تتسارع وتيرة الاستعدادات الادارية والتنظيمية والفنية لانجاح دورة ألعاب الكومنولث، والتي تسعى الهند جاهدة لجعلها الانجح في تاريخ البطولة ، والتي ستعرف مشاركة زهاء سبعة آلاف رياضي ومسؤول يمثلون 71 بلدا. وأضحت اللجنة المنظمة في سباق مع الزمن حيث استنفرت كافة كوادرها لتأهيل وصيانة المنشآت الرياضية وإنشاء مرافق تتلاءم مع خصوصية هذا الحدث الرياضي ، ووضع اللمسات الاخيرة على المسائل اللوجيستية والأمنية لتبديد المخاوف التي أثارتها الوفود المشاركة حول مستقبل الدورة التاسعة عشرة لألعاب الكومنولث. وبدأ سكان العاصمة دلهي يلمسون الملامح الرئيسية التي تبشر بانتظام واكتمال التحضيرات لهذه البطولة بدءا من مطار جديد على مستوى عالمي، ومرورا بتدشين الخط الجديد للمترو الذي يربط المطار بوسط المدينة ، فضلا عن المحطات الجديدة للحافلات ونظافة الطرق . وقامت بلدية دلهي بنصب أكشاك المعلومات والمجمعات الخدماتية ولوحات عملاقة لتوجيه زوار العاصمة على الطرقات ، كما اهتمت بتوفير الخدمات الأساسية في المدينة التي ستستضيف رياضيين دوليين ووفودا وسياح خلال الفترة الممتدة ما بين ثالث ورابع عشر أكتوبر الحالي. وبدت العاصمة الهندية في أبهى حللها بعد أن كانت قبل أسابيع تترنح تحت أكوام من الأنقاض والفوضى . وتمت إزالة المحلات التجارية على جوانب الطرقات لأجل توسيع الممرات الداخلية . كما فتحت السلطات 46 موقعا أثريا في المدينة أمام السياح . ويذكر أن الهند أنفقت حوالي 6ر6 مليار دولار لاحتضان هذه التظاهرة الرياضية ، التي تعد أكبر حدث رياضي تستضيفه الهند بعد الألعاب الأسيوية التي أقيمت في نيودلهي عام 1982 . وأكد لاليت بهانو الامين العام للجنة المنظمة اليوم السبت أن دورة نيودلهي ستكون الأكبر من حيث المشاركة في تاريخ الألعاب ، إذ توافد على العاصمة الهندية حتى الآن 5800 رياضي ومسؤول ، فيما ينتظر وصول حوالي 1200 آخرين في الساعات القليلة القادمة . وكانت الدورة السابقة التي أقيمت عام 2006 في ملبورن بأستراليا قد عرفت مشاركة 5766 رياضي ومسؤول . وعبر عدد من الوفود المشاركة عن ارتياحهم للمجهودات التي بذلتها اللجنة المنظمة والدوائر الحكومية الهندية للاستجابة للإحتياجات التقنية الملحة المرتبطة بالقرية الاولمبية والمسائل الأمنية. وكادت سلسلة الاخفاقات والمشاكل التي رافقت استعدادات نيودلهي لاحتضان الدورة أن تقوض فرص نجاح هذه البطولة . ووصفتها الصحافة المحلية والدولية ب"الكارثة المعلنة في ظل استمرار عدم جاهزية الملاعب ، وانهيار بعض المباني وفضائح الفساد والاختلاسات التي طالت عدد من أعضاء اللجنة المنظمة" . بل إن رئيس اللجنة الاولمبية الاسترالية أكد مؤخرا أن قرار إسناد تنظيم هذه البطولة للهند قبل سبع سنوات "كان خطأ جسيما" ، وهو ما اعتبرته الهند "إجحافا في حقها ودعاية ممنهجة ساءت إلى سمعة البلد على المستوى الدولي". كما تسببت حوادث انهيار جزء من سقف ملعب "جواهر لال نهرو" الرئيسي الذي سيحتضن عدة منافسات من ضمنها ألعاب القوى ، إلى جانب انهيار جسر تابع له قبل نحو أسبوعين ، في فوضى عارمة واستياء عام لدى الدول المشاركة التي هددت بعضها بمقاطعة هذه البطولة. وتوالت انسحابات أبرز العدائين والرياضيين العالميين لأسباب مختلفة ، لتربك حسابات المنظمين الذين راهنوا على جعل الدورة التاسعة عشرة لألعاب الكومنولث "الأنجح في تاريخ المنافسة". وشملت هذه الانسحابات بطل العالم في القفز الثلاثي البريطاني فيليبس إيدو والعداءتين البريطانيتين ليزا دوبريسكي وكريستين أوهريوغو (مسافة 400 متر) ، والعداء العالمي والاولمبي الجمايكي حسين بولت ، وبطل العالم السابق في سباق الدراجات على الطريق النيوزلندي غريغ إندرسون والكندي ديتمار تريلوس رقم إثنين عالميا في مسابقة الرماية. وتزامنت هذه الانسحابات مع تحذيرات أطلقتها عدد من البلدان الغربية بشأن احتمال تعرض الهند لتهديدات إرهابية خلال هذه البطولة ، بعد حادث إطلاق نار استهدف حافلة للسياح الاجانب الشهر الماضي في نيودلهي وأسفر عن إصابة سائحين تايوانيين إثنين. وتأمل الهند في أن تشكل هذه البطولة واجهة تطل من خلالها على العالم الخارجي ، وتعكس مكانتها الحقيقية كقوة اقتصادية عالمية صاعدة ، وكبلد ينعم بالإستقرار في منطقة مضطربة .