في إطار تنويع المحاورين، ومن أجل تشريح دقيق لجميع إشكاليات الإعلام الوطني، عقدت إدارة الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع خلال الأسبوع الجاري جلستي حوار مع كل من الإدارة العامة لشركة سابريس، ومركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية. في هذا الإطار استعرض السيد محمد برادة الرئيس المدير العام للشركة العربية الإفريقية للتوزيع والنشر (سابريس) يوم الأربعاء 10 مارس الجاري أمام أعضاء الهيئة وضعية توزيع الصحف في المغرب معتبرا أن "ازدهار الصحافة وانتشارها هو مقياس يتم الاعتماد عليه في تنظيم مستوى حضارة الأمم ومدى وعي مواطنيها. وأصبحت كل الدراسات العلمية للمؤشرات والإحصائيات المتعلقة بالمبالغ المصروفة في المجال الإعلامي من أهم المعايير المتعلقة بمستوى تقدم وازدهار الأمم والشعوب". ووضع المدير العام لسابريس الهيئة في صورة إشكاليات توزيع الصحف بالمغرب خاصة تلك المتعلقة بالمقروئية في علاقة بجوانبها الثقافية والتجارية، وكلفة التوزيع وصناعة الصحف (كلفة الطباعة والورق)، معززا عرضه بمؤشرات وأرقام مقارنة عن وضعية القراءة وكلفة الصحف والبنيات المؤسساتية للطبع والتوزيع. وحسب المدير العام لسابريس فإن واقع قراءة الصحف في المغرب يستدعي إجراءات شجاعة لجهة دعم القراءة والتوزيع. فضعف مؤشر القراءة في المغرب (13 قارئ /صحيفة من بين كل ألف مواطن مقابل 167 في الألف في فرنسا و46 في الألف كمعدل عربي)، يستدعي تدخلا عموميا عاجلا لاستكشاف إمكانيات دعم التوزيع والقراءة ولوضع الآليات المؤسساتية لتنظيم الولوج إلى التوزيع كما الولوج إلى المهنة. وشكلت قضايا طبع الصحف وتغطية مجموع التراب الوطني من جانب شبكات التوزيع ومساهمة المدن في تيسيرها (الأكشاك ) وكلفة الورق ، محاور أخرى تساءل بشأنها أعضاء الهيئة وقدمت بشأنها شركة سابريس توضيحات وأرقام ستفيد الهيئة في عملها. وبغرض توضيح المرجعية الكونية والمعايير الدولية التي يتعين أخذها بعين الاعتبار في أي إصلاح للإطارات المفاهيمية والنظرية للحقل الإعلامي، عقدت الهيئة يوم 11 مارس جلسة حوار مع مسؤولي مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية. وهكذا أبرز السيد لحبيب بلكوش رئيس المركز والسيد إدريس بلماحي، الأستاذ الباحث وعضو المركز، أن مقاربة إصلاح الحقل الإعلامي المغربي يجب أن تأخذ في الاعتبار ضرورة ملاءمة التشريعات الوطنية، قانونيا ومفاهيميا، مع المعايير الكونية المقبولة مع أخذ السياق الوطني، سوسيولوجيا وتاريخيا، بعين الاعتبار، واستنادا إلى تفكير نقدي عصري واستباقي. وحسب مسؤولي المركز فإن مراجعة الآليات القانونية التي تؤطر حرية الصحافة وممارستها من جانب وسائل الإعلام والمهتمين وعلاقات القضاء بالصحافة وبند الضمير والأخلاق وحق الولوج إلى الاخبار وممارسة الحرية في علاقتها بالتكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال، يجب أن تتم وفق منظور شمولي لا يمكن معه اختزال أفق الإصلاح في مسألة العقوبات السالبة للحرية أو في العلاقة المتشنجة بين السلطات العمومية وجزء من الصحافة المكتوبة، بل التوجه إلى إعادة هيكلة المجال الإعلامي جذريا من حيث الإطار القانوني وممارسة الصحفي/ المقاولة الصحفية. وحسب عدد من أعضاء الهيئة فإن توصيات المركز، التي تتناول إشكالات مركزية في اهتمامها، مكنت من الربط بين المفاهيم والمبادئ المؤطرة لممارسة الحرية في الإعلام من جهة وهذه الممارسة كما هي معاشة في اليومي المغربي من جهة أخرى. وبجلستي الحوار هاته تكون الهيئة قد استمعت إلى ست هيئات مهنية وحقوقية بالإضافة إلى وزارة الاتصال، على أن تواصل خلال الأسبوع المقبل جلساتها مع منظمات حقوقية واجتماعية.