قال أندريه أزولاي، مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس ورئيس مؤسسة «أنا ليند» للحوار الأورو - متوسطي، إنه متفائل وواثق في مستقبل بلده، مشيرا إلى أن «المغرب رسم معالم مستقبله، بوضوح وعزم في إطار دينامية الإصلاح والحداثة الهادئين». وأشار أزولاي، الذي كان يتحدث الليلة قبل الماضية، في محاضرة ألقاها بمقر «البريتيش كانسل» في وسط لندن، بعنوان «نظرة من الرباط: واقع جديد، وتحديات جديدة في منطقة الشرق الأوسط والمغرب العربي»، إلى أن المغرب دخل في دينامية الإصلاح منذ عقدين. وذكر أزولاي، بالخيارات الواضحة المعالم للتعددية واقتصاد السوق، التي انتهجها المغرب منذ بداية عقد الستينات من القرن الماضي، في الوقت الذي تبنت فيه عدة دول في المنطقة أنظمة سياسية تقوم على الحزب الوحيد والاقتصاد المخطط. وقال مستشار الملك محمد السادس، إن المغرب الذي يتميز بحضارته العريقة «ليس ببلد جديد داخل الساحة الدولية»، مؤكدا أن هذا التوجه يسمح باستشراف المستقبل بثقة وتفاؤل. وأبرز أن هذا المستقبل يتمثل في دينامية التغيير الجارية وفقا لنظرة مختلفة، ملاحظا أن المغرب له ما يكفي من التجارب والمصداقية والأدوات اللازمة للمضي قدما إلى الأمام. وحرص أزولاي، أمام أكثر من مائة شخصية من عالم السياسة والدبلوماسية وجامعيين وإعلاميين، من بينهم الأميرة للا جمالة العلوي، سفيرة المغرب لدى بريطانيا، وسفير بريطانيا لدى المغرب، تيم موريس، على إبراز «انسجام ومشروعية ووجاهة مشروع المجتمع الذي وضعه الملك محمد السادس خلال السنوات العشر الأخيرة، استنادا إلى خيارات تاريخية وأسس اعتمدها المغرب غداة الاستقلال». وبعد أن أشار إلى المنع الحكيم للحزب الواحد سنة 1961، وإلى اعتماد اقتصاد السوق, مرورا بحقوق المرأة ومدونة الأسرة المتقدمة، أكد أزولاي أن «قراءة واستيعاب الواقع المؤسساتي والسياسي والاجتماعي لبلدنا، ينبغي أن يتم انطلاقا من هذه الاختيارات الرائدة والجريئة». وذكر أزولاي، بعد أن أبرز التنوع والانفتاح اللذين ميزا المغرب على الدوام، بأن المملكة المغربية كانت أول بلد في المنطقة عمل على تكريس حقوق المرأة. وأشار إلى أن هذه المكتسبات المتعددة جعلت المغرب منسجما مع ذاته، ومكنت من بناء مجتمع منفتح ومرن وحيوي، قادر على استباق الإصلاحات. إلى ذلك، قال أزولاي إن التغيير الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يتيح فرصة لإعادة التفكير في الشراكة الأورو - متوسطية على نحو يجعلها أكثر إنصافا. وأضاف أزولاي أن «التاريخ يطرق باب أوروبا»، داعيا أصحاب القرار الأوروبي إلى استيعاب الواقع الجديد كتغيير واعد ل«مستقبلنا المشترك». وزاد قائلا إن أوروبا، بالنظر إلى علاقاتها المتعددة مع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مطالبة بأن تكون فاعلا نشطا في ظل هذا المعطى الجديد، معربا عن تفاؤله إزاء العالم العربي الجديد الذي بدأت تظهر ملامحه. وأشار أزولاي إلى أن الوضع الجديد في المنطقة يتيح الفرصة لإضفاء مصداقية جديدة على الشراكة الأورو - متوسطية, التي يجب أن تكون قائمة على تصور مشترك. وكان أزولاي عقد، أول من أمس، بلندن، جلسة عمل مع رئيس أساقفة كانتربوري، روام ويليام، الذي كان مرفوقا بمساعديه الأقربين. كما تباحث مستشار ملك المغرب، الذي كان مرفوقا بسفيرة المغرب لدى بريطانيا، مع سيمون فريزر، نائب وزير الخارجية البريطاني. ونشط أزولاي أمس محاضرتين بجامعة مانشستر، تمحورت إحداهما حول موضوع العلاقات التاريخية بين مدينتي مانشستر والصويرة منذ القرن الثامن عشر.