انطلق، ظهر اليوم الثلاثاء بسلا، (موكب الشموع) الذي دأبت حاضرة سلا على تنظيمه سنويا، احتفاء بمولد الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم. وانطلق الموكب، الذي يعتبر فاتحة موسم الشموع للولي الصالح مولاي عبد الله بن حسون الذي يستمر هذه السنة حتى 22 فبراير الجاري تحت شعار "حب الوطن علامة الإيمان"، من درب الشماعين مرورا بساحة الشهداء في اتجاه ضريح مولاي عبد الله بن حسون. ومر الموكب، يتقدمه الشرفاء الحسونيون، وسط جموع غفيرة من ساكنة المدينة، آثرت الخروج للاحتشاد، رغم تساقط الأمطار، على طول مسار الموكب، وهو يرسم لوحة فنية شملت أذكار دينية وأهازيج وإيقاعات موسيقية وفولكلورية متنوعة (عيساوة وحمادشة وكناوة وألوان فنية أخرى) رافقت الشموع المختلفة لونا وحجما التي يحملها رجال بلباسهم التقليدي "المحصور" . وقد وقف الموكب بساحة الشهداء، حيث أدت الفرقة النحاسية النشيد الوطني، لتقديم الشموع والفرق الفنية المشاركة، وذلك بحضور عامل سلا العلمي الزبادي ورئيس مجلس المدينة نور الدين الازرق وبعض الوفود المدعوة والسلطات المحلية وشخصيات أخرى. وبالمناسبة، تضرع الشرفاء الحسونيون إلى الباري تعالى بأن يحفظ أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وأن يقر عينه بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن ويشد أزره بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وبسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرعوا إلى المولى عز وجل بأن يمطر شآبيب المغفرة والرضوان على جلالتي المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني وأن يسكنهما في أعلى عليين مع الشهداء والصالحين. وقد دأبت سلا على الاحتفاء بهذه الذكرى بتنظيم تقليد "الشموع" التي تعلق بضريح الولي الصالح مولاي عبد الله بن حسون عشية ذكرى مولد الرسول، وتستمر لمدة 11 شهرا، حيث تنقل قبل حلول الذكرى إلى مقر صانعها (بلكبير) من أجل صناعتها من جديد. وتختلف هذه الشموع عن الشموع العادية، باعتبار صنع هياكلها من خشب سميك مكسو بالكاغد الأبيض والمزوق بأزهار الشمع ذات الألوان المتنوعة من أبيض وأحمر وأخضر وأصفر في شكل هندسي يعتمد الفن الإسلامي البديع. ويعود أصل "موكب الشموع" إلى عهد الملك السعدي أحمد المنصور الذهبي الذي كان تأثر، خلال زيارته إلى إسنطبول، بالحفلات التي كانت تنظم بمناسبة المولد النبوي الشريف، فأعجب خاصة باستعراض الشموع. وعندما تربع على العرش بعد معركة وادي المخازن استدعى صناع فاس ومراكش وسلا، قصد صنع هذه الهياكل الشمعية، فتم الاحتفال، لأول مرة، بعيد المولد النبوي الشريف في المغرب سنة 986 هجرية. ولم يكن قدر ومكانة الولي الصالح القطب مولاي عبد الله بن حسون بخاف على السلطان أحمد المنصور الذهبي الذي اقتطع له بقعة اختط بها زوايته ودار سكناه. وقد عرف هذا الولي (ازداد سنة 920ه / 1515م بنواحي فاس وتوفي سنة 1013ه / 1604 م بسلا) بكونه رجل علم وتصوف، حيث جمع بين علوم الظاهر والباطن حتى أصبح قطبا من أقطاب الطريقة الشاذلية. وبمناسبة موسم الشموع، لهذه السنة، سيتم عشية اليوم، تدشين معرض الكتاب الإسلامي(وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية) ومعرض لصور المساجد العتيقة وبعض المآثر التاريخية والزوايا بالمغرب (المندوبية الجهوية لوزارة الثقافة) ومعرض الكتاب: الأدب والتراث الصحراوي. كما سيتم، بضريح سيدي عبد الله بن حسون، تنظيم أمسية موسيقية في طرب الآلة يتم خلالها تقديم رقصة الشمعة، ثم إيقاد الشموع على نغمات المسموع من أجل انبثاق مواطنة كونية وتوزيع الجوائز على الفائزين في مسابقة تجويد القرآن الكريم. ويتضمن برنامج موسم الشموع أيضا مجموعة من الأنشطة منها، على الخصوص، محاضرات حول "نظرات في المقام المحمدي من خلال القرآن الكريم" و"حب الأوطان من تمام الإيمان" وحفل "الصبوحي" الذي يقام بالزاوية الحسونية يتم خلاله سرد قصة المولد النبوي الشريف وترديد أمداح نبوية وكذا انطلاق قافلة الكتاب يوم 17 فبراير الجاري وورشات الخط العربي بعدد من المدارس والثانويات التابعة لنيابة سلا.