وجه الرئيس المصري حسني مبارك حديثه يوم الخميس إلى معارضين يطالبون بالتغيير السياسي في بلاده وقال إنهم بحاجة لتقديم ما هو أكثر من الشعارات كما وعد بالوقوف إلى جانب العمال لكنه لم يبد أي مؤشر على الاستجابة لمطالب برفع الحد الأدنى للأجور في مصر . وفي أول كلمة يلقيها في بث مباشر منذ خضوعه لعملية جراحية في ألمانيا في مارس قال مبارك إن الاستثمار واستمرار النمو الاقتصادي سيوفر مستوى أفضل للمعيشة وذلك في وقت تتنامى فيه شكاوى العمال في مصر . وقال مبارك في كلمة بمناسبة عيد العمال " إنني أقول لعمال مصر سوف تجدونني دائما بجانبكم حافظا لعهدي معكم " . لكن بعد 29 عاما من توليه السلطة يواجه مبارك استياء متناميا في مصر أكبر دولة عربية من حيث تعداد السكان والبلد الذي لا يصل فيه النمو الاقتصادي السريع إلى كثيرين بين ملايين الفقراء الكادحين . ونظم عمال الشهر الماضي احتجاجين للمطالبة برفع الحد الأدنى للأجور والذي لم يتغير منذ أوائل الثمانينات ويعادل رسميا ستة دولارات فقط في الشهر . ويعتصم بعض العمال أمام البرلمان المصري منذ أسابيع وهو تحرك جديد في بلد يحظر قانون الطوارئ المفروض فيه منذ عقود إلى حد كبير أشكال المعارضة الشعبية في الأماكن العامة . وتتزامن الاحتجاجات مع دعوات للتغيير السياسي من جماعات معارضة تأمل في لفت أنظار العالم قبل انتخابات برلمانية مقررة في مصر العام الحالي وانتخابات رئاسية العام المقبل . ولم يعلن مبارك الذي بلغ الأسبوع الحالي عامه الثاني والثمانين إن كان سيرشح نفسه في الانتخابات للفوز بولاية سادسة في الرئاسة. وإذا لم يرشح مبارك نفسه يتوقع الكثير من المصريين أن يخوض انتخابات الرئاسة ابنه جمال أو عضو في المؤسسة السياسية والعسكرية في البلاد . وتعتبر جماعة الإخوان المسلمين المحظورة من الناحية الرسمية أكبر فصيل معارض في مصر ولا ينظر إليها على أنها تمثل تحديا حقيقيا لمبارك. وتتجه الأنظار إلى محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة كمرشح بعيد الاحتمال إذ لم يتضح ما إذا كان سيسمح له بخوض الانتخابات . وحذر مبارك الذي كان يتحدث لحشد من قادة النقابات العمالية الذين كانوا يهتفون له بين حين وآخر من عواقب التغييرات الفجائية التي يمكن أن تعرض استقرار مصر للخطر . وقال " لا مجال في هذه المرحلة الدقيقة لمن يختلط عليه الفارق الشاسع بين التغيير والفوضى أن يجيبوا على تساؤلات البسطاء من الناس برؤية واضحة " . لكن على الرغم من قرار محكمة برفع الحد الأدنى المنخفض للأجور والذي يجبر العديد من العاملين بالحكومة على ممارسة أعمال إضافية فان مبارك لم يعد بزيادة الأجور . ونما الاقتصاد المصري بقوة في السنوات القليلة الماضية بمعدل يصل إلى سبعة في المائة في السنة لكن خمس المصريين يعتقد أنهم يعيشون على أقل من دولار في اليوم ويعتمدون على الحكومة للحصول على الخبز والوقود المدعوم . ويرى كثير من المصريين أن النمو أفاد صفوة رجال الأعمال بشكل أساسي وتفيد أرقام الأممالمتحدة بأن نصيب الفرد في الدخل القومي في مصر بلغ نحو 1.788 دولار عام 2007 . وتحولت احتجاجات العمال بسبب الأجور وارتفاع الأسعار في 2008 إلى أعمال عنف مما دفع الدولة إلى رفع بعض الأجور 30 في المائة . لكن محاولات سابقة لإثارة حركة احتجاج مجتمعية كبيرة باءت بالفشل ويقول محللون إن المعارضين سيكونون بحاجة لتوسيع قاعدة تأييدهم حتى يمكنهم تحدي السلطات الراسخة بقوة . ووعد مبارك الفقراء بتحسينات وقال انه إذا وافق البرلمان على مسودة قانون فان 2.7 مليون شخص سيحصلون على زيادة في معاشات التقاعد الشهرية . وعلى الرغم من شعره الأسود بدا مبارك واهنا خلال الكلمة التي استمرت 30 دقيقة وقال إن نجاح إصدار سندات في الآونة الأخيرة عكس حكمة السياسات الاقتصادية في مصر . وباعت مصر في أبريل أول سندات سيادية لأجل 30 عاما بقيمة 1.5 مليار دولار تجاوز طلبات الاكتتاب فيها المعروض عدة مرات . وأضاف مبارك "جاء الإقبال على الاكتتاب بالسندات الدولارية التي طرحناها مؤخرا ليضع مصر ضمن مجموعة محدودة من سبع دول نامية بالعالم تستطيع أن تطرح سنداتها في الأسواق العالمية بآجال تصل إلى 30 عاما " .