قال إنها تعمل وفق قوانين البلاد التي قبل الرميد بالاحتكام إليها. وفقا ما تداولته وكالات الأنباء، وما نشره موقع "مرايا بريس" يوم أمس الجمعة، فقد أكد لشكر أيضا أن "المسألة انتهت عملياً، لأننا في دولة مؤسسات والناس سواسية أمام القانون، وقد كنت مطمئنا منذ البداية أن المسألة ستنتهي، لكن الذي لم ينتهي برأيي هو المسؤولية، خصوصا من طرف القيادات السياسية الذين عليهم ألا يبخسوا مؤسسات بلادهم؛ فالبرلمان مؤسسة إذا تعاملنا معها بهذه الطريقة فهذا من شأنه أن يعزز عزوف الناس عن المشاركة في العملية السياسية وعدم الاهتمام بالديمقراطية، فأن يقول هذا الكلام شخص عادي فهذا مفهوم، لكن أن يصدر عن مسؤول سياسي قبل قواعد اللعبة السياسية ويشتغل في إطار هذه المؤسسات فهذا ما هو غير مقبول"، على حد تعبيره. ويترحم أعضاء عديدون من التيار الإصلاحي في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، على الأيام التي كان فيها إدريس لشكر لا يتحدث بتاتا عن موضوع العلاقة مع البرلمان، وإنما كان إلى جانب مصطفى الرميد يقيم الدنيا من أجل قيام الدولة بإصلاحات سياسية ودستورية، وها هو اليوم، لا يتحدث في الموضوع، ويدافع عن الواقع الحالي للدولة وعلى منصبه الوزاري ويرد على حليفه القديم، الذي أصبح عدوه الجديد، لتكون السلطة، الفائز الأول من هذا التحول الدرامي في مواقف زعيم اشتراكي، كان يحلم بمنصب وزير، وتحقق له ولو على حساب سمعة الحزب من خلال اللجوء إلى إلى المزايدات السياسية.