قدر لأبناء فلسطين ، و لأبناء غزة على الخصوص، أن يعيشوا في سجونٍ مظلمة أو معتقلاتٍ كبيرة، فقد تكالبت عليهم كل الأمم ... الأصدقاء و الأعداء ... حتى عزلوهم عن العالم في غربة لم يشهد لها التاريخ مثيلا : قطع للطرقات و إغلاق للمعابر و قطع للماء و الكهرباء و تجويع للناس حتى ألفوا الصيام و قصف بالليل و الناس نيام ، ويتبجح قادة العالم الحر بأنهم يحاربون العنصرية، ويدافعون عن الحرية، وينتصرون لكرامة الإنسان. فها هي ذي مصر تبني الجدار الفولاذي حول الفلسطينيين، وكانت إسرائيل قد سبقتها ببناء السور العنصري العازل حول الضفة الغربية، الذي سقط احتجاجاً عليه عشرات الشهداء، فلسطينيون وأجانب، مصر تبني جدار الحقد و الكراهية ، جدار يزيد من عزلة غزة و يهدد بتجويع أهلها و قتلهم القتل البطيء بعد أن تفننت اسرائيل في قهرهم و إذلالهم . و هنا نتساءل : ما مصلحة مصر في بناء هذا الجدار ؟ الكل يعلم أن سكان غزة لا يشكلون تهديدا أمنيا لمصر و البلاد المصرية ليست مستهدفة من طرف كل الفصائل و قوى المقاومة الفلسطينية ، الشيء الذي يبين بوضوح أن بناء الجدار جاء تلبية للرغبات الإسرائيلية الراغبة في خنق غزة و حصارها لشل المقاومة و تركيع أهلها ونحن لا نستغرب شيئاً فما يلخص السياسة المصرية هي جملة قالها حكام مصر: لن نسمح بقيام إمارة إسلامية على حدود مصر. طبعاً حكام مصر لا يرون في قيام دولة "يهودية" على حدودها أي خطر و عليه لا يستدعي ذلك أي فعل أو رد فعل, لأنهم لا يرون في عقيدة هذه الدولة أي تعارض مع سياساتهم بل تربطها بهم علاقات تعاون و مصالح مشتركة. و لكن أن تقوم إمارة إسلامية على حدود مصر فهذا ما لا و لن يسمح به فقد قال المتحدث الإعلامي لكتلة الإخوان المسلمين البرلمانية حمدي السيد في تصريح لقناة العالم الإخبارية الأربعاء: إن إسرائيل وأميركا أبرمتا اتفاقات أمنية ليست مصر طرفا فيها، لكن هذا الجدار هو الناتج والثمرة لهذه الاتفاقات الأمنية، ما يعني أن إقامة هذا الجدار في باطن الأرض سيؤثر على مقاومة الفلسطينيين وسيزيد من معاناتهم، متسائلا هل مصر تعمل لصالح امن إسرائيل أم لصالح امن غزةوالفلسطينيين. لقد كان من المفروض أن تكون مصر هي السند للفلسطينيين في محنتهم و المؤازر لهم لفك الحصار عنهم لا أن تبني لهم جدارا فولاذيا يفوق طوله عشرة كيلومترات و يصل عمقه في الأرض إلى ثلاثين مترا . ها هي أربع سنوات تمضي على الحصار الظالم الغاشم على إخواننا في غزة ، أربع سنوات ظل خلالها سكان غزة يتطلعون فيها إلى من يفك هذا الحصار عنهم ، و إذا بإخوانهم يزيدونهم حصارا فوق الحصار لينطبق عليهم قول الشاعر : و ظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند