أكد المتدخلون خلال ندوة نظمت، اليوم الأربعاء بالرباط، أن الوثيقة الدستورية التي تصبو كافة الهيئات السياسية وفعاليات المجتمع المدني إلى بلورتها، ينبغي أن تشكل ترجمة حقيقية للتحولات العميقة التي شهدتها بنية المجتمع المغربي خلال السنين الأخيرة. وأوضح المتدخلون، خلال الجلسة الثانية للندوة المنظمة من طرف النقابة الوطنية للتعليم العالي، حول موضوع "في الحاجة إلى دستور مغرب القرن 21: المراجعة الدستورية بين نظر الأكاديمي وواقع السياسي"، أن المراجعة الدستورية التي دخلت المملكة غمارها عقب الخطاب الملكي ل` 9 مارس ،مطالبة بإفراز نص دستوري حداثي ومنفتح يستجيب لتطلعات مختلف مكونات المجتمع المغربي، و"يتيح تجاوز الاختلالات التي تحول دون إقامة البناء الديمقراطي على أسس سليمة". وفي هذا السياق، قال الأستاذ بكلية الحقوق بفاس، السيد أحمد مفيد، في مداخلة له، إن المتطلبات الدستورية الكفيلة بتحقيق الديمقراطية المنشودة، تتمثل على الخصوص، في إقرار ترسانة قانونية تتيح تكريس قيم العدل والمساواة وإقرار مبدأ فصل السلط الذي ينبغي أن يتم بموجبه إعادة النظر في صلاحيات السلطة القضائية ومنح اختصاصات أوسع للسلطة التنفيذية، إلى جانب إقرار الحكامة الجيدة التي تشمل دسترة آليات مكافحة الفساد وآليات عدم الإفلات من العقاب. وتشمل هذه المتطلبات الدستورية - يضيف السيد مفيد - تدعيم أدوار الأحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني، من خلال منحها صلاحيات تمكنها من صناعة القرار السياسي بشكل فعلي، إلى جانب دعم اللامركزية والجهوية المتقدمة. من جهته، استعرض السيد محمد الساسي، الأستاذ بجامعة محمد الخامس-أكدال، في مداخلة مماثلة، أهم الاختلالات التي تحول دون قيام البناء الديمقراطي على أسس سليمة، والتي تتمثل، على الخصوص، في مظاهر التحكم بمسار العملية الانتخابية ومحدودية صلاحيات السلطة التنفيذية وازدواجية السلط، داعيا في هذا السياق، إلى إقرار دستور ديمقراطي "يتم من خلاله التأكيد على أن الشعب هو مصدر السيادة وصاحب القرار المعبر عنه أساسا من خلال صناديق الاقتراع". ومن جانبه، أوضح السيد الحسان بوقنطار، أستاذ القانون العام والعلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن الدستور ليس وثيقة نهائية غير قابلة للتحيين والتعديل، على اعتبار أن مضامينه تظل قابلة للمراجعة على ضوء التغييرات التي قد تعرفها سيرورة المجتمعات، مشيرا إلى أن "الدستور بغض النظر عن تقدمه وشموليته يظل غير قادر على الإجابة عن جميع الإشكاليات، خاصة المجتمعية منها". يذكر أن هذه الندوة التي افتتحت، صباح اليوم الأربعاء، بحضور ثلة من الأستاذة والباحثين إلى جانب ممثلين لعدد من الأحزاب السياسية، طرحت للنقاش أربعة محاور أساسية تهم "الانتقال الديمقراطي ومسلسل الإصلاح الدستوري"، و "مسارات التحولات الدستورية في المغرب"، و "الإطار العام للإصلاح الدستوري"، و"الدستور الجديد وسؤال المسؤولية".