بقلم خالد أبو شكري- لامي،أكبر مدن الأرخبيل الكيني الذي يحمل الإسم نفسه،الواقعة في المحيط الهندي،أضافت جديدا في مجال حرصها على الحفاظ على طابعها العريق،بتحديد تنقل العربات ذات المحرك داخل الجزيرة. يؤكد السيد محمد محازي نائب رئيس المهرجان الثقافي لجزيرة لامي،في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء،"لا نسمح إلا لسيارتين بالتنقل في مدار الجزيرة،لن يكون مسموحا لأي عربة ذات محرك بالتنقل فيها". فقد تم تصنيف لامي تراثا للإنسانية من قبل منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في 2001،بفضل نمط الحياة السوسيوثقافية،الذي احتفظ نسبيا بطابعه ولم يتغير منذ قرون. انها مدينة صارمة عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على تفردها وتراثها،وحيث تنساب الحياة حسب وتيرة هادئة ومرتاحة. ويوضح السيد محازي أن هذه المدينة،أعرق مدن كينيا،حافظت على حضارتها وسحرها الذي يعبق بالتاريخ،مما يجعلها تتفادى تعتيم صورتها كمكان هادئ محاط بالتلال والشواطئ اللامتناهية وشبه الخالية. بمنازلها المصنوعة من الصخور المرجانية والخشب،والمزينة بأبواب منحوتة،تتميز المدينة ببساطة أشكالها المنمقة بحدائق داخلية،ولكن أيضا بعض المباني الموروثة عن العهد السواحلي في القرن الثامن عشر. ويؤكد مدير المتاحف الوطنية بكينيا إيدل فرح،أنه "يجب النضال من أجل دعم والحفاظ على هذا الوضع المتميز"،وهو يعمل جاهدا من أجل ثني السكان عن بيع أراضيهم ومساكنهم للأجانب،الذين يخدشون بصمة هذا الإرث عبر بناء منازل للاصطياف. لا تلج السيارات إلى لامي،فقط يسمح لسيارة لجنة الحي وسيارة الإسعاف،بمقتضى قرار بلدي،بالتنقل على الطريق غير المعبد،على الرغم من أن مسؤول الحي "لا يحتاج في الواقع إلى السيارة،لكون المسافة بين منزله ومقر عمله لا تتجاوز 500 متر". كما أن الأزقة أضيق من أن تسمح بمرور السيارات،حيث تتم كل التنقلات على الأقدام أو على ظهر الحمير أو عبر المراكب الشراعية،وأيضا الزوارق بالنسبة للذين يعانون من ضغط الوقت. وينتقد السيد محازي "الموجة الجديدة" التي تجتاح هذه الجزيرة الهادئة،ويتعلق الأمر بالدراجات النارية والدراجات ثلاثية العجلات التي تستعمل كسيارات أجرة،ويبلغ مجموعها عشرة،من بينها ثلاثة تستعمل من طرف منتج الكهرباء ومسؤول الصحة ومجلس الجزيرة. ويعد "البوندا" (الحمار) الوسيلة الوحيدة للتنقل على الأرض الصلبة،حيث تحظى هذه الدابة الرمادية بكل "الاحترام"،كما تعد هذه الكائنات،التي يتراوح عددها ما بين 7 آلاف و8 آلاف،أكثر "سعادة" في هذا الجزء من البلاد،حيث تستفيد من العلاجات الطبية وسيارة إسعاف (عربة مجرورة) والتقاعد بعد سنوات طويلة من الخدمة. ويشكل تأمين نهاية حياته في أفضل الظروف الممكنة،مهمة الملجإ الذي خصص لهم من قبل المؤسسة الدولية لحماية الحمير. مطأطئة الرؤوس،تقتات هذه الكائنات الحرة،والتي لا يتم تقييدها بأي وسيلة كانت،على كل ما يوجد في الأرض،دون أن تتعرض لإزعاج الراجلين. وتعيش هذه الكائنات إلى جانب الإنسان،أمام البحر المواجه للقارة،الجزء الاكثر دينامية في الجزيرة برصيفها الذي يضم قوارب من اجل نقل السلع. كما تحظى بأنشطتها الخاصة ضمن برنامج المهرجان. وتنظم سباقات الحمير،التي تحظى بشعبية واسعة،إلى جانب سباقات القوارب التقليدية او الرقصات التقليدية،او قراءات الشعر والروايات والقصص الرومانسية التي تتحدث عن حفلات الأعراس كما عن الفلسفة في هذا المحور الأدبي الذي كان مزدهرا في السابق. وقد تحولت الجزيرة إلى خلية نحل منهمكة في تنفيذ برامج مهرجانها الثقافي (20 - 22 نونبر) الذي عاش هذه السنة تجربة جديدة. ففي فضاء أمسية حفل الافتتاح،نجحت المجموعة الموسيقية الشرقاوي بفاس،التي تضم موسيقيين ومغنيين،في إمتاع الجمهور بأغانيها المستوحاة من الربرتوار الغني والمتنوع للطرب الأندلسي. وأكد السيد محازي أن "هذه الأمسية كان لها أثر مباشر على التقارب بين الشعبين،ويمكن استنباط ذلك من التواصل بين الفرقة الموسيقية والجمهور الذي أطربته إيقاعات هذه الموسيقى الجميلة،والتي حملت الحاضرين إلى لحظات من السعادة".