تواصلت أماسي "مهرجان صيف الوداية فن وثقافة" الذي ينظمه المجلس الوطني للموسيقى، أمس بسهرتين الأولى مع السوبرانو المغربية سميرة القادري والثانية مع مجموعة من الشباب الكناوي . وتمكنت سميرة القادري كعادتها، من إثارة إعجاب جمهور جاء من مختلف مناطق الرباط إلى حدائق الأوداية، لينصت إلى هذه الفنانة ، التي استطاعت عبر بحثها المستمر في التراث الأندلسي الإيبيري الذي ينتمي للقرون الوسطى، من إعادة الاعتبار إلى الآلات الموسيقية العربية فضلا عن صوتها القوي الذي يأسر الألباب. وقالت سميرة القادري في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إن ما غنته في هذه السهرة يدخل ضمن غناء أندلسيات البحر الأبيض المتوسط، معتبرة أن لديها رسالة واحدة هي إثبات أن الموسيقى الأندلسية هي النواة الأولى للموسيقى المتوسطية. وأكدت القادري دفاعها على كون الموسيقى الأندلسية أرست القواعد الأولى للموسيقى في البحر الأبيض المتوسط، وكيف انتشرت في هذا البحر مع خروج المورسكيين واستقرارهم في العديد من البلدان منها المغرب. واعتبرت ما غنته رفقة فرق الأرابيسك، عبارة عن مزج فني روحي لتقاليد عريقة لأندلسيات البحر الأبيض المتوسط، أندلسيات بين الشرق والغرب، إذ "قمنا برحلة عبر أندلسيات تركيا واليونان وفرنسا وبلغاريا وحتى بعض الأغاني السيفاردية الموجودة في شمال المغرب"، مضيفة أن اللغة التي غنتها هي لغة "اللادينو" (القشتالية العتيقة) و"الغريغو البرتغالي" وهي لغة المثقفين في القرون الوسطى. وأعلنت سميرة القادري، التي تعد مثقفة فضلا عن كونها فنانة، تخصصها في الغناء الليريكي وفي الموسيقات القديمة، أي الموسيقى الكنائسية السريالية (الكنائس الشرقية)، مشيرة بدهشة المكتشف عن تماثلات لها دلالتها في عدد من المصطلحات ك"الطروبادور" التي تعني "الطرب يدور" و"لا سايطا" التي يستعملها الغجر في التدليل على نوع من غنائهم ومقابلها "العيطة" المعروفة في المغرب. وخلصت سميرة القادري، التي تمتلك صوتا غنائيا رائعا، إلى أن مصير هذا التراث كان شبيها بمصير المورسكيين، وأن عملها يعد بالنسبة لها إحياء لذاكرة مهمة في التاريخ، مشيرة إلى حرصها في أغانيها على إبراز الملامح الأربعة للنساء، المرأة الملهمة والمرأة المبدعة والمرأة ربة البيت والمرأة في الروحانيات. تلا ذلك، تقديم فرقة كناوة لليلة كناوية جميلة سافرت بالجمهور في عوالم من الروحانيات والتصوف الذي يستمد جذوره من الأعماق الإفريقية، جاءت بعدها فرقة أفريقية زادت الجو بهجة وحبورا.