برز موضوع السلام في السنوات الأخيرة كأحد التحديات الرئيسية التي تواجه الدول العربية بصفة عامة، والبلدان المغاربية على وجه الخصوص، حيث عرف الواقع المغاربي نوعا من القلق من تنامي خلايا وتنظيمات إرهابية، وجدت لها متنفسا في المنطقة حيث استفادت من مناخ عدم الاستقرار والتوتر، إضافة إلى تباين تضاريسي متنوع في الشمال وامتداد صحراوي تصعب في رقابة حدوده في الجنوب. وعليه عرفت السنوات الأربع الأخيرة مجهودات ملحوظة على شكل تدابير ومتابعات وإصلاحات لتحسين الأوضاع بالمنطقة، وهذا ما أكده التصنيف العالمي الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام لعام 2010 من خلال مؤشر السلام. حقا إن هذا التحسّن الملموس في الرّتب يستحقّ التّشجيع، لكن تباين وتفاوت الرّتب بين البلدان داخل المنطقة الواحدة يستدعي المزيد من العمل التّشاركي لتحسين رتبهم بشكل ملحوظ، فما هي التدابير أو الخطوات التي يتعين على كل الأطراف التركيز عليها ؟؟ أولا: على المستوى الداخلي التركيز على القضايا الأمنية في المنطقة، عن طريق تكثيف الجهود والتنسيق الإستخباراتي والمعلوماتي لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، وشبكات تهريب السلاح، وخطف الأجانب من المنطقة، من أجل القضاء عليها بموجب القانون ووفقا للقواعد الدولية. ضرورة التواصل والحوار المثمر لتخطي" العجز" في الاتصال بين المغاربة لبناء فضاء مغرب عربي حقيقي ومشترك بعمل تشاركي تسوده القناعة والاستقامة والمرونة الإستراتيجية. تطوير الاقتصاد، وتشجيع الشركات الأجنبية والمحلية على الاستثمار المنتج عن طريق فتح فضاءات منسجمة للتنمية، وجبايات محلية محفّزة على الاستثمار، من أجل خلق مرونة في سوق الشغل للتخفيف من نسبة البطالة والفقر. دعم حقوق وحريات الإنسان الفردية والجماعية والعمل على ترسيخ المساواة بين الجميع. هذه المساواة التي هي أساس العدل والسلام الحقيقي، تفاديا للاضطرابات أو الدخول في تمرد على الاستبداد والظلم ضد إهانة الكرامة الإنسانية وحق المواطنة، علما أن الحروب ضد الفقر وانعدام المساواة لا تقل درجة أهميتها عن باقي القضايا. ثانيا : على المستوى الخارجي تهيئة المناخ الملائم لدعم جهود المنظمات والوكالات الدولية والإقليمية الفاعلة، لتحقيق السلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الأوسط وفقا للمرجعيات الدولية المعتمد عليها. العمل على مد جسور التلاقي بين الحضارات وتواصل الجهود الجماعية لمجابهة التحديات ومواجهة غلاة التّطرف وكل محاولات التشويه التي تشوب صورة"الإسلام" الحقيقية والحضارية. المبادرة عن طريق المشاركة في تقديم أفكار خلاقة من شأنها المساعدة على إنجاح المساعي الدولية لمنع انتشار الأسلحة النووية. إن مؤشر السلام العالمي يعتمد على مؤشرات تقنية تحتسب مجموعة من المعطيات قد تختلف من معهد إلى آخر، إلا أن الإنفاق حول حقيقة التحديات الجديدة التي تعرفها المنطقة تعتبر حافزا على تعزيز سبل الاندماج والوحدة والتكامل.