شكلت الزيارة التي يقوم بها حاليا لبريطانيا الوزير المنتدب المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج السيد محمد عامر، مناسبة لإعادة تأكيد انخراط الحكومة لفائدة هذه الجالية، في إطار رؤية تتماشى أكثر مع المتغيرات الجديدة. وخلال لقاء انعقد مساء أمس الثلاثاء بلندن مع ممثلي الجالية المغربية المقيمة بالخارج، تطرق المسؤول المغربي لهذه السياسة، التي تعالج القضايا المرتبطة بالهجرة على أساس رؤية جديدة تستند، على الخصوص، على الاتصال المباشر والدائم مع المغاربة في أنحاء العالم. + الاتصال المباشر والتواصل الدائم مسألة حيوية + وأشار السيد عامر، في رحلته هذه الأولى لبريطانيا، إلى أن هذا الاتصال المباشر والتواصل الدائم، يبقيان القاعدة الأساس للسياسة التي تنهجها الحكومة، في معالجتها لمشاكل الجالية المغربية المقيمة بالخارج. وقال إن الحكومة انخرطت، بتوجيهات ملكية سامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في سياسة جديدة تأخذ بعين الاعتبار التغيرات التي عرفتها هذه الجالية خلال السنوات الأخيرة، مسجلا أن هذه التغيرات تفرض بقوة الواقع، مقاربة جديدة تستجيب لمتطلبات الحداثة وانتظارات الجالية. وقال الوزير، الذي لم يتوان عن التذكير ببرنامج الإصلاحات التي أطلقتها الحكومة في اتجاه التحديث والتطوير في جميع الميادين، إن بروز نخبة جديدة داخل الجالية المغربية، بات يفرض معالجة قضايا الهجرة بطريقة أخرى، اعتمادا على رؤية مستقبلية دائمة التجدد. واكد السيد عامر أن المغرب أصبح ورشا كبيرا، مشيرا إلى أن هذه الدينامية التي يشهدها المغرب تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تلامس جميع مظاهر الحياة داخل البلاد، بما فيها تلك التي تتعلق بالجالية المغربية المقيمة بالخارج. + الجالية المغربية المقيمة بالخارج ودورها الجوهري في بناء مغرب اليوم + وأشار المسؤول المغربي إلى أن أعضاء الجالية المغربية المقيمة بالخارج، باعتبارهم مواطنين مغاربة يتمتعون بكامل مواطنتهم، يضطلعون بدور جوهري في إطار هذه الدينامية التي تشهدها المملكة، مذكرا بتشبثهم الكامل والراسخ بوطنهم الأم. وقال السيد عامر إن الجالية المغربية، والتي تستحق كل الإشادة، تبقى "نموذجا للاندماج في بلد الاستقبال"، مسجلا أنها وعلى غرار مواطنيها في بلدان اخرى تشارك في مسلسل التنمية المتواصلة في المغرب. وأكد الوزير أن "لا أحد يمكنه أن يتجاهل أو يتغاضى عن دور الجالية المغربية المقيمة بالخارج وانخراطها لفائدة مصالح المملكة وتعبؤها للدفاع عن الوحدة الترابية، منوها بالتعبئة المتواصلة والنموذجية التي ما فتئت تبين عنها الجالية المغربية اليهودية المقيمة بالخارج وكذا تشبثها الراسخ ببلدها الأصل. + تعزيز الروابط مع المغرب ومواكبة الاندماج في بلدان الاستقبال+ واستعرض المسؤول أمام الحضور، برنامج الحكومة في ما يتعلق بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، وهو برنامج يستهدف تعزيز روابط هذه الجالية بالمغرب ومواكبة اندماجها داخل مجتمعات الاستقبال. وقال إن تعزيز روابطها بالوطن الأم يعتبر واجبا أخلاقيا، مشيرا إلى الأهمية التي توليها الحكومة لحماية الهوية الثقافية للمغاربة المقيمين بالخارج من خلال، على الخصوص، النهوض بتعليم اللغة العربية وتلقين تعاليم وقيم الإسلام. وقال الوزير إن عددا من المبادرات قد تم اعتمادها في هذا الاتجاه، مستحضرا تشجيع الجمعيات على الانخراط في هذه العملية. وأشار السيد عامر إلى أنه تم اتخاذ بعض الإجراءات ليستقبل المغرب خلال هذه السنة 600 شاب مغربي مقيم بالخارج مقابل 200 العام الماضي، وذلك في إطار برنامج يروم تمكين هؤلاء الشباب من الاطلاع أكثر على الخطوات التي قام بها المغرب لتعزيز توجهه كبلد حداثي ومنفتح ومتسامح وديمقراطي، موضحا أن الوزارة عازمة على فتح مراكز ثقافية مغربية في عدة دول. وذكر أن هناك مشاريع جارية في هذا الصدد في كل من بروكسيل وبرشلونة ومونريال وباريس وليبيا وتونس. وتم التطرق إلى هذه النقطة بالتحديد خلال المباحثات التي أجراها أمس الثلاثاء السيد عامر مع السيد جيمس هازبند عمدة كينسينغتون وتشيلسي، وهي منطقة تقع غرب لندن ويقطنها حوالي 10 آلاف مغربي. + تدابير تحفيزية لتشجيع المهاجرين المغاربة على الاستثمار بالمغرب + وعيا منها بأهمية إسهام الجالية المغربية المقيمة بالخارج في مسلسل التنمية بالمملكة، وضعت الحكومة سلسة إجراءات تحفيزية تروم تشجيع أفراد الجالية على الاستثمار في المغرب. وأشار المسؤول في هذا الصدد إلى إحداث صندوق لدعم استثمارات الجالية المغربية، وهي مبادرة تستدعي جهودا إضافية للتحسيس. وقال إن هذه الإجراءات ستشكل محور لقاء ستحتضنه لندن الخريف المقبل، مستحضرا تفاصيل بعض المبادرات الأخرى في مجالات السكن ومراجعة سعر الصرف ودعم المشاريع التي يقدمها أفراد الجالية المغربية، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية البعد الجهوي. + الكفاءات المغربية بالخارج، نخبة شاملة تعد بفرص كبيرة + أكد السيد عامر في هذا السياق أن بروز كفاءات مغربية في عدة أنحاء من العالم يتيح فرصا كبيرة يتعين على المغرب استغلالها. وقال إن عددا من الأطر المغربية المؤهلة، استطاعت أن تشق طريقها في عدة مجالات متطورة من قبيل المالية، مشيرا إلى أن من شأن هؤلاء الأطر الإسهام في قفزة التنمية الملموسة التي تشهدها المملكة. وسجل أن "الأمر يتعلق برأسمال حقيقي"، موضحا أن هؤلاء الأطر واعون بأن المغرب أصبح بلدا جذابا للاستثمارات ويرغبون في تقديم إسهامهم. ودعا الوزير أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج إلى الانخراط أكثر في الحياة السياسية في بلدان الاستقبال لتحقيق اندماج أكثر نجاحا والدفاع بنجاعة عن مصالح المغرب. وأضاف أن على النخب أيضا إبداء اهتمام متزايد في مجال العمل الاجتماعي لإعداد الأرضية للأجيال الصاعدة. وتميز لقاء أمس الثلاثاء، الذي شكل أيضا مناسبة لمناقشة عدة قضايا أخرى ذات طابع اجتماعي، بحضور أفراد الجالية المغربية ببريطانيا، بمشاركة الكاتب العام للجمعية المغربية البريطانية ورئيس جامعة الأخوين بايفران السيد ادريس أوعويشة. واستعرض السيد أوعويشة دور الجمعية المغربية البريطانية، التي تترأسها سفيرة المغرب ببريطانيا الشريفة للا جمالة العلوي، في مجال تعزيز روابط الصداقة بين المغرب والمملكة المتحدة. شارك في هذا اللقاء الذي وصفه عدة ممثلين للجالية المغربية ببريطانيا بالمثمر جدا والمهم، ممثلون عن سفارة وقنصلية المغرب بلندن.